الطلاق في القرآن، له شروط للحفاظ على استقرار واستمرار الحياة الزوجية، ولا يُؤَاخِذُ الله باللغو في القَسم وإنما يُؤَاخِذُ بما كسبت القلوب وعزمت النفوس، وهو ما يتضح في قول الله تعالى: "لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ". ويوضح الله في القرآن، أنه لابد أن يكون هناك ترو من قبل الزوج قبل عزمه الطلاق، وهو ما يتضح في قوله تعالى: "لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ۖ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".. "يُؤْلُونَ": تعني في اللغة أن يحلف الزوج بأن لا يجامع زوجته في فراش الزوجية ؛ وذلك كفترة مراجعة قبل الطلاق، أقصاها أربعة أشهر، كما ذكر الله بالآية، و"فَإِن فَاءُوا": تعني تراجعوا عن الطلاق، فإن الله يغفر لهم ويرحمهم. وفي أثناء هذه الفترة للمراجعة والتصالح؛ يجب عدم طرد الزوج للزوجة من مسكن الزوجية، ويجب على الزوجة هى الأخرى عدم مغادرة منزل الزوجية، وهو ما يتضح في قول الله تعالى: "لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا ". كما يجب أن يعامل الزوج زوجته في فترة الانفصال المؤقت داخل بيت الزوجية بالحسنى، وهو ما يتضح في قول الله تعالى: "وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا". وبعد انقضاء فترة المراجعة والتصالح، إذا عزم الزوج على الطلاق، يأتي دور الشهود كما كان الحال عند زواجه بها، وهو ما يتضح في قول الله تعالى: "وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ". وحتى بعد وقوع الطلاق، لابد أن لا تتزوج المطلقة بآخر إلا بعد مرور ثلاث حيضات عليها، ويكون طليقها أحق بردها إذا أرادا التراجع والصلح.. وهو ما يتضح في قول الله تعالى: " وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ". وعلى الزوج بعد الطلاق ألا يسترد ما أعطى للزوجة، وعلى الزوج كذلك ألا يمنع زوجته من الزواج بآخر بعد إتمام عملية الطلاق، وهو ما يتضح في قوله تعالى: "فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ". ولا يوجد أي انتقاص لحقوق المرأة في تشريع حق الطلاق للرجل، لأنه كما أعطى الله الحق للزوج في تطليق زوجته، فإن الله منح كذلك للزوجة الحق في طلب الخلع؛ إذا شعرت بالبغض أو بعدم القدرة على الاستمرار بالزواج، وهو ما يتضح في قوله تعالى: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ". [email protected] لمزيد من مقالات نهى الشرنوبي;