«وجع السمع» هو ما تشعر به كل أسرة بها طفل «أصم» قام بزراعة «قوقعة»، فبعد إجراء العملية تدخل الأسر فى دوامة لا تنتهى تتمثل فى «التأهيل السمعى» والصيانة وقطع الغيار للجهاز الخارجى. بعد نشرنا حلقة الأسبوع الماضى من تحقيق «زراعة القوقعة» حدث تفاعل كبير بين «الصفحة» وأسر الأطفال الذين يشكون من مشكلات ما بعد العملية، لذلك نواصل هنا تكملة فتح هذا الملف، وعرض رد وكلاء الشركات العالمية فى مصر حول أسباب ارتفاع أسعار تحديث السماعات التى باتت ترهق الآلاف من الأسر. نبدأ هنا بقصة الطفل يوسف مصطفى محمد «10 سنوات»، يدرس فى الصف الرابع الابتدائى بمدرسة دهشور المشتركة، فهو منذ شهر نوفمبر 2017 لم يذهب إلى المدرسة مثل بقية الأطفال بسبب «عطل» حدث فى السماعة الخارجية التى يرتديها بعد عملية زراعة القوقعة، مما جعله يعود إلى عالم «الصمم» مرة أخرى. وبالرغم من أن ثمن السماعة 175 ألف جنيه، استطاع والده تجميع 130 ألفا من خلال تكافل زملائه فى العمل وبعض الجمعيات الأهلية إلا أنه لم يستطع الحصول عليها، فالشركة تشترط تسديد كامل المبلغ أولا، ثم الحصول على السماعة بعد 3 أشهر من الدفع، ويرفضون تقسيط المبلغ. هذا غير تكاليف جلسات التخاطب التى تصل إلى 1750جنيها شهريا مقابل 12 جلسة، علما بأن هذه الجلسات مستمرة مع يوسف كما يقول والده منذ إجراء العملية حتى يصل إلى 12 عاما، لأن التأمين الصحى طبقا لتكاليف العملية يتحمل فقط أول 6 أشهر من جلسات التخاطب، وباقى المدة على حساب الأسرة. رد الشركات «الأهرام» تواصلت مع أحد مهندسى الدعم الفني بإحدى وكلاء الشركات العالمية والذى أكد أن الشركة كوكيل لا تطالب المريض بضرورة تحديث السماعة الخارجية كل 6 سنوات, فالتحديث غير مرتبط بمدة زمنية معينة, ولكن هناك عوامل أخرى تلزم المريض على التحديث منها على سبيل المثال قيام الشركة العالمية بإصدار «موديل» جديد من الجهاز الخارجى مختلف فى تقنياته عن القديم, وبعد نزوله تقوم الشركة بوقف إنتاج القديم وبعض الأجزاء الداخلية الخاصة به. أما بالنسبة لارتفاع أسعار أجهزة القوقعة يقول: الأسعار تحددها الشركة فى الخارج, وهناك 4 شركات عالمية من دول مختلفة تقوم بتوريد الأجهزة للوكلاء فى مصر حسب عملة الدولة المصدرة, وبالتالى يتم دفع ثمن الشحنة بالدولار الأسترالى أو اليورو أو الدولار الأمريكى, واختلاف العملة هو سبب من أسباب ارتفاع سعر الأجهزة. وبالنسبة لتكلفة إصلاح الأجهزة الخارجية يقول المهندس: فترة ضمان أى قوقعة فى العالم بالنسبة للجزء الداخلي المزروع 10 سنوات, والخارجى 3 سنوات, وإذا حدث أى عطل فى الجزء الخارجى خلال فترة الضمان فيتكفل الشركة الأم بإصلاحه. صورة ضوئية لسعر السماعة الواحدة التحديات الكبرى للمريض وبالتواصل مع وكيل إحدى الشركات الأخرى فى هذا المجال أكد أحد مديرى المبيعات أن تحديث السماعات الخارجية أكثر التحديات الكبرى للمريض، ولكنه ليس التحدى الوحيد الذى يواجه أسر المرضى, فمن خلال موقعه كان شاهدا على تلف أو ضياع العديد من السماعات الخارجية نظرا لأن أغلب مستخدمى هذه السماعات الخارجية للقوقعة الصناعية هم من الأطفال تحت سن 5 سنوات, وبالتالى يصعب على الأهالى المحافظة على السماعة الخارجية من التلف أو التكسير أو الفقد, موضحا أن سعر السماعة فى الشركة يتراوح ما بين 70 إلى 90 ألفا للسماعة الواحدة, وهو مبلغ يراه غير بسيط على المريض، ولكن غير مبالغ فيه بالمقارنة بأسعار شركات أخرى بقيمه تتعدى ضعف هذا السعر, ويضيف:علينا جميعا النظر إلي إمكانات المرضي المادية المحدودة أمام هذا التحدى. وبالنسبة لموضوع الجمارك والضرائب أكد مدير المبيعات أن استيراد القوقعة معفي من قيمه الضريبة المضافة والجمارك, و يتم احتساب 2% قيمه جمركية للسماعة الخارجية كجزء مكمل للقوقعة, المشكلة كما يراها مدير المبيعات تكمن فى قطع الغيار كالكابل أو البطارية أو شاحن البطاريات أو قطعة الرأس التى تستند إلى الرأس, كل ذلك غير معفى من القيمة الجمركية بجانب الضريبة المضافة لأنه يتم معاملتها وكأنها قطعة غيار طبية وليست لأغراض مرضى ضعف السمع تحديدا والتى نص القانون على إعفاء أجهزتهم من الضريبة المضافة, وبالتالى يؤدى ذلك إلى ارتفاع سعرها للمواطن العادى, والحل كما يقول مدير المبيعات هو إعفاء قطع غيار القوقعة الصناعية من الجمارك وكذلك الضريبة المضافة, وإن لم يكن ذلك فعلى الأقل تخفيض قيمة الدولار الجمركى على هذه الأجزاء مما سيؤدى إلى تخفيض قيمه الجمارك وضريبة القيمة المضافة على قطع الغيار وبالتالى ستقل أسعارها نسبيا على المريض وأسرته. وأشار مدير المبيعات إلى ضرورة وجود جهة متخصصة داخل وزارة الصحة تقوم بتسهيل إجراءات استيراد قطع الغيار التى تستغرق عدة أشهر, في ظل صعوبة استيراد شحنات كبيرة مرة واحده بسبب صعوبة تخزين بعض قطع الغيار مثل البطاريات التي من الممكن أن تقل شحنتها داخل المخزن وقبل وصولها للمريض. كما طالب أيضا بالرقابة على أسعار قطع الغيار المقدمة من الشركات وفترات الضمان من خلال لجان متخصصة فى هذا المجال وذلك مراعاة لظروف أسر المرضى, فمثلا الكابل المتوافر فى الشركة الخاصة به يقل بقيمه 30 و40٪ عن شركات اخرى, مع العلم أن الاثنين بنفس الجودة، بل أحيانا يكون الأقل سعرا هو الأطول فى فتره الضمان. أهمية التأهيل بعد الزراعة وعن أهمية دور التأهيل والتخاطب بعد عملية زراعة القوقعة تقول د. منى حجازى أستاذ أمراض التخاطب بكلية الطب جامعة عين شمس إن التأهيل السمعى والتخاطبى لا يقل أهمية عن الزراعة نفسها ولابد أن تسبقه وتتوازى معه عملية ضبط لبرمجة الزراعة ومتابعة لهذه البرمجة من قبل طبيب سمعيات. وتكمل: صحيح أن الطفل بعد عملية زراعة القوقعة يكتسب السمع بطبيعة الحال مع وجود الجهاز, إلا أنه قد لا يكتسب اللغة والكلام والسبب فى ذلك أن الطفل قد يكون تعدى فترة اكتساب اللغة التلقائية والتى تبدأ فى الشهور الأخيرة من عمر الجنين وتستمر بعد ولادته. أما بخصوص المدة اللازمة للتأهيل التخاطبي بعد الزرع تقول د. منى إنها تتراوح ما بين سنتين إلى 4 سنوات حتى دخول المدرسة, إلا أنه فى كثير من الأحيان قد يحتاج الطفل إلى استمرار التخاطب حتى بعد دخول المدرسة. وعن عدد جلسات التخاطب التى يحتاجها الطفل تقول: التوصيات العالمية للجلسات هى ساعتين فى اليوم وثلاث مرات أسبوعيا. أما بالنسبة لدور التأمين الصحي فى عملية التأهيل تقول د. منى أن التأمين الصحى يوفر حاليا فترة تأهيل مجانية تصل إلى سنتين فى المستشفيات التابعة له, و6 أشهر فى المستشفيات الأخرى تعطى بالشكل والعدد المتاح طبقا لإمكانيات كل مستشفى, إلا أن تلك الفترة مازالت غير كافية للتأهيل الكامل ولا يواظب عليها جميع الأسر نظرا لبعد المكان عن السكن.