«مدبولي»: حرصت مصر على استقلال المركزي للمحاسبات وأداء مهامه على أكمل وجه    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    «مدبولي»: مصر تهدف للتحول الرقمي والاعتماد على الذكاء الاصطناعي    دعوة فى تابوت فرعونى.. عالم آثار يابانى يتلقى دعوة لحفل افتتاح المتحف الكبير    البورصة توقف التداول على سهم بلتون القابضة.. والشركة تؤكد التزامها بالشفافية واستقرار مركزها المالي    وزارة الصناعة تطلق موقعاً إلكترونياً جديداً لتعزيز التواصل مع المستثمرين    المعارك القادمة أشد اشتعالًا، توفيق عكاشة يحذر 7 دول بالشرق الأوسط من حروب طاحنة    كوريا الجنوبية تستقبل ترامب بتاج ذهبى وحلوى صانع السلام وكركديه.. صور    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    عشرات شاحنات المساعدات تغادر معبر رفح البري متجهة إلى قطاع غزة    موسكو: اعتراض 100 طائرة مسيرة أوكرانية    رقمان تاريخيان ينتظران صلاح أمام كريستال بالاس    باريس سان جيرمان يستهدف خطف جوهرة برشلونة مجانا    تأجيل محاكمة 18 متهمًا في قضية نشر أخبار كاذبة ل31 ديسمبر    الأرصاد الجوية: طقس خريفي معتدل نهارًا ومائل للبرودة ليلًا على أغلب الأنحاء    السيطرة على حريق محدود داخل معرض فى التجمع    إصابة شاب فى حادث تصادم موتوسيكل وتريلا بقنا    سيدة تحاول إشعال النيران في نفسها بالمحلة الكبرى    سفير تركيا لدى مصر: المتحف المصرى الكبير تجسيد حى لعظمة التاريخ المصرى    شمس البارودي تنشر السيرة الذاتية لزوجها حسن يوسف في ذكرى وفاته    شاشات عرض كبرى بالشرقية لنقل مراسم افتتاح المتحف الكبير    وزير الصحة: نستهدف جعل مصر ضمن أبرز 10 وجهات عالمية للسياحة الصحية    التعامل مع الطفل العنيد أثناء المذاكرة: بين الصبر والذكاء التربوي    مرتجي: ضحيت بمنصب نائب الرئيس من أجل الأهلي    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    نجاح المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي، السيسي: مصر ستظل دوما أرض السلام والتسامح    جامعة القناة تنظم ندوات حول الأنشطة المالية غير المصرفية للطلاب    تحصين 421 ألف رأس ماشية ضد الحُمّى القلاعية و الوادى المتصدع فى 3 أيام    ننشر مواعيد تشغيل مترو الأنفاق والقطار الكهربائي في التوقيت الشتوي    شاب مدمن للمخدرات يعتدى على والدته بسكين لرفضها منحه أموالا فى الفيوم    وزير التعليم العالي يشارك في مؤتمر Going Global بلندن ويجتمع مع الطلاب المصريين الدارسين بالمملكة المتحدة    عودة الساعة القديمة بدءًا من غد.. التوقيت الشتوي رسميًا وتأخير العقارب 60 دقيقة    يد - موعد مواجهة مصر وإسبانيا في نصف نهائي بطولة العالم للناشئين.. والقناة الناقلة    لغز وجود فنانة غامضة في افتتاح المتحف المصري الكبير يثير حالة من الجدل    مواقيت الصلاة بمطروح اليوم الأربعاء 29 أكتوبر    نقيب القراء يرصد خطأين في التلاوة للقارئ أحمد نعينع شيخ عموم المقارئ    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    القنوات الناقلة لقرعة ربع نهائي كأس الملك السعودي.. والموعد    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    بالدموع والإيمان.. ربى حبشي تعلن عودة مرض السرطان على الهواء مباشرة    استشاري صحة نفسية: الأم المدخنة خلال الحمل تزيد احتمالية إصابة طفلها ب فرط الحركة    بلد السلام    قصائد تتغنى بالشارقة والذات في بيت الشعر بالشارقة    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    سوزي الأردنية تواجه أول حكم من المحكمة الاقتصادية    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الأربعاء 29 أكتوبر    عاجل- 40 رئيسًا وملكًا ورئيس حكومة يشاركون في افتتاح المتحف المصري الكبير    اليوم.. الأهلى يتحدى بتروجت من أجل "صدارة" الدوري    الناخبون فى هولندا يدلون بأصواتهم بانتخابات برلمانية مبكرة    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    جواهر تعود بحلم جديد.. تعاون فني لافت مع إيهاب عبد اللطيف في "فارس أحلامي" يكشف ملامح مرحلة مختلفة    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    فشل محادثات السلام بين باكستان وأفغانستان في إسطنبول    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    رسميًا.. موعد امتحان 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف (الرابط المباشر)    تدريب طلاب إعلام المنصورة داخل مبنى ماسبيرو لمدة شهر كامل    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانسحاب الأمريكى من مجلس حقوق الإنسان فى السياق التاريخى

لاخلاف فى أن انسحاب دولة عظمى من مؤسسة دولية كالمجلس الدولى لحقوق الإنسان من شأنه الإخلال بدور هذه المؤسسة فى أداء مهمتها فى المجتمع الدولى والإضعاف من التزام الدول الأطراف فى الالتزام بقراراتها. وقد يثير التأمل فى المواقف العديدة للولايات المتحدة من قضايا هذا المجلس التساؤل حول ما كان لأمريكا من دور إيجابى أو منصف فى مجال قضايا حقوق الإنسان. فإذا كانت هذه المواقف سلبية فى هذا الصدد فقد يكون مثل هذا الانسحاب أخف ضررًا على نشاط المجلس من بقائها عضوًا به، وشلِّه عن أداء دوره.
وإذا ألقينا نظرة شاملة على مسلك الولايات المتحدة منذ نشأتها فى مجال حقوق الإنسان تكشف لنا ما احتوى عليه هذا المسلك من إهدار لآدمية الإنسان. فليس بخافٍ فى الآونة الحالية ما سيصيب العالم من كوارث حالا ومستقبلا من النشاطات العديدة الضارة للبيئة، ولذلك اجتمعت الدول مرارًا للبحث عن ضرورة الحد من هذه الأضرار كما هو معلوم قبل أن تتفاقم وتعصف بمصير البشرية جمعاء. وقد تم عقد مؤتمر دولى مصيرى فى الآونة الأخيرة لهذا الغرض غير أن الولايات المتحدة رفضت الاشتراك فيه خوفا من الإضرار بنشاطها الصناعى الملوث للبيئة. كما انسحبت الولايات المتحدة من المحكمة الجنائية الدولية بعد إسهامها فى إنشائها فى أوائل هذا القرن خشية تقديم مرتكبى جرائم الحرب الأمريكيين بالعراق وفى غيرها أمام هذه المحكمة، خاصة وأن جرائم الحرب لا تسقط بمضى المدة.
وليس بمستغرب أن تواصل الولايات المتحدة الانسحاب من كل المنظمات الحقوقية والثقافية الدولية الساعية إلى إنقاذ شعوب العالم من التخلف والدمار المادى أو المعنوي. وقد يصل الأمر إلى الانسحاب من الأمم المتحدة نفسها.
كذلك من أهم الأدوار التى حرصت الولايات المتحدة على أدائها هى تمكين إسرائيل من الاستيلاء على أراضى فلسطين، والتخلص من شعبها لإحلال يهود العالم محله، فقد شهدنا الولايات المتحدة تتخذ مواقف مخالفة لمبادئ القانون الدولى الأساسية والمواثيق الدولية الملزمة غير عابئة بالرأى العام العالمى وبالنتائج المروعة لتلك المواقف التى تشكل فى حقيقة الأمر جريمة إبادة جماعية بطيئة ناجمة عن القتل الجماعى العشوائى للرجال والنساء والأطفال وحرمانهم من مصادر المأكل والمشرب بل وهدم منازلهم وغير عابئة كذلك بأن مثل تلك الأفعال تفاقم ظاهرة الإرهاب فى المجال الدولي. ويجدر التذكرة كذلك بدور الولايات المتحدة فى إنزال الخراب بالعراق وإهدار آدمية شعبه والسعى لتقسيمه وتفتيته كبداية لتفتيت باقى شعوب العالم العربى الأخرى ومنها الشعب المصرى بمشاركة الإخوان المسلمين. كذلك يجب ألا ينسينا مرور الزمن ما حاق بالشعب اليابانى من دمار وخراب إثر إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما ونجازاكي. ويكفى مراجعة سريعة لقرارات مجلس الأمن الدولى خلال سبعة عقود ماضية للتحقق من مخالفات الولايات المتحدة الجسيمة للمبادئ الأساسية للقانون الدولى والأحكام الآمرة للمواثيق الدولية، مما ينفى عن تلك المبادئ والمواثيق أية مصداقية.
