الحياة قرارات واختيارات وليست ظروفاً.. وما بين القرار والآخر مصير يتشارك في صياغته الكثير؛ حسابات وأفكار وأشخاص قد يمنحونا اختيار قرار الحياة الصائب أو التأقلم كالضفدع المغلي. ليتنا مثل الطيور؛ إذا ضاقت بنا الأرض حلقنا في السماء وإلى مكان آخر ذهبنا.. أخذتني هذه الجملة وطارت بي بعيداً عن كل من حولي عندما سمعتها من أحد أصدقائي، وقتها داعبت الأسئلة فكري بشكل هستيري؛ هل حقاً الطيور لديها رفاهية التحليق من مكان لآخر، والقدرة في معرفة وقت التحليق والنزول في المكان المناسب، وإن كنا حقاً قد ضاقت بنا المعمورة هل سنجيد اختيار القرار الصائب ونحن بين السماء والأرض؟! حلقتُ بعيداً مع هذه الأسئلة في بضع ثواني ورجعتُ مجدداً بين أصدقائي، الذين تقابلت معهم الأسبوع الماضي بعد أن منحت ظروف كل منا اختيار وقت ومكان اللقاء.. لكن بعد عدة سنوات غيرت من أشكالنا و ملامح حياة كل منا الكثير.. بعد السلام ومعايشة لحظات الحنين، أخذنا التعرف علي تفاصيلنا الجديدة؛ أحمد خريج كلية فنون جميلة قسم تصوير أصبح مطربا يخطو خطواته الأولى في الشهرة بعد أن قدم استقالته من الشركة التي كان يعمل بها، رغم أن الجميع كان يرى أنه كان ناجحاً في عمله، وعند سؤاله كيف اتخذ هذا القرار الجريء، أجاب "تخليت عن مرض الحسابات" الذي أضاع سنوات من عمري تارة يُخيفني على أسرتي وتارة المستوى الاجتماعي إذا تركت العمل الروتيني الذي لا أريده، انطلقت واخترت رغم الظروف والحسابات أن أبدأ من جديد. وأعمل ما أُحب، ساعدتني أمي وزوجتي كثيراً في هذه المرحلة على التحمل واتخاذ القرار الذي منحني ما أنا عليه الآن". كان أحمد يتحدث وصديقنا وائل صاحب نظرية التحليق كالطيور التي خطفتني لوهله ينظر للجميع نظرات غريبه حتى انطلق منه الكلام: هل يعلم أحد هنا مصطلح "الضفدع المغلي"؟!.. إنها قصة شائعة ترى أن الضفدع سوف يقفز فوراً عندما يوضع في ماء حار، أما إذا وضع في الماء وهو معتدل الحرارة ثم تم تسخين الماء ببطء فإن الضفدع لن يقفز وسيبقى في الماء حتى بعد ما أصبح حاراً لأنه لم يشعر بالخطر التدريجي الحاصل وبذلك يموت عندما تبلغ درجة حرارة الماء قدراً مميتاً.. أقدم للجميع نفسي؛ أنا الضفدع المغلي الذي وضع في إناء يجهله ليعمل ما لا يحب ولم تمهله الظروف حرية اتخاذ أي قرار في الحياة ليقفز وينجو بحياته قبل ارتفاع الحرارة.. ليتني مثل الطيور". ليتنا نعلم أن كل منا يصبح حسب قدرته علي أتخاذ القرار؛ فبالرغم من الصياغات المختلفة التي تشكل المصير إلا أننا أصاحب القرار في أن نكون أما كالضفدع المغلي أو كالطير المحلق. [email protected] لمزيد من مقالات مى إسماعيل;