مرة أخري تعود قضايا القروض والمساعدات لبؤرة الاهتمام بعد أن عادت المشاورات المصرية مع صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض بقيمة3.2 مليار دولار في ذات الوقت الذي أعلنت فيه بعض المصادر الرسمية عن طلب الحكومة المصرية الحصول علي قرض من البنك الدولي بقيمة1.2 مليار دولار. ترددت أنباء عن مساعدات عربية وأوروبية لمصر من هنا تأتي أهمية تناول قضية القروض والمساعدات الخارجية, وكيفية استخدامها لصالح الاجيال الحالية والمستقبلية. ويصبح السؤال المحوري هل تذهب الأموال التي تأتي إلي مصر لسد الفجوة التمويلية؟ أم لمشروعات كبري زراعية وصناعية لصالح الأجيال المقبلة؟ أما عن الأموال العربية فطبقا لبعض المصادر الرسمية فإن المشاورات تجري للحصول علي مساعدات مالية من قطر والإمارات والكويت. كما أن هناك حزمة إجراءات مع السعودية. فماذا ستقعل الإدارة الاقتصادية المصرية بهذه الأموال خاصة بعد أن أعلنت وزارة المالية عن احتياج مصر إلي11 مليار دولار لسد الفجوة التمويلية خلال فترة تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. وقد يكون هناك قبول عام علي الاقتراض من الخارج من جانب بعض الخبراء والمحللين الاقتصاديين, ومن جانب بعض صناع القرار لإنقاذ الاقتصادي المصري من الأزمة التي يمر بها والتي تزداد بسبب نقص المساعدات المالية خاصة مع تعثر جهود إقناع بعض الدول العربية الخليجية بزيادة مستوي المساعدات لمصر. كما تتزايد الأزمة بسبب العوامل الأخري الداخلية والخارجية مثل: تصاعد نزيف المطالب الفئوية, وارتفاع فاتورة الواردات بسبب ارتفاع الأسعار العالمية وتراجع المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية. وتوقف بعض المصانع عن الإنتاج. ولكن إذا كان جانب من هذه القروض ستحصل عليه مصر بفائدة منخفضة1.2% فإن ذلك لا يعني توسع الحكومة الراهنة في الاقتراض لسد الفجوة التمويلية الحالية فقط لأن مزيدا من الاقتراض يعني تحميل الأجيال القادمة أعباء سداد هذه الديون وفوائدها خاصة بعد أن وصل نصيب الفرد من الدين العام الخارجي لمصر خلال الربع الأول من العام المالي2011 2012 إلي390 دولارا طبقا لبيانات البنك المركزي. ومن ناحية أخري, فإن الدين العام الخارجي والذي تراجع من35 مليار دولار في ديسمبر2010 إلي33.7 مليار دولار في ديسمبر2011 بعد سداد الأقساط والفوائد من المتوقع أن يرتفع إلي أكثر من36 مليار دولار في ديسمبر2012 في حال حصول مصر علي شريحة من قرض البنك الدولي, وعلي جانب من قرض صندوق النقد الدولي. وإذا لم يتم ترشيد باقي بنود الدعم والتي اثبتت بيانات جهاز الإحصاء أن60% منه يذهب إلي غير مستحقيه فإن ذلك سيكون الاختيار الأسوأ للاجيال المقبلة. وكذلك إذا لم يتم تعديل هيكل الواردات والاستغناء عن السلع غير الضرورية وإذا ما تم استخدام جانبا كبيرا من هذه الأموال لإحداث تعديلات في الأجور والهيكل الوظيفي دون إحداث تنمية حقيقية زراعية وصناعية فإن الأجيال المقبلة سوف تعاني من أزمة مزدوجة وهي تفاقم الدين الخارجي إلي جانب عجز حقيقي عن تحقيق الاكتفاء الذاتي زراعيا وصناعيا من السلع الاستراتيجية المهمة.