وبإلقاء نظرة على المستقبل يتبين لنا خطورة النتائج التى يقود إليها مثل هذا المسلك بالنسبة للعالم أجمع. ويثور السؤال حول من يملك تصحيح هذا المسلك والحد من عواقبه الوخيمة. وقد يتسنى لبعض الدول الكبرى التخفيف من وطأة مسلك الولايات المتحدة الضار بها كما قد لا تتوانى المجموعة الأوروبية عن اتخاذ إجراءات مضادة حماية لمصالحها. غير أن هناك من الآثار الناجمة عن مسلك الولايات المتحدة ما يمس حياة الكون بأسره ومن ثم لن يتيسر لدولة أو مجموعة من الدول التصدى له، ومن أهم الأمثلة على ذلك مسلك الولايات المتحدة بشأن تدهور البيئة ومسلكها بشأن تجارة السلاح على المستوى الدولى والمزايدة فيه وتعزيزها.
لا شك أن أول من يملك تصحيح المسلك بالنسبة لمثل هذه الحالات هو شعب الدولة الأمريكية ذاته وقد بدأت العديد من فئات هذا الشعب رفض أسلوب الرئيس الأمريكى الجائر فى العديد من الأمور. غير أنّه من الصعب الركون إلى جهود الشعب الأمريكى وحده للقيام بتعديل مسلك حكومته، وذلك بسبب ما لأصحاب القوة الاقتصادية والرجعية من مصالح. إن العديد من الأخطار التى تهدد العالم هى أشبه بالقنبلة الوقتية بل والذرية التى لا تحتمل الانتظار ومن ثمَّ فإنَّ العبء الرئيسى يقع لا محالة فى نهاية الأمر على دول العالم أجمع للتكاتف ضد المسلك الأمريكى ومثال ذلك ما تم بالفعل من الموقف العالمى بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وتزداد ضرورة هذا التكاتف مع ازدياد الخطر كما هو الحال بالنسبة للعواقب الرهيبة لتدهور البيئة التى لن تنجو منها دولة. كذلك يتعين عدم الاستهانة بخطورة المخالفات الجسيمة للمبادئ المستقرة فى القانون الدولى والاحكام الملزمة للمواثيق الدولية على كل دول العالم بما فيها الدول التى لم يمسها ضررٌ بعد، ويجدر التذكرة فى هذا المقام بالقصة الشهيرة فى كليلة ودمنة التى تتلخص فى مقولة الثور الأحمر: قًتلت يوم قتل الثور الأبيض.
ولا مغالاة فى أن نؤكد بصفة خاصة وجوب تضامن الدول عن طريق الأمم المتحدة أو غيرها لوقف الإبادة الجماعية البطيئة للشعب العربى الفلسطيني، إذ فضلا عن أن ذلك يشكل ما يعرف بجريمة الجرائم الدولية فإنه يفتح الباب لتكرار ذلك فى أماكن أخرى فى العالم. ولا يجهل العالم ما قامت به تركيا من إبادة للأرمن والتى شكلت سابقة سهلت تكرارها بعد ذلك كما شهدنا بالنسبة لإبادة مدن بأسرها فى البوسنة. وكان من أهم الدوافع لارتكاب هذه الإبادة اعتبار سكان هذه المدن من أصول تركية، كما صرح بذلك من قدموا للمحاكمة من جنود الصرب أمام المحكمة الدولية لجرائم الحرب.
لقد أصبح العالم فى الحقيقة قرية كونية تشكل جسدًا واحدًا يمكن تشبيهه بجسم الإنسان الذى يؤدى إصابة أحد أعضائه إلى خلل فى الجسد كله.
لمزيد من مقالات ◀ د. فؤاد عبد المنعم رياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.