أتابع بشغف مقالكم الدورى فى صحيفة الأهرام، التى تأتينى بانتظام فى زنزانتى بسجن الفيوم العمومي، تلك الزنزانة التى أسكنها منذ ثلاث سنوات، على خلفية انتمائى السابق لجماعة الإخوان وقد استوقفنى مقالكم المنشور بتاريخ 3 مايو الجارى بعنوان «إياكم وخدعة المصالحة».. وأجدنى متفقا تماما مع هذه الفقرة الواردة فيه: «إن الجماعة الوطنية المصرية التى لم تبرح يوما خنادق الدفاع عن الدولة واستقرارها قد تقبل فى ظروف معينة فكرة العفو والسماح عن الذين يجاهرون بالتوبة ويعتذرون عما ارتكبوه من جرائم فى حق الوطن، ولكن من العبث أن يصل الخيال بأى أحد إلى المساواة بين الدولة والخارجين عليها كأطراف متقابلة على مائدة تفاوض».. لقد وصلت إلى ذات النتيجة التى وصلتم إليها، بعد رحلة مراجعات فكرية طويلة بدأت قبل نحو ثلاث سنوات، وانتهت بقرارى مغادرة جماعة الإخوان بعد انتماء دام خمسة عشر عاما، وقرار آخر بالعمل على تفكيك الأفكار المنحرفة ونشر الأفكار المعتدلة.. وقد شاركنى عدد من الزملاء، فانتشرنا داخل السجن لنشر أفكارنا الجديدة، إيمانا منا بأنه لا يصح أن تتصالح دولة دستورية حديثة مع جماعة لا تؤمن بالدولة الوطنية، وتصر على العمل خارج الإطار الدستورى والقانوني.. ولا يصح أن تقع الدولة مرة أخرى فى ذات الخطأ الذى وقعت فيه من قبل فى سبعينيات القرن العشرين؛ بأن تعطى للجماعة قُبلة الحياة، بعد فترة طويلة من إقصاء مستحق.. فى الوقت ذاته ينبغى أن تسعى الدولة لمحاصرة هذه الأفكار المتطرفة؛ عن طريق استهداف ثلاث فئات: فئة المواطنين الطبيعيين بهدف تحصينهم ضد التطرف.. وفئة المتعاطفين دون ارتباط تنظيمى لإقناعهم بالانفضاض عنها.. وفئة المنتمين تنظيميا لإقناعهم بالتخلى عنها.. والعمل مع الفئة الأولى هو الأسهل بطبيعة الحال.. وأيضا فإن إقناع الفئة الثانية والثالثة ليس سهلا وليس مستحيلا وتجربتى مع هاتين الفئتين تثبت أنه يمكن بالفعل تغيير هذه القناعات. ويسرنى أن أرفق نسخة من كتابى «الخروج من سجن الجماعة». عمرو عبد الحافظ .. انتهت الرسالة التى تستحق قراءة متأنية. خير الكلام: الرجوع إلى الحق فضيلة!