بينى وبين الزميل أسامة داود حساب عسير، لن تنفعه فيه أربع حجات، وأكثر من سبع عمرات متتالية، شد فيها الرحال إلى بيت الله الحرام، منذ أن كان مسئولا عن لجنة الحج والعمرة فى نقابة الصحفيين، لكن ذلك لا يقلل بأى حال، من أن يثمن المرء تلك الحملة الصحفية التى صاغها باحترافية، دفاعا عن واحد من أكبر الصروح الطبية، التى بنيت بتبرعات المصريين ومن دماء قلوبهم، على مدار أكثر من عقدين من الزمان، قبل أن يتحول هذا الصرح الكبير، إلى أحد أهم وأكبر المراكز الطبية المتخصصة فى علاج السرطان فى مصر والشرق الأوسط. لم تكن الحملة التى بدأها داود، حول مستشفى 57357 لسرطان الأطفال، ولقيت صدى واسعا فى أوساط سياسية وصحفية، تستهدف بالطبع، أن يفقد الناس الثقة فى هذا الكيان العملاق، كما أنها لم تستهدف أيضا صرف آلاف بل ملايين المتبرعين من مصر والوطن العربى، هؤلاء الذين أغدقوا على المستشفى بتبرعاتهم وزكوات أموالهم، عن التبرع للمستشفى حتى يواصل مسيرته، بعيدا عن أى تعقيدات روتينية، أو الانتحار وسط أوراق الميزانية المخصصة لوزارة الصحة فى الموازنة العامة للدولة، وإنما كانت تستهدف أن يستمر فى تقديم دوره، لخدمة كل أطياف الشعب المصرى دون تمييز. وحسنا فعلت غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، التى أصدرت قبل نحو أسبوعين، قرارا وزاريا يقضى بتشكيل لجنة لفحص أعمال المستشفى، تضم فى عضويتها ممثلين عن الجهاز المركزى للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية، وما عرفته هو أن اللجنة بدأت بالفعل فى مراجعة شاملة لأوجه الإنفاق فى المستشفى، ومراجعة ميزانياته على مدار السنوات الخمس الأخيرة، فضلا عن فحص محاضر مجلس الأمناء، ومراجعة المصروفات والإيرادات، وأوجه صرف أموال المؤسسة التى تلقتها عبر التبرعات والهبات والمنح وغيرها، إلى جانب مراجعة كل التعاقدات للتأكد من سلامة الإجراءات. على موقعه الإلكترونى أعلن البنك المركزى منتصف الأسبوع الماضى، أنه لن يسمح للبنوك المصرية، بفتح حسابات للجمعيات الأهلية، إلا بعد حصول الأخيرة على ترخيص من وزارة التضامن الاجتماعى، ولعلها خطوة متأخرة، لكنها جاءت فى وقتها المناسب، لتضع النقاط على كثير من الحروف، خصوصا فيما يتعلق بقضية تمويل كثير من هذه الجمعيات، وبعضها استخدم فى فترات معينة كحصان طروادة، وكأبواب خلفية لتمويل العديد من النشاطات المشبوهة فى مصر، وفى ذلك كلام كثير يمكن أن يقال، عن ملايين الدولارات التى دخلت البلاد فى العقدين الأخيرين، تحت مسمى دعم منظمات المجتمع المدنى، وكيف كانت تلك الأموال سببا فى امتلاء كروش المئات بالمال الحرام. يستحق الزميل أسامة داود الشكر على حملته، التى أعادت فتح هذا الملف الشائك والمليء بالألغام والمتفجرات، ولتكن تلك الحملة هى البداية، لأن تستعيد الصحافة فى مصر دورها الغائب منذ سنوات، فى الرقابة والمساءلة، باعتبارها عين الشعب الحارسة، والأمينة على مصالح الوطن. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد أبو المعاطى