الصوم امتناع عن شيء، لفترة من الزمن، بدافع العبادة، وأيضا الشكر، وربما تكفير عن خطأ، وهناك أنواع من الامتناع، بهدف الاحتجاج، والامتناع فى حقيقته انضباط، نراقب فيه أنفسنا بأنفسنا، وهو أيضا لون من الطب البديل. الصوم محاولة للتطهر، وتنقية العقل والجسم، والتحكم فى السلوك، بتجنب ما هو غير لائق، وممارسة ما هو مسموح، فهناك قائمة بالممنوع والمُتاح، كما أنه فرصة للتأمل، أين كنا، وكيف أصبحنا، وإلى أين نسير، حتى نعرف الهدف، وحتما الطريق. الصوم معاناة، نضحى فيها اختياريا، من أجل هدف أسمى، وهل الحياة إلا معاناة، تتطلب تضحيات، وبتحمل الألم، نبنى شخصية أقوى، يمكنها مواجهة الصعوبات، فالامتناع ليس الهدف، ولكن تحقيق التوازن، فبدون توازن ترتبك الحياة. الصوم يعلمنا بساطة العيش، فالحياة ممكنة، بأبسط الأشياء، وهكذا نمارس التقشف الاختياري، لمواجهة الظروف الأصعب، ومن خلال الحرمان الاختياري، نتعلم الصبر، وكذلك الإحسان، فبلا عطاء، لا معنى للحرمان. الصوم يلزمه وعي، وأيضا صدق، فنحن نصوم لنعرف، هل نعيش لنأكل، أم نأكل لنعيش، وحين نعرف الإجابة، نصل إلى هدوء العقل، وسلام النفس، وندرك معنى الوجود، وهكذا نتخفف من أنانيتنا، وندرك أهمية الاعتدال. الصوم تغيير، وهذا أيضا مطلوب، وهو يتطلب قوة، فلا صوم مع المرض، ولا مع الشيخوخة، وهو فريضة فى كل الأديان، بهدف الوصول إلى جسد أكثر كفاءة، وعقل أكثر تركيزا، ونفس أكثر تطهرا، ومالم يتحقق ذلك، فالامتناع لم يحقق الهدف. لمزيد من مقالات عبدالعزيز محمود