تبدو أزمة العدالة الاجتماعية في مصر أكثر وضوحا في مجال التعليم.. ذلك لأن مصر من بين البلاد القليلة التي تضم نظما متعددة ومتناقضة للتعليم. فهناك مدارس اللغات والأخري الدولية وهناك المدارس الحكومية والتجريبية وهناك الجامعات الخاصة والاكاديميات مقابل الجامعات الحكومية مما صنع خليطا عجيبا يؤدي في الواقع الي خلق شعب غير متجانس ومجتمع غير مترابط تطحنه الصراعات الاجتماعية الناتجة عن الظروف الثقافية المترتبة علي تعدد النظم التعليمية. من هنا يصبح من الضروري التوصل الي نظام تعليمي متجانس وأن تتاح الفرصة في المدارس الدولية والجامعات الخاصة لأبناء الفقراء المتفوقين والموهوبين عبر نظام المنح التعليمية. التحقيق التالي يتناول أبعاد قصة العدالة الاجتماعية في نظام التعليم المصري: بداية يؤكد د. فاروق اسماعيل رئيس جامعة الأهرام الكندية أن العدالة الاجتماعية تكفل التعليم حق لكل مواطن وعندما قال طه حسين التعليم كالماء والهواء كان محقا. وقال اسماعيل ان الدولة تضمن التعليم المجاني في كافة مراحله وبنص دستوري, وبالتالي الدولة سعت لتنفيذ هذا النص, لكن أصبح اليوم هناك عجز في امكانيات الدولة بحيث لا يتم هذا علي وجه جيد أو استكماله بجودة جيدة وهذا أدي الي التوجه الي التعليم الخاص مرفوع الأجر. وقال ان القلق الذي ينتاب الجميع هو أن يكون متفوقون وذوو مهارات وقدرات عالية لايستطيعون الالتحاق بالتعليم الخاص الذي يتسم بالجودة وهنا تكون المعضلة. وقال د. فاروق اسماعيل لابد من اتاحة المنح المجانية لهؤلاء لأنهم يمتلكون قدرات متميزة في التعليم والتحصيل وهذا وجه من اوجه تحقيق نوع من العدالة. واوضح أن الفئات الدنيا التي لها مهارات ضعيفة واستيعابها محدود لابد من توجيههم الي التعليم الفني لتعلم الحرف وبعض المهارات. وقال سنواجه بنفس المشكلة انه لاتوجد مدارس تعليم فني جيد باستثناء التعليم الفني المشترك والمدارس التي تعرف بمدارس' مبارك كول' ومن هنا يصبح فرض عين علي أصحاب الشركات والمصانع انشاء مدارس فنية جيدة المستوي لاستيعاب الطلاب غير المؤهلين للتعليم الثانوي العام, وهذا يحتاج دعما ماديا اذا كانت الظروف الأسرية الاقتصادية للطالب لاتكفي وأحيانا يحتاج الطالب تدبير معلمين ذوي مهارات خاصة في التعامل مع مثل هؤلاء الطلاب. وقال إن التعليم الجامعي مطلوب أن يكون هناك نسبة في الجامعات الخاصة في حدود10% لاستيعاب حالات الطلاب المتفوقين ومنحهم منحا كلية أو جزئية شريطة أن يتميز أو يتفوق الطالب في دراسته وألا تسقط عنه هذه المنحة. وقال ان جامعة الأهرام الكندية تتيح منحا جزئية لأبنائها العاملين في مؤسسة الأهرام دعما لهم, كما تتيح هذه المنح الجزئية للطلاب الذين لهم أخوة أو أخوات في الجامعة علاوة علي منح التفوق للحاصلين علي مجموع مرتفع في الثانوية العامة. وأكد أن الجامعة تنظر في حالات الكوارث التي قد تحل ببعض الطلاب أثناء العام الدراسي في الحدود التي تسمح بها امكانات الجامعة. وقال إن الذين يستفيدون جزئيا أو كليا في مجموعهم لايتعدي10% وان كنا قد وصلنا الي15% في بداية انشاء الجامعة. وقال د. اسماعيل عبد الغفار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري أن العدالة الاجتماعية بالأكاديمية موجودة منذ انشائها, حيث إن الأكاديمية ليست هادفة للربح, موضحا أن جميع أبناء العاملين بالحكومة المصرية يحصلون علي تخفيض10% وهو مالايوجد في أي جامعة خاصة. واوضح أن مايتم تحصيله من مصروفات الهدف منه انشاء معامل وقاعات دراسية وأن يتم الصرف منه علي الأبحاث والخدمات الطلابية. وأكد ان الأكاديمية ترعي الرياضيين المتميزين في كافة المحافل الدولية ويتم إعطاء منح لذوي الاحتياجات الخاصة, والمتميز فيهم يتم الاستفادة منه ليكون عنصرا فعالا في الأكاديمية وخارجها. وأكد أن من يتوفي والده أثناء الدراسة فان الأكاديمية تعفيه من المصروفات الدراسية تماما, وعند وفاة أحد الطلبة أثناء دراسته ترد كل المصروفات التي دفعها لأهله. وقال أن من بين المسئولية الاجتماعية التي تقوم بها الأكاديمية عمل مسابقة تضم800 طالب وطالبة لعمل أبحاث ويتم استضافتهم جميعا في نهاية العام الدراسي ويتم تقديم كافة الدعم لهم من معامل وضيافة لينتهوا جميعا من أبحاثهم وتصفيتها لتصعيد الأبحاث التي يمكن أن يستفيد منها المجتمع. وقال بدوي علام نائب رئيس مجلس الإدارة والمستشار القانوني لجمعية أصحاب المدارس بالجمهورية أن مشكلة التعليم تكمن في أن80% من مصروفات التعليم الخاص أقل من3 آلاف جنيه بينما تكلفة الطالب في المدارس الرسمية5 آلاف جنيه. واوضح أنه من المفترض ان تدعم الدولة الطلاب بأي طريقة للحصول علي تعليم جيد سواء في المدارس الحكومية أو الخاصة, في اشارة الي أن القرار الأخير باعفاء أولياء امور الطلاب في المدارس الحكومية من المصروفات المدرسية ليس لها تأثير فعلي علي العملية التعليمية بل هي عبء كبير علي ميزانية الدولة حيث إنها تكلف خزينة الدولة7.5 مليار جنيه. وقال كان من الأولي أن يتم تدعيم الطلاب بشكل فاعل وعملي أكثر من ذلك لتطوير العملية التعليمية ولكي يستفيد الطلاب خاصة المتفوقين منهم. وقال إن المدارس الخاصة لايمكنها تخفيض المصروفات لأنها محسوبة كتكلفة تعليمية للطالب ولا يوجد دعم حكومي للطلاب بالمدارس الخاصة, لكن من الممكن تخفيض مصروفات الطلبة المتفوقين والمعاقين والأيتام بنسب تصل الي50%.