تكرر الاعتداء الإرهابي علي الحدود المصرية مع إسرائيل خلال الأشهر الماضية, الأمر الذي ينبئ بخطورة ما نحن مقدمون عليه وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة الإرهاب. وذلك بجميع الصور والوسائل ولحماية حدودنا من الإرهاب أيا كان نوعه سواء كان من منظمات ارهابية أو جماعات دينية متطرفة والوقوف علي الوسائل الحقيقية للحفاظ علي الأمن القومي المصري, وذلك طبقا لآراء الخبراء الاستراتيجية وخبراء مكافحة الإرهاب. أما اللواء سامح سيف اليزل الخبير الاستراتيجي فيري أن هناك وسائل عديدة لإيقاف مثل هذه العمليات بوضع وسائل إلكترونية حديثة علي الحدود, لاكتشاف أي عملية تسلل من أو الي البلاد وكذلك استخدام طائرات دون طيار بدوريات مستمرة فوق المناطق الحدودية الساخنة لاكتشاف أي عمليات قد تكون موجهة الي أي من الوحدات أو الأماكن. وأضاف أنه يجب أيضا غلق الانفاق التي تسبب تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري خاصة في سيناء, وضرورة استخدام كل الطرق التي تصل في النهاية الي القبض علي المسجلين الخطرين والمشتبه فيهم وتقديمهم للعدالة, وتجفيف منابع الأسلحة وتجارتها علي أراضي سيناء بصفة خاصة وبشكل عاجل, والتعاون مع شيوخ القبائل ومواطني سيناء الشرفاء للابلاغ عن أي عمليات مشابهة قبل حدوثها. أما المكابرة بأن( سيناء آمنة) فهو قول يجانبه الصواب لأن الأحداث التي شاهدناها علي أرض الواقع في سيناء خلال الأشهر القليلة الماضية تنفي ذلك القول شكلا وموضوعا, وذلك بدليل تفجير خط الانابيب16 مرة واستمرار الاعتداءات علي أقسام الشرطة بصفة دورية وأيضا الاعتداء علي كمائن الشرطة والاستيلاء علي سيارات نقل الأموال, وخطف سياح رهائن من جنسيات مختلفة لفترات سابقة خلال الشهور القليلة الماضية بالاضافة الي الوصول في النهاية الي الاستيلاء علي طيارتين للمراقبين الدوليين وأخذ رهائن منهم مقابل الافراج عن بعض المقبوض عليهم لدي السلطات المصرية, فإن هذا يؤكد أن الأمن غير مستقر في سيناء. وأن القول بأن سيناء آمنة قول خاطئ, وهذا يستدعي ضرورة وضع الخطط اللازمة والاجراءات الصارمة لوضع الحالة الأمنية في وضعها الصحيح. ويؤكد اللواء الدكتور أحمد عبدالحليم عضو المجلس المصري للشئون الخارجية, أنه لا يجوز أن نحصر ماحدث في أنه مجرد قضية ارهاب لكنه عملية من العمليات التي تتطلب تحليلا دقيقا, وفي هذا الاطار علينا ان نتعامل مع الواقع وبصراحة شديدة فالواقع يقول إن المجموعة التي قامت بهذه العملية جاءت من غزة عبر الانفاق, وأن هناك مجموعة أخري موجودة في منطقة جبل الحلال بنفس التجمعات الجهادية وهي تعاون القادمين من الانفاق فعملية التخطيط تمت في غزة بالاضافة الي أفراد من غزة, وعلينا أن نتعامل مع هذه الحقائق دون أي هوادة. وأمر آخر يجب ان نضع أعيننا عليه هو ان منطقة الشرق الأوسط الآن بها عدد من الاضطرابات لها علاقة ببعضها بمعني أنه بالماضي عند حدوث أي مشكلة داخل دولة ما يقتصر الموضوع علي هذه الدولة. أما الآن فالموضوع تغير نتيجة للارتباط الوثيق بين المستوي الدولي والاقليمي والمحلي وهