من الصعب أن تكون للصحفى تجربة فى أى جهة حكومية دون أن تدفعه إلى كتابة سطور نقدية، تندد بالسلبيات ولاتنكر الإيجابيات ..رحلة ما بين وحدتى مرور فيصل وبين السرايات لتجديد رخصة القيادة كشفت عن الآتي: عملية تطوير واضحة للدور الأرضى بمرور فيصل طالما طالبنا بها من قبل.. المكان اصبح اكثر تنظيما والشبابيك تعلوها لافتات واضحة بالتخصص والمهام، وأماكن الانتظار والمقاعد المخصصة للمواطنين تبعث على الراحة النفسية والجسدية، ولكن للأسف الصورة لم تكتمل،إذ طالها التشويه فى أهم جزء يتردد عليه طالبو التراخيص سواء لرخص القيادة أو السيارة ، ألا وهو مقر نيابة المرور المنوط بها استخراج شهادات المخالفات.. فهو لايزال فى مكانه اشبه ببدروم ضيق بلا نوافذ أو تهوية مما يجعل مهمة المروحة المتهالكة المعلقة فوق رءوس الواقفين شبه مستحيلة لمنع الاحساس بالاختناق سواء من الرطوبة والحر الشديد أو من رائحة المراحيض، لماذا يظل هذا الجزء الذى يقع خارج الوحدة أسفل الكوبرى دون تطوير.؟. والأهم لماذا يغلق بابه الحديدى بالجنازير فى حوالى الحادية عشرة صباح يوم الخميس، بحجة أن الغد عطلة والعمل نصف يوم رغم أنه مصدر لدخل كبير ( المخالفات ) ؟ وفى يوم السبت تأكد أن عدم التطوير ليس فقط للشكل الخارجى وإنما كان للمضمون نصيب كبير، فعلى الرغم من طول طابور الواقفين منذ الصباح الباكر والممتد حتى الشارع إلا أن جملة ( السيستم واقع ياجماعة ) ظلت تتردد على آذانهم أكثر من ساعتين بعدها صدر القرار بصرف الموجودين دون أى مبالاة بالوقت المهدر والطاقات المستنزفة. فى مرور بين السرايات تبدو امكانات تقديم الخدمة أقوى وأسرع مهما كان الزحام، فالطوابير تنتهى فى دقائق والعمل يمتد فى استخراج شهادات المخالفات لفترة مسائية بعد العصر مما يلبى احتياجات الموظفين أو المواطنين الذين يبحثون عن خدمة بلا زحام وبعد ان تهدأ حرارة الشمس، ولكن المكان يفتقد تماما لأبسط قواعد النظافة، فالطبقات الكثيفة من التراب تغطى كل شيء بدءا من السلالم والطرقات أو المكان المخصص للانتظار.. وكان الشيء الذى استرعى اهتمام وتعليق معظم الواقفين هو مجموعة الكراسى الموجودة أمام شبابيك الخدمات وهى إما متهالكة أو هابطة لدرجة قربها من الأرض أو مائلة للأمام أو الخلف،تساءل أحدهم وهو ينتظر المناداة عليه لتسلم الشهادة : المرور يحقق دخلا كبيراً فلماذا لاينفقون القليل على التطوير ؟ تنتهى رحلة التجديد بانتظار دور التصوير وهو مكان بالطابق العلوى بمرور فيصل يعلوه التراب ويجلس المنتظرون داخله يتصبب من جباههم العرق الشديد يسألون الموظف الذى يتكرر دخوله وخروجه من غرفة التصوير عن سبب عدم تشغيل مروحة السقف ،فيجيبهم وقد ضاق صدره من كثرة السؤال: عطلانة ياجماعة ..الانتظار هنا يطول كثيرا ليس بسبب الدور وإنما بسبب توافد أشخاص كل حين وآخر يدخلون مباشرة إلى غرفة التصوير دون انتظار أو جلوس فى المربع الخانق مثل الباقين .. انتهت الرحلة بتسلم بطاقة صغيرة بها صورة باهتة جدا لايمكن تمييز ملامحها أو التأكد من هويتها.. ولكن هنا لا أحد يهتم بصورته ولا بالرخصة التى طارت منها أول أحرف كلمة «جمهورية» عند قصها .. مشيت وكنت اود ان أعود لأوجه الشكر لموظفة الشباك بالدور الثانى التى لم تفارقها الابتسامة وهى تنهى اوراق الواقفين وتصر على ألا تستمع لطلب زميلها بإعلان انتهاء وقت العمل قائلة له: لا يصح صرف الواقفين دون انهاء مهمتهم .. فالإيجابيات لا تنسى .. والسلبيات نتمنى أن تختفى قبل أن أعود لهذا المكان مرة أخري.