فى لحظة تاريخية نادرة.. انتفضت دول الإتحاد الأوروبى المحورية فى وجه حليفها الأمريكى التقليدى تنتقد قرار الرئيس دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووى الذى وقعه سلفه باراك أوباما مع إيران عام 2015. ولم تكن هذه الانتفاضة الأوروبية انتصاراً للاتفاقيات الدولية المبرمة, أو غيرة على مبادئ الحق والإنصاف أو خوفاً من زعزعة الأمن والاستقرارفى منطقة الشرق الأوسط أو حباً فى عيون طهران وغضباً من استعلاء وتعنت ترامب.. ولكنها كانت لسبب واحد وفريد ألا وهو المصالح الاقتصادية الحيوية لهذه الدول مع إيران وحماية لاستثمارات شركاتها الضخمة مع طهران .. حيث قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن هناك حاجة لمناقشة سبل إنقاذ الاتفاق دون وجود واشنطن فيه, وقال وزير المالية الفرنسى برونو لو مير إن دول الاتحاد الأوروبى ستقترح على المفوضية الأوروبية إجراءات تحول دون توقيع العقوبات قبل أن يتساءل مستنكراً هل نقبل بأن تكون الولاياتالمتحدة الشرطى الاقتصادى للكوكب؟!.. بينما أجرت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماى اتصالاً هاتفياً مع ترامب أكدت فيه ضرورة معرفة مدى وكيفية تأثير العقوبات الأمريكية على الشركات الأجنبية العاملة فى إيران ومؤكدة أن بريطانيا وشركاءها الأوروبيين «ملتزمون تماما» بضمان مواصلة تطبيق الإتفاق باعتباره أفضل سبيل لمنع إيران من تطوير سلاح نووي! هذه إذن هى لغة القوة والمصالح التى تحكم علاقات الدول فى أزهى صورها والتى يبيع فيها الحليف حليفه مهما بلغت قوته واشتد نفوذه وتوطدت أواصر التعاون والصداقة معه عبرعقود الزمن.. وليست لغة القيم والمبادئ التى عفا عليها الزمن ولازال بعضنا يتشدق بها!! ولكن كيف ستستمر إيران هذا الخلاف الأمريكى - الأوروبى النادر؟! وهل ستنجح فى احتواء عقوبات العم سام المنتظرة ضدها ؟! علينا نحن العرب أن نتابع أيضا وننتظر بعد أن أصبحنا خارج دائرة الفعل والتأثير الدولى ومنقسمين حول مواقف الدول منها .. بل ومستهدفين ومنتظرين فى سكينة وبلادة متى سيأتى الدورعلينا ؟! وماذا سيفعلون بنا ؟! [email protected] لمزيد من مقالات مسعود الحناوى