نعتب علي الجاني ولم ندرك اننا نقتل الضحية واسرته الف مرة بعد الوفاة...قبل ان تنشر أخبار وصور وتسترسل في التحليل وانت بين احبابك تذكر ان للميت حرمة ولأهله الأحياء قلب ينبض دما علي الفراق ...قبل أن تشتهي وجع الأخر فقط تذكر وانت داخل الصورة ليس خارجها ... وأنا صغيرة كنت أنظر للسماء وما بها من طيور محلقة في الفضاء الفسيح، أحسد كل طائر يملك أجنحة تحمله لبعيد حيث يشاء من مكان لمكان وعندما كبرت عشقت التحليق في الفضاء والسفر من مكان لمكان أكثر وأكثر؛ كنت أحسد طاقم الطائرة لانهم مثل الطيور التي كنت أراها في الصغر، تحلق من هنا لهناك لتري الكثير، كنت أحسد هذه الطيور التي علي متن أي طائرة حتي جاء اليوم الذي جعلني أنظر بشكل مختلف تماماً؛ عندما كادت الطائرة التي تحلق بي أن تسقط.. وقتها عشت لحظات بعمري الماضي والآتي بأكمله.. لحظات لا توصف شريط الحياة بأكمله أمام عينيك بينما كانت الخلفية الموسيقية صراخ و بكاء، منا من يصلي والأخر يقول الشهادة؛ صمت يتبعه صراخ وكلمات بلغات مختلفة. لحظات في الهواء غيرت تفكيري علي الأرض، لم أكره التحليق ولكني أدركت الإحساس وأنت معلق بين السماء والأرض ولا تعرف النهاية.. أحمد الله ان النهاية وقتها كانت بين أحضان أمي علي الأرض. عزاء بلا جَثَامِين لأبطال عاشوا لحظات لم نعشها نحن لكن العجيب أننا بمجرد سماع خبر سقوط طائرة مصر للطيران وانهالت علينا الكثير من القصص لمن كانوا في الطائرة قبل واثناء الحادث، وتحليل لما حدث وصور تنتهك حزن أُسر لم تكن تعرف مصير ذويها. بقدر ما أعشق التحليق في السماء بقدر ما أكره التحليق فوق أحزان الأخرين لكسب سبق او عطف او لتشويه صور.. عزيزي الصحفي أو صاحب القدرات الخاصة علي صفحات التواصل الاجتماعي قبل أن تعرض رؤية وتحليل وابعاد ما وراء الاحداث ضع نفسك مكان الأخر قبل أن تشتهي أوجاعه...اللهم أرحم الضحايا واقبلهم عندك واجعل لحظات الرعب والفزع قبل النهاية كفاره لهم والقي في قلوب أسرهم الصبر يا أرحم الراحمين. [email protected] لمزيد من مقالات مى إسماعيل