عانت مصر طويلا من انتشار مرض البلهارسيا خاصة فى الريف المصرى ولم يتوفر العلاج الفعال الذى يتكفل بالقضاء على العامل الأساسى لهذا المرض وهو فيروس «سى»، إلى أن تم اختراع عقار السوفالدى الذى أحدث ثورة فى القضاء على هذا الفيروس الذى أعلنت الشركة المنتجة له فى أمريكا عن استعدادها لإنتاجه وبيعه بآلاف الدولارات مما يحول دون امكانية الاستفادة منه فى مصر وقد خاضت اللجنة القومية لمكافحة فيروس سى معركة كبرى للوصول بسعر هذا الدواء الى المستوى المناسب الذى تتحمله مصر فى علاج المرضى من ابنائها ونجحت بالفعل فى الحصول على هذا الدواء بما يمكنها من علاج المريض بمبلغ 78 دولارا فقط وبينما تصل هذه التكلفة فى الهند إلي120 دولارا وكانت حجتها فى ضرورة تخفيض سعر هذا الدواء أن مصر تضم أكبر عدد من المصابين بفيروس «سى» على مستوى العالم. وتم بالفعل البدء باستخدام السوفالدى الاجنبى فى علاج المرضى المصريين منذ بضع سنوات إلى أن نجحت الجهود البحثية الطبية فى تصنيعه مصريا واستخدامه على نطاق واسع فى علاج المصريين وإنقاذ مئات الألوف من الموت, بل أمكن البدء فى علاج مرضى فيروس سى بأدوية الجيل الثانى (الهارفوني) ابتداء من نوفمبر 2015 حيث تم علاج 200 ألف مريض خلال عام 2015 و800 الف فى عام 2016 وكان جملة الذين تم علاجهم حتى نهاية 2017 مليونا ونصف المليون مصاب وتتعاون عدة جهات والعديد من العلماء والأطباء فى التخطيط لأن تكون مصر خالية من فيروس سى خلال سنوات قليلة لا تزيد على 4 سنوات. أسهمت فى هذه الجهود اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية التى تضم العديد من علماء مصر وتنظم التعاون بين العديد من الجهات, ويهمنى إلقاء الضوء على الجهود التى انفرد بها أحد الاعضاء فى هذه اللجنة وهو الدكتور جمال شيحة الأستاذ بجامعة المنصورة ورئيس لجنة التعليم العالى والبحث العلمى بمجلس النواب, حيث جمع بين الجهود العلمية والجهود الحكومية ودور المجتمع المدنى فى مكافحة هذا المرض اللعين، وكان له الفضل الأكبر فى اجتذاب العديد من القيادات الشعبية للتعاون معه فى جهوده من أجل القضاء على هذا المرض وذلك بانشاء جمعية أهلية باسم (جمعية رعاية مرضى الكبد بالدقهلية) تغطى نشاطها بجميع أنحاء الجمهورية، ومن أغراض هذه الجمعية ان تقدم مساعدات طبية (أدوية وفحوصات) ونقدية وعينية لمرضى الكبد غير القادرين وأسرهم ونشر الوعى الصحى بهذه الامراض وكيفية الوقاية منها وعقد ندوات ومؤتمرات وعمل نشرات وتدريب الكوادر الفنية من الأطباء وفنيى المعامل والممرضات فضلا عن انشاء مستشفى ومعهد لأبحاث أمراض الكبد. ويحسب للدكتور جمال شيحة حرصه على أن يقام هذا المعهد فى منطقة ريفية بجوار مدينة شربين محافظة الدقهلية وفى موقع استراتيجى يمكنه من استقبال وعلاج المواطنين من عدة محافظات حيث تتوسط محافظة الدقهليةمحافظات شمال ووسط الدلتا مما يجعلها فى موقع ملائم لخدمة أبناء الدلتا والمحافظات الاخرى. وقد حرص الدكتور جمال شيحة على انشاء وتجهيز وتشغيل مستشفى الكبد المصرى من خلال الجمعية الاهلية وجهود المجتمع المدنى ليكون مركزا طبيا فريدا ليس فى مصر فقط ولكن فى أرجاء الوطن العربى وان يضم هذا المستشفى معامل أبحاث ترقى للمستوى العالمى ووحدة وبائيات لرصد تطور انتشار أمراض الكبد. وبذلك فإن الدكتور جمال شيحة نجح فى انشائه لهذا المستشفى فى الجمع بين مقاومة فيروس سى ومعالجة أمراض الكبد بما يسمح بعلاج 100 ألف مريض سنويا بالعيادات الخارجية وإقامة 20 ألف مريض سنويا بأجنحة الإقامة وإجراء 1600 عملية جراحية سنويا بالاضافة الى الابحاث التى ستجرى بمعمل الابحاث المركزى بالمستشفى. وتبدو جهود المجتمع المدنى واضحة فى المشروع الذى تبناه الدكتور جمال شيحة فيما يسمى «قرية خالية من فيروس سى» حيث يشمل هذا المشروع عشرات القرى فى 10 محافظات بالدلتا والصعيد بالاضافة الى فروع الدقهلية وأثمرت الجهود الطبية فى هذه المحافظات وما بذل من نشاط فى القرى المختارة بها عن اعلان العديد من القرى خالية من الفيروسات الكبدية C وB وكان دور المجتمع المدنى متمثلا فى جمع التبرعات المالية من كل قرية لعلاج أبناء القرية غير القادرين ودعوة المواطنين للكشف الطبى من خلال الحملة وتلقى العلاج بها اذا ثبت اصابتهم بالفيروس وفى هذا الاطار تم عمل مسح وفحص ل 170618 مريض ما بين عامى 2015 و 2018 وقد أعلن حتى الان 63 قرية خالية من الفيروس سوف تصل الى 70 قرية فى نهاية مايو 2018. ما أشد حاجتنا إلى مثل هذه الجهود للارتقاء بمصر وحماية شعبها من أى أخطار. لمزيد من مقالات عبد الغفار شكر