رحلة الحياة تحمل لنا الكثير بين تفاصيلها؛ وبين اللحظة والأخرى هناك الكثير من التفاصيل التي تجعلك تنظر بشكل أعمق في طريق الحياة وتدرك طعم وقيمة الرحلة...وبين تلك التفاصيل كوبري أكتوبر. كل يوم أستخدم كوبري أكتوبر مرتين علي الأقل بحكم عملي في وسط المدينة، لكني لا أدري لماذا في هذا اليوم تحول الكوبري بالنسبة لي إلي رحلة حياة بها الكثير من المشاهد المختلفة والشخصيات التي تسرد بكلمتها وتحركاتها تفاصيل سيناريو رحلة من رحلات الحياة . علي مطلع الكوبري زحام شديد، سيارات فارهة وأخري قديمة الكل يريد أن يمر في نفس اللحظة قبل الأخر، وبينما يختلس كل منا اللحظة يظهر فارس علي عجلة صغيرة يرمق الكل بنظرة فخر ممزوجة بسخرية وهو يقتحم الكوبري ويسير بين السيارات بمنتهي السلاسة والثقة. وبين اللحظة والأخرى تظهر تلك الطفلة الصغيرة علي مطلع الكوبري لتعبث داخل عقلك أسئلة مختلفة كلما تعلقت تلك الفتاة الصغير بالسيارات من أجل أن تأخذ من المال ما تريد...هل هذه فقيرة حقا أم ان هناك من يستخدمها باسم الفقر؟! وفي تلك الحالتين ما هو الحل ومن هو المسؤول ...أسئلة كثيرة دارت في عقلي استيقظت منها علي صوت أحد الرجال خارج من أحدي السيارات الحديثة يقول "الله يسهلك يا بنتي ..ابعدي بقي عن العربية تموتي كدا وملكيش ديه" وبعدها أخذ يغني " خلاص فهمتك يا دنيا وعرفت ماشيه ازاى ووعد منى يا دنيا لتشوفى وبكره جاااى..." كلما ضاق بك الحال علي الكوبري ونظرت إلي أعلي تجد الطيور تحلق في الفضاء الرحب دون أن تتزاحم من يصل قبل الثاني، وبينما ينطلق نظرك للسماء مع الطيور يستضم بخمس رجال حفاه الأقدام معلقين علي قطع من الحديد الساخن...معلقين بلا أي وسيلة من وسائل الأمان كل هذا من أجل وضع الإعلان الجديد؟! وبعد وقت ليس بالقليل سارت السيارات علي جانبي الكوبري علي اليمين زفة عروس وعلي اليسار سيارة نقل موتي تسير في حزن...وبينما كنت أفكر في عمق اللحظة ..الكل علي نفس الطريق بين صعود وهبوط سمعت صوت صراخ، اعتقدت في أول الأمر أنه من جهة سيارة نقل الموتى لكن أتضح لي بعد ذلك انها فتاة في مقتبل العمر تصرخ بعد ما سرق منها أحد المجهولين بعجلته البخارية السريعة التليفون المحمول وهي تتحدث من داخل سيارتها علي الكوبري وذهب مع الريح دون أن يمسك به أحد؟! ... الكل أكتفي فقط بقول " الله يعوض عليكي...الحمد لله انك بخير"، بعدها قفلت زجاج السيارة ووضعت كل أشيائي داخل الحقيبة. وبعدها أخذت أبحث داخل الحقيبة عن أي شيء يداوي الجوع الشديد.. لكني لم أجد شيئاً فأخذت أحلم بنهاية الكوبري والوصول للمنزل، صرت أحلم حتي اصاب الجوع الأمنيات أيضا من طول الانتظار، وأصابتني الدهشة عندما وجدت علي رصيف الكوبري رغيف خبز ملقي وسط الزحام وفي قلبة بقايا سجائر؟! علي أول الكوبري انسان يبحث عن لقمة خبز وفي نهاية الكوبري الخبز يستجير من أفعال الانسان ... الكل طالع علي الكوبري وفي انتظار النزول من الصغير للكبير ومن الغني للفقير، مهما طالت الرحلة في نهاية، بس أوعي تنسي انك أنت ضمن تفاصيل الحكاية ...