تحول الشعار، على شاشات التواصل الاجتماعي، بعد وقت قصير من الافصاح عن كونه لوجو المتحف المصرى الكبير، الى قرطاس بطاطس، سندوتش شاورما، ولفوا فيه اقراص طعمية، ولم يفت المصريون بحسهم الذكى الساخر ان يتركوا الشعار فارغا وكما تم الاعلان عنه شعار المتحف المصرى الكبير ضمن حزمة التعليقات، وأضافوا ما قيل عنه انه المصدر الاصلى المأخوذ عنه وهو شعار متحف الألماس بامستردام ... لم اترك رد الفعل يحدث أثره فى داخلي، وواريت شعورا بالصدمة وانا أتأمل تلك المساحة البرتقالية التى قيل انها تعكس التخطيط الأفقى الفريد للمتحف الكبير والذى تنفرج جوانبه لتطل على اهرامات الجيزة، وانها تأخذ اللون البرتقالى المبهج الذى يعكس لون الشمس على هضبة الاهرام عند المغيب, واستعذت بالله مما اعترانى من شعور بغضب مكتوم، ازاء هذه المساحة البصرية الممزوجة بالركاكة او الاستهانة وما هو اكثر.. رحت أتأمل دلالة، ما تفتق عنه ذهن السادة المسئولين بوزارة الاثار، ونجم عنه هذا الشعار الركيك والباهت والذى لا يمكن ان يكون، بأى حال معبرا عن المحتوى الارفع والارقي، لأنفس مكنون حضارى سوف يضمه المتحف المصرى الكبير.. ما العلاقة او الرسالة التى يشى او يريدها ان تصل من صمم هذا الشعار؟ ما علاقته بمحتوى المتحف؟ هل بالغ المصريون لما حولوا شعار المتحف المصرى الكبير الى قرطاس بطاطس وطعمية؟ تواصلت مع بعض أساتذتنا من الفنانين لنعطى العيش لخبازه كما يقال واكتشفت على سبيل المثال ان ما لديهم من شعور بالصدمة، قد وصل الى حد ان الاستاذ الفنان احمد نوار يسعى الى مناشدة السيد رئيس الجمهورية وقف استخدام الشعار لأنه يسئ الى مصر وفنانيها الكبار، والموافقة على طرح التصميم فى مسابقة عامة يعد لها فنيا بشروط دقيقة! رحت استضئ برؤية الفنان والصديق احمد اللباد بدءا من معرفة مهمة الشعار او اللوجو، الى متى يصل تعبير الشعار الى درجة من البلاغة البصرية.. الشعار الذى هو رسالة بصرية مكثفة محكوم ومحسوب باشتراطات تضمن تعريفا بالمحتوي، وروح هذا المحتوى ومدى ثرائه، ونجاح الشعار مرهون بقدرته على تفرده وابتكاره وذكائه وجدته وقدرته على حفر رسالته فى ذهن المتلقى .. الحقيقة اننى استفدت بشدة مما نورنى به الفنان احمد اللباد وأدركت سبب ما اعترانى وأنا أتأمل ما قيل انه شعار المتحف المصرى الكبير الذى تجاهل كنز المحتوي، الثراء التاريخى والثقافى لهذا المحتوى بكل ما يمكن ان يستلهمه من هذا المكنون العظيم وحتى حين لجأ الى الخط العربى او الكاليجرفي، لم يستطع الا ان يلمس الأكثر تسطيحا والأكثر ضحالة... الحقيقة ان شعورا بالصدمة أحدثه هذا اللوجو الفقير والركيك، والذى لا يمكن باى حال تصور انه المعبر عن اكبر واغنى متحف فى العالم، ويبدو ان الاستاذ الفنان احمد نوار كان محقا حين دعا الى مناشدة السيد رئيس الجمهورية وقف هذا العبث، لكن المفزع ان هذا الاختيار لشعار المتحف المصرى الكبير يعكس ضحالة واستهانة او عدم هضم لمعنى المتحف المصرى الكبير، بل انه امر مؤرق للغاية تصور ان هذه رؤية المستأمنين على تراث هذا البلد وان هذا هو مدى ادراكهم للمكنون الحضارى لهذا البلد.. الدلالات مفزعة لو حاولت الاستقراء واستمريت الى ان تصل الى الملاية البيضاء التى غطت الترابيزة التى وضع فوقها الشعار وحوله وقف ثلاثة من الوزراء الكبار.. الملاية التى عجزنا حتى عن كيها أو فردها، فطيرت الوكالات صورة شعار المتحف المصرى الكبير على الملاية المكرمشة.. و يبدو ان كل ذلك لا يهم. والمهم هو اللقطة والمؤتمر الصحفى حتى لو تحول الشعار الى قرطاس شاورمة على ملاية مكرمشة! ولنموت غيظا نحن بحسرتنا! لمزيد من مقالات ◀ ماجدة الجندى