عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب بداية تعاملات اليوم الثلاثاء بعد الانخفاض الجديد في مصر    مصر تستهدف زيادة إيرادات ضريبة السجائر والتبغ بنحو 10 مليارات جنيه في 2024-2025    عاجل.. انخفاض جديد في أسعار اللحوم اليوم 23-4-2024| نزلت 20 جنيه    بعد انخفاضات غير مسبوقة بأسعار السلع الغذائية.. اعرف أرقام الإبلاغ عن المخالفين    سول: كوريا الشمالية ستواجه نهاية نظامها إذا استخدمت أسلحة نووية    مشاهدة بث مباشر مباراة أرسنال ضد تشيلسي في الدوري الإنجليزي الممتاز 2024    الأرصاد تُحذر من حالة الطقس وتكشف موعد ذروة الموجة الحارة (تعرف عليها)    لبنان.. شهيد جراء قصف طيران الجيش الإسرائيلي سيارة في محيط بلدة عدلون    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    اعتقال متظاهرين مؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريكية (فيديو)    إسرائيل تنتقد تقريرا نهائيا حول مزاعم ضد أونروا    40.3 مليار جنيه.. قيمة التداول بالبورصة أمس الاثنين    اتحاد الكرة يوضح حقيقة وقف الدعم المادي لمشروع «فيفا فورورد»    إزالة 14 حالة تعد بمركز ومدينة التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية    نجاة طفل تشبث أسفل قطار مسافة 100 كيلومتر    مصرع عامل دهسه قطار الصعيد في مزلقان سمالوط بالمنيا    رسميا.. التعليم تعلن مواصفات امتحانات الترم الثاني لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي    مي عمر تكشف كواليس غضبها من زوجها بسبب مشهد في «نعمة الأفوكاتو»    ملتقى القاهرة الأدبي.. هشام أصلان: القاهرة مدينة ملهمة بالرغم من قسوتها    أستاذ مناعة يحذر من الباراسيتامول: يسبب تراكم السموم.. ويؤثر على عضلة القلب    عاجل - قصف مدينة رفح الفلسطينية جنوب غزة.. طيران الاحتلال في هجوم جديد    بدرية طلبة تحتفل بحنة ابنتها سلمى على الطريقة الهندية    «الناس بتستثمر في السيارات».. أبوالمجد: حان الوقت كل واحد يرجع لشغلته (فيديو)    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام عطلة شم النسيم 2024 للقطاعين بعد ترحيل عيد العمال    التحديات والتطورات: نشاط داعش في آسيا الوسطى وتأثيره على الأمان والاستقرار    بعد وفاته في تركيا، من هو رجل الدين اليمني عبد المجيد الزنداني؟    رئيس الوزراء يهنئ وزير الدفاع بعيد تحرير سيناء سيناء    بشرى سارة لجمهور النادي الأهلي بشأن إصابات الفريق    عاجل.. صفقة كبرى على رادار الأهلي الصيف المقبل    6.6 تريليون جنيه للمصروفات العامة في الموازنة الجديدة    الولايات المتحدة تشارك في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة 2024    بلينكن ينفي "ازدواجية المعايير" في تطبيق القانون الأمريكي    نصائح مهمة لمرضى الجهاز التنفسي والحساسية خلال الطقس اليوم    إمام عاشور مطلوب في التعاون السعودي.. والأهلي يوافق بشرط    الكونجرس يشعر بالخطر.. أسامة كمال: الرهان على الأجيال الجديدة    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    خلال ساعات العمل.. أطعمة تجعل الجسم أكثر نشاطا وحيوية    سامح الترجمان: المصريون اشتروا 60 طن ذهب العام الماضي    «فلسطين توثق المجازر».. فعاليات متعددة في رابع أيام مهرجان أسوان (تعرف عليها)    علي هامش انعقاد مؤتمر الاتحاد العربي.. 11 دولة عربية في ضيافة النقابة العامة للغزل والنسيج بالقاهرة    عامر حسين: الأهلي احتج على مشاركة حارس الاتحاد السكندري    عبدالجليل: دور مدير الكرة في الأهلي ليس الاعتراض على الحكام    الشرطة تداهم أوكار الكيف.. سقوط 85 ديلر مخدرات في الإسكندرية    لجنة الانضباط تستدعي الشيبي للتحقيق معه في واقعة الشحات| تفاصيل جديدة    خبر سار خلال أسابيع.. شعبة الأدوية تكشف حقيقة نقص لبن الأطفال وارتفاع أسعاره    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    علي جمعة عن سبب تقديم برنامج نور الدين: ربنا هيحاسبني على سكوتي    التوقيت الصيفي.. مواعيد قطارات السكك الحديدية بعد تغيير عقارب الساعة (مباشر الآن)    هل يحق للرجل التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟..أمينة الفتوى تجيب    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    مصرع شخص وإصابة 2 في تصادم 3 تريلات نقل بالوادي الجديد    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23 أبريل في محافظات مصر    «لخلافات قديمة».. مشاجرة بالأعيرة النارية بين عائلتين بالفتح وإصابة شخصين في أسيوط    ضربة قوية لتجار الدولار.. الداخلية تكشف تفاصيل قضية غسل 65 مليون جنيه    طريقة عمل كيكة البرتقال، باحترافية في البيت بأقل التكاليف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الأهرام» فى الإقليم المنقسم لاستطلاع الآراء حول مستقبل العلاقة مع إسبانيا
كاتالونيا.. غليان مكتوم يهدد أوروبا
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 06 - 2018

فى شوارع المدينة ومبانيها وأحيائها القوطية التى تعود غالبيتها للعصور الوسطى ليس هناك الكثير من مظاهر الاحتجاجات، ومع ذلك التوتر السياسى المكتوم يمكن الشعور به فى تفاصيل الحياة اليومية. فالأعلام الإسبانية (علامة تأييد البقاء فى إسبانيا) والاعلام الكاتالونية (علامة تأييد انفصال إقليم كاتالونيا) المنتشرة بطول مدينة برشلونة وعرضها تلعب دور البوصلة لتحديد موقف السكان من أزمة استفتاء إقليم كاتالونيا التى قسمت وما زالت تقسم إسبانيا حتى اليوم ودفعتها لأخطر أزمة دستورية سياسية منذ نهاية نظام فرانكو 1975.
ورغم السماء الساطعة الزرقة والجو الحار والسائحين فى كل مكان (تستقبل برشلونة نحو 15 مليون سائح فى العام)، يمكن الشعور بالغليان تحت السطح. فالشرطة منتشرة بكثافة حول المبانى الحكومية، والكثير من عناصرها مسلحة وتقف على أهبة الأستعداد.
فالهدوء الحالى مؤقت والجميع بانتظار تسوية تنهى الاستقطاب الحاد، لكن البعض يتخوف أيضاً من تصعيد جديد.
وتقول أيسدورا، الشابة الإسبانية العشرينية ل«الأهرام»:»الوضع قلق جداً وقابل للإنفجار فى أى وقت. فما حدث حالياً بمثابة هدنة مؤقتة. ليس هناك طرف يريد تقديم تنازلات ترضى الطرف الآخر. وبالتالى ومع أنه ليست هناك مظاهرات أو احتجاجات أو مواجهات مع الشرطة كما كان عليه الأمر قبل أشهر، إلا أن الوضع قلق للغاية وربما كاتالونيا هى أكبر مكان منقسم فى العالم اليوم».
وتوضح ايسدورا التى تعمل فى أحد مقاهى وسط المدينة: «الأزمة خلقت أوضاعاً لم نعرفها من قبل. هناك اليوم مشاعر رفض وتخوين بين أبناء العائلة والشارع والحى الواحد. منذ الأزمة، قرر عدد من الأصدقاء من مؤيدى الانفصال عدم الذهاب مجدداً إلى مطعمهم المفضل لأن صاحبه مؤيد للبقاء فى إسبانيا ويرفض استقلال كاتالونيا. العكس أيضا حدث، فمؤيدو البقاء فى إسبانيا ينظرون للراغبين بالاستقلال بكاتالونيا بوصفهم «راديكاليين خونة».
رحلة قصيرة فى تاريخ كاتالونيا ربما توضح جذور تلك الأزمة السياسية العميقة. فقد كانت كاتالونيا، الواقعة شمال شرق إسبانيا وعلى الحدود مع فرنسا، جزءا من مملكة أراجون التى تعود إلى القرون الوسطى، لكنها باتت جزءا من الامبراطورية الإسبانية منذ القرن الخامس عشر. لكن العديد من الكاتالونيين اعتبروها دوماً كيانا مستقلا بسبب تاريخها ولغتها وثقافتها. وبالتالى، كانت هناك دوماً حركات استقلالية ترغب فى عودة الإقليم كدولة قائمة بذاتها. ولكن هذه النزعات تراجعت بشكل كبير بعد وفاة فرانكو 1975 وعودة الديمقراطية لإسبانيا. وخلال العقود اللاحقة وحتى مطلع الألفية الجديدة كانت الحركة الانفصالية عن إسبانيا تحظى بدعم نحو 15% فقط من سكان إقليم كاتالونيا البالغ عددهم 7.5 مليون نسمة.
لكن خلال الأزمة المالية التى أدخلت الاقتصاد العالمى فى ركود لم ينته كلياً حتى اليوم، تغير المزاج العام فى كاتالونيا. فالحكومة المركزية فى مدريد، بقيادة حزب الشعب اليمينى الذى ينتمى إلى يمين الوسط قامت بفرض إجراءات تقشف صارمة فى جميع أنحاء إسبانيا وانتهجت برنامجا اقتصاديا قام على خفض الانفاق العام وزيادة الضرائب ما أدى إلى زيادة نسبة البطالة فى الإقليم وتراجع مستويات الدخل، وبحلول عام 2012 كانت الحركة الانفصالية فى كاتالونيا تنال دعماَ شعبياَ متزايداَ، حتى بات نحو 50% من سكان الإقليم يؤيدون الاستقلال عن إسبانيا. وفى ضوء ذلك، بدأت الحكومة الإقليمية فى كاتالونيا الضغط من أجل الاستقلال الكامل إلى ان أجرت من جانب واحد فى أكتوبر 2017 استفتاء الاستقلال، ما شكل انتهاكاً للدستور الإسبانى الذى أقر عام 1978 وينص على أن البلاد «غير قابلة للتجزئة».
لكن الحركة الانفصالية لم تكن فقط تهديداً للدستور الذى دشن لحقبة الديمقراطية بعد عقود من حكم فرانكو، بل تهديد أيضاً لإسبانيا كدولة قوية. فكاتالونيا، التى يعادل اقتصادها اقتصاد البرتغال، أكثر مناطق إسبانيا ثراء وتساهم بنحو ثلث الاقتصاد الأسبانى.
لم تعترف الحكومة المركزية فى مدريد بنتائج استفتاء الاستقلال فى اكتوبر من العام الماضى، وحلت حكومة الإقليم بزعامة كارلوس بوجديمون، المحتجز حالياً فى ألمانيا، وتم إجراء انتخابات جديدة فى الإقليم جاءت أيضا بإئتلاف حزبى يدعم انفصال كاتالونيا عن إسبانيا.
ويقول ميجيل هوجو، وهو فنان تشكيلى وأحد داعمى الانفصال عن إسبانيا ل«الأهرام»: «فى رأى المحكمة الدستورية الإسبانية الاستفتاء ونتائجه غير قانونية، لكننى لا أعترف بقرار عدم القانونية. نحن من نضع القوانين ونغيرها. أعتقد ان الخطوات المقبلة للحركة الاستقلالية ان تسعى لتغيير قانونى فى إسبانيا يسمح لنا بالاستقلال بطريقة منظمة وقانونية وسلمية».
وربما هذا هو التحدى الأكبر الآن أمام الحركة الانفصالية. فالمزاج الشعبى الداعم للانفصال فى تراجع، فقد انخفض من 50% إلى 40% حالياً عندما لمس سكان الإقليم الآثار الاقتصادية والسياسية والقانونية لمحاولة تنظيم استفتاء للاستقلال دون استيفاء الشروط القانونية والدستورية أولاً من السلطات المركزية فى مدريد.
ووسط هذه الأجواء تتصاعد مشاعر الخوف بشكل غير مسبوق، خاصة وسط تقارير غير مؤكدة أن قوة شرطة كاتالونيا، التى كانت تحت سيطرة الحكومة الإقليمية المؤيدة للاستقلال منذ عام 2014، بدأت العمل على تطوير جهاز استخباراتها السرى الخاص ليكون جهاز استخبارات سريا موازيا للدولة الإسبانية. وتنتشر روايات أن مؤيدى الانفصال عن إسبانيا استخدموا ذلك الجهاز السرى للتجسس على كتاب ومثقفين ومحامين وصحفيين وسياسيين وأساتذة جامعات ومنظمات المجتمع المدنى التى تعارض حركة استقلال كاتالونيا عن إسبانيا.
هذه التقارير أثارت هلعاً فى الإقليم. فتسييس أجهزة الأمن فى كاتالونيا من شأنه ان يعزز أزمة الثقة البالغة بين السلطات المركزية فى مدريد وبين حكومة الإقليم.
ومع أن أجهزة الأمن فى كاتالونيا ترفض التعليق على تقارير إنشاء جهاز استخباراتى سرى، إلا أن التقارير باتت منتشرة من مصادر عدة. ومؤخراً نقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» عن أربعة ضباط فى الشرطة الكاتالونية، فضلاً عن أشخاص مقربين من أجهزة الاستخبارات الإسبانية والحكومة الإسبانية قولهم إنهم يعتقدون أن هناك محاولات لإنشاء وكالة استخبارات كاتالونية لتعزيز نهج الانفصال عن إسبانيا.
عمليات التجسس المزعومة لا تقتصر على الشرطة الكاتالونية، فهناك تقارير أن أجهزة الاستخبارات الإسبانية تنشط فى ملاحقة القادة الكاتالونيين الذين فروا إلى الخارج والذين ظلوا فى الإقليم ما يعزز القلق اليومى ويعقد العلاقات المضطربة أصلاً بين مؤيدى ورافضى الانفصال.
الأزمة فى كاتالونيا ليست محض أزمة سياسية، بل اجتماعية وثقافية أيضا.
فالإقليم منقسم سكانياً بشكل حاد وهذا عكس نفسه على العلاقات الاجتماعية والتعبير الثقافى. ولا عجب ان الكثير من المعارض الفنية تتضمن لوحات وأعمالا نحتية تعالج أزمة الهوية لدى الإقليم.
ولا يبدو أن هناك أفقا لحل سياسى قريب. فزعماء الحركة الانفصالية، التى تمثل أقل من نصف سكان كاتالونيا تم إعادة انتخابهم ويسيطرون حالياً على الحكومة الإقليمية التى تسيطر على مجالات مثل الشرطة ونظام التعليم، وتستخدم صلاحياتها للدفع بأجندة الانفصال عن إسبانيا.
ليس هناك حالياً احتمالات كبيرة بتصعيد الأزمة لمستويات العنف التى عرفتها فى أكتوبر الماضى، لكن التوتر السياسى والاستقطاب الحاد، الحق أضراراً بالاقتصاد الكاتالونى والاسبانى. وبعد تراجع منطقة اليورو أثر فوز اليمين القومى فى ايطاليا قبل اسابيع، فإن أى انتكاسة فى اسبانيا قد تدفع منطقة اليورو لأزمة كبيرة. كما أن مساعى انفصال إقليم كاتالونيا قد تصبح مثالاً تحتذى به حركات انفصالية فى عدد من الدول الأوروبية وربما لأقاليم أخرى فى إسبانيا مثل إقليم الباسك الذى تصاعدت فيه من جديد دعوات الانفصال، وهذا كله يجعل مصير إسبانيا ومعها الاتحاد الأوروبى مفتوحا على الكثير من الاحتمالات المخيفة.
مبنى واحد يحمل تناقضات وانقسامات الإقليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.