سواء كانت القرارات التي اتخذها الرئيس مرسي بإحالة المشير طنطاوي ورئيس أركانه الفريق سامي عنان وعدد آخر من قادة القوات المسلحة إلي التقاعد, تمت بالتوافق مع أعضاء المجلس العسكري الأعلي كما يقول بعض أعضائه, أم أن القرارات كما يقول أحد المستشارين القانونيين للرئيس مرسي جاءت مفاجئة للجميع الذين لم يكن أمامهم خيار آخر سوي قبولها وتنفيذها احتراما للشرعية السياسية التي تبقي دائما الأكثر قوة ونفاذا في مصر, فإن المهم في الحالين ألا تمس هذه القرارات وحدة المؤسسة العسكرية المصرية أو تنقل الخلاف العميق والاستقطاب الحاد الموجود علي الجبهة المدنية بين مؤيدي الرئيس مرسي ومعارضيه الي داخل مؤسسة الجيش, لأن مضاعفات مثل هذا الانقسام تحدث ضررا بالغا بمصالح الوطن وأمنه القومي. والواضح حتي الآن أن المؤسسة العسكرية المصرية التي تتسم بالاحترافية العالية حافظت علي وحدتها وتعايشت مع هذه التغييرات التي نقلت قيادة الجيش الي جيل جديد من حقه الكامل أن يغسل يده من أخطاء المرحلة الانتقالية التي مست مكانة المؤسسة في نفوس كثيرين كانوا يفضلون أن تبقي المؤسسة العسكرية موضع إجماع وفخار الجميع, لا يلحق بها أي من صور الانتقادات القاسية التي وجهت للعسكر برغم الدور النبيل الذي لعبوه في مساندة ثورة25 يناير وحمايتها والالتزام بضمان تحقيق أهدافها. وربما يكون من النتائج المهمة لقرارات الرئيس مرسي إنهاء ازدواجية السلطة بين الرئيس والمجلس العسكري الأعلي التي فتحت الابواب لانحيازات مختلفة زادت شقة البعاد بين الطرفين وتركت فراغا خطيرا استثمره البعض لتعزيز مكاسبه, لكن النتيجة المؤكدة لهذا القرارات أن جماعة الإخوان المسلمين زادت من قبضتها علي الحكم والسلطة, وأصبحت تتفرد بالمسئولية الكاملة عن مصير هذا الوطن, وأكثر ما يهدد الجماعة الآن إغراء القوة الذي يمكن ان يوقعها في اخطاء جسيمة لإسكات المعارضين بقوة الحشد والملاحقة والمطاردة لخصومها السياسيين, ما لم يستقر في فكر الجماعة وضميرها أن فريقا سياسيا واحدا مهما قويت شوكته لن يستطيع وحده الهيمنة علي أقدار الوطن وأن الحكم الصحيح ينهض بالعدل والمشاركة وليس بالمغالبة.