استمرار حالات التقلبات الجوية وما ينجم عنه من عواصف ترابية ورملية ورياح شديدة وأمطار غزيرة وسيول أمر يثير الكثير من التساؤلات ، هل أصبحت تلك الحالات ظاهرة سنشاهدها علي فترات متقاربة كما عايشناها خلال الأيام الماضية ؟ أم أنها ظاهرة طارئة ولن تعود خلال الفترة القريبة القادمة ؟ وهل للتغيرات المناخية تأثير مباشر عليها؟ وما هو تحليل الخبراء والعلماء لتلك الظاهرة في البداية يحلل الدكتور مجدي عبد الوهاب أستاذ الأرصاد الجوية بجامعة القاهرة الظاهرة بقوله:- مانشاهده هذه الأيام يدخل في نطاق ما يطلق عليه في علم الأرصاد الجوية الحالات الجامحة وهي تحيد عن الحالات العادية التي اعتدنا عليها في الأوضاع الطبيعية، وهذا ماأكدته المؤسسة العالمية للتغيرات المناخية (IPPC) وهي المرجعية في هذا الإطار ، وبالتالي ما شهدته مصر خلال شهر أبريل الماضي حالات جامحة نظراً لشدتها وتوقيتها لأنها تصنف علي هذين الأساسين وهما الشدة والتوقيت ، وفترة حدوث تلك الحالات لاتتعدي في منطقتنا الواقعة في نطاق البحر المتوسط 72ساعة فقط ، وإن كانت علي مستوي العالم قد تستمر في بعض المناطق من 6إلي 10أيام كأقصي تقدير خاصة في المناطق القريبة من خط الاستواء ، ونخلص في النهاية إلي أن التغير المناخي سيزيد من عدد الحالات الجامحة ولكن لن يغير من النظام العالمي لدورة الهواء علي سطح الأرض ، والحالات الجامحة مثلاً في أوروبا وخطوط العرض المرتفعة (60 خط عرض) فما فوق تكون فترة استمرار حدوث الحالات الجامحة لاتتعدي 72ساعة سواء من فيضانات وعواصف وأعاصير أو عواصف ترابية ،أما الولاياتالمتحدةالأمريكية وهي عند خطوط عرض منخفضة التي تكون فيها فترات زمن استمرار هذه الحالات الجامحة تصل إلي 10 أيام للعاصفة أو الإعصار الواحد فقد شهدت علي سبيل المثال العام الماضي 4 حالات جامحة تكررت خلال عام واحد وهذا غير مسبوق حيث كانت في زيادة تكرارية شهدت عواصف وأعاصير منها إعصار «هارفي» الشهير الذي استمر لمدة 6 أيام ، وهذه الفترات محسوبة بدقة متناهية استناداً إلي ديناميكية حركة الهواء في الغلاف الجوي ، وهناك معادلات رياضية دقيقة تؤكد هذه الأرقام ، وباستعراض هذه الحالات الجامحة وخصوصاً للأمطار فإن كمية الأمطار تتناقص نتيجة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية وبشكل خاص علي أفريقيا مما يسبب نقص الأمطار ونظراً لزيادة تكرار حدوث السيول والفيضانات والعواصف فإن هذا سيعوض هذا النقص. وفي إجابته عن سؤال حول التنبؤات التي تضع الكثير من الدول في مرمي العواصف لدرجة توقعات مستقبلية بتعرض دول بعينها لعواصف رملية معظم أوقات السنة يجيب الدكتور مجدي عبد الوهاب:- مثل هذه التوقعات مستبعدة تماماً. فلن تحدث أن تتعرض دولة مستقبلاً لعواصف رملية لفترات طويلة وبهذه الصورة لأن هناك ما يسمي الخريطة العامة للرياح والتي تحكم حركة واتجاه الرياح علي الكرة الأرضية فحتي يحدث تغير علي منطقة ما بزيادة الأتربة طوال العام أو لفترات طويلة فهذا يتطلب تغيرا في نظام دورة الرياح العالمية ، وهذه معادلة متوازنة إلي حد ما وهذا غير وارد ، والمحتمل هو أن يحدث بعض الحالات من العواصف سواء رملية أو ترابية أو سيول لأيام معدودة وتكرر لعدد محدود جداً خلال العام. ويضيف د. أحمد حجازي أستاذ علوم البيئة بجامعة القاهرة لتحليل الآثار السلبية للعواصف والسيول فيقول :- العواصف الرملية والترابية والسيول والأمطار في غير ميعادها وتكرارها بين الحين والحين حتماً سيكون لها آثار سلبية مستقبلية علي المحاصيل خاصة الفاكهة لأنها ستؤدي إلي تساقط الأزهار ، وبالطبع تعد مشكلة لأنها تحدث في فترات غير معهودة لوقوع هذه الموجات المناخية ، وهذا يؤكد توقعات التغيرات المناخية المستقبلية بضرورة أخذ التدابير الوقائية اللازمة من جميع الجهات والهيئات والوزارات المعنية من أجل الاستعداد لمثل هذه الموجات مستقبلاً، خاصة فيما يتعلق بإنتاجية المحاصيل الزراعية ذات الطابع الإقتصادي لأنها ستتأثر سلباً بنقص إنتاجيتها جراء تلك الظروف المناخية التي لم تعتدها تلك المحاصيل ،مشيرا إلي أن هناك إزاحة فعلية حدثت في توقيتات زراعة كل المحاصيل بما يعادل ثلاثة أسابيع كل ربع قرن (25سنة) ويؤدي ذلك إلي زراعة مبكرة ، وهذا يستوجب استنباط سلالات جديدة من المحاصيل التي تتحمل ظروف التغيرات المناخية المتوقعة ، وتلك التغيرات ستؤدي إلي تدهور الغطاء النباتي والذي سوف ينتج عنه تصحر العديد من المناطق الجغرافية في مصر بصفة عامة، بل ينذر باختفاء واندثار العديد من الأنواع النباتية والحيوانية ، واستمرار التغيرات المناخية بما يشمله من ارتفاع درجة الحرارة أو انخفاضها بصورة غير طبيعية أو الرياح والعواصف والسيول سوف يجعل الظروف غير موائمة لزراعة العديد من المحاصيل ومنها القمح والذي تشير النماذج الرياضية إلي أن السلالات المزروعة منه حالياً لن تكون صالحة للزراعة بحلول عام 2075الأمر الذي يمكن التغلب عليه من الآن باستنباط سلالات جديدة من القمح تتواءم مع التغيرات المناخية الراهنة والمستقبلية.