قد يكون أمرا مثيرا للشفقة ألا يفوز ليونيل ميسى باللقب مع المنتخب الأرجنتينى فى بطولة كأس العالم 2018 لكرة القدم بروسيا كما سيكون مثيرا للشفقة ألا ينجح نيمار دا سيلفا فى أن يصحح مع المنتخب البرازيلى الأوضاع بعد الصدمة التى تعرض لها خلال النسخة الماضية من البطولة فى 2014 بالبرازيل. كما قد يكون الحال هكذا إذا لم يفز البرتغالى كريستيانو رونالدو باللقب مع منتخب بلاده الذى لا يزال فى مرحلة البحث عن لقبه العالمى الأول بعد فوزه باللقب الأوروبى للمرة الأولى فى تاريخه من خلال يورو 2016 . وفى النهاية ورغم هذا، هذه هى الرياضة وما زالت الهزيمة إحدى النتائج المحتملة فيها. والحقيقة أن روسيا والاتحاد الدولى لكرة القدم (فيفا) هما فقط من لا يمكنهما تحمل الإخفاق فى هذه النسخة من المونديال. والعلاقات بين كرة القدم والسياسة ليست جديدة على الإطلاق بل إن الشكوك كانت كبيرة وتزايدت بشأن هذه العلاقة منذ بدء إقامة بطولات كأس العالم خاصة أن النسخة الثانية من البطولة فى 1934 أقيمت بإيطاليا تحت حكم بينيتو موسوليني. وبعد 44 عاما أخري، برزت هذه العلاقة بشكل أكبر من خلال نسخة 1978 التى استضافتها الأرجنتين خلال فترة الحكم الديكتاتوري. ورغم هذه الحالات السابقة، وبعيدا على الأطر والأنظمة المختلفة، لن تكون هناك مبالغة إذا قيل أن القليل فقط من النسخ الماضية عانت من الارتباك السياسى بالشكل الذى تتعرض له النسخة المرتقبة فى روسيا التى تنطلق من 14 يونيو إلى 15 يوليو المقبلين. ولم تتبلور تهديدات المقاطعة من بعض المشرعين البريطانيين بعد تسميم العميل الروسى السابق سيرجى سكريبال وابنته يوليا فى المملكة المتحدة ، ولكن التوترات بين بريطانياوروسيا بهذا الشأن لم تهدأ حتى الآن. وكشف وزير الخارجية البريطانى بوريس جونسون عن هذا بوضوح عندما وصل لمقارنة مونديال 2018 فى روسيا بدورة الألعاب الأوليمبية 1936 فى برلين خلال فترة حكم الزعيم النازى أدولف هتلر لألماني. وتخضع كل التفاصيل لبطولة كأس العالم 2018 ، التى تستضيفها روسيا تحت قيادة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ، لعملية تدقيق من القوى الغربية الكبري. كما سيكون خليط الأزمات أكثر تعقيدا نظرا لأن التوترات النابعة من قضية سكريبال أو تلك الناتجة عن الحرب فى سوريا ترتبط بعناصر لها علاقة خاصة بسياسة الرياضة فى روسيا. ومنذ تصويت اللجنة التنفيذية للفيفا فى الثانى من ديسمبر 2010 على منح حق استضافة مونديال 2018 لروسيا ومونديال 2022 لقطر، لم يستطع الفيفا التخلص من دوامة المشاكل والأزمات والفضائح. وأثار هذا التصويت ، الذى اكتنفته الشكوك (دون إثبات هذه الشكوك على الاطلاق ، كما اعترف المحقق الأمريكى مايكل جارسيا فى تقريره) ، حنق وغضب كل من الولاياتالمتحدة وإنجلترا. ويرى كثيرون (دون دليل دامغ ) وجود علاقة بين هذا الأمر والتحقيق الذى أجراه مكتب التحقيقات الأتحادى فى الولاياتالمتحدة والذى أدى لما سمى بفضيحة «فيفا جيت» والذى كلف السويسرى جوزيف بلاتر منصب رئيس الفيفا حيث تنحى عن منصبه فى 2015 . كما يقضى بلاتر والفرنسى ميشيل بلاتينى الرئيس السابق للاتحاد الأوروبى (يويفا)، والذى كان المرشح الرئيسى لخلافة بلاتر ، حاليا عقوبة الإيقاف لعدة سنوات عن ممارسة أى أنشطة تتعلق باللعبة. ورغم هذا ، لا يزال السويسرى الآخر جيانى إنفانتينو الرئيس الحالى للفيفا بحاجة إلى التعامل مع تبعات هذا القرار الذى اتخذته اللجنة التنفيذية للفيفا فى 2010 . ولهذا ، لن يكون غريبا أو مفاجئا من إنفانتينو أن يحرص على منع التأييد والتعاطف المتزايد مع الملف المغربى من إفساد محاولة الولاياتالمتحدة والمكسيك وكندا للفوز بحق استضافة مونديال 2026 حيث يتنافس الملف المغربى مع ملف التنظيم الثلاثى المشترك بين هذه الدول الثلاث على حق استضافة نسخة 2026 من المونديال والتى تشهد زيادة عدد المنتخبات المشاركة فى النهائيات من 32 منتخبا إلى 48 منتخبا للمرة الأولى فى التاريخ. وتشهد العاصمة الروسية موسكو فى 13 يونيو المقبل، وقبل يوم واحد فقط على انطلاق فعاليات المونديال الروسى ، عملية اختيار الملف الفائز من بين الملفين لاستضافة كأس العالم 2026 علما بأن عملية الاختيار ستكون أكثر صعوبة مما سبق حيث سيكون التصويت بمشاركة ممثلى جميع الاتحادات الأهلية الأعضاء فى الفيفا وذلك خلال اجتماع الجمعية العمومية (كونجرس) للفيفا وليس مقصورا على تصويت أعضاء اللجنة التنفيذية بالفيفا مثلما كان الحال سابقا. ولا يستطيع الفيفا تحمل المزيد من الاضطرابات خاصة أن القضايا الكبيرة والمكلفة وخسارة عدد من الرعاة نتيجة «فيفا جيت» ألقت بظلالها على الأوضاع المالية للفيفا. ولهذا ، سيكون التدفق المالى الذى ينتج عن بطولات كأس العالم بمثابة واحة تأتى عقب السير لمسافة طويلة فى الصحراء القاحلة. ولا يستطيع بوتين تحمل أى أخطاء أيضا. سيكون الرئيس الروسى ونظامه على موعد مع تحديات ضخمة فى هذه النسخة مثل التهديدات الإرهابية وعنف المشجعين المشاغبين (هوليجانز) والذى أزداد سوءا بشكل كبير فى أوروبا على مدار الشهور الماضية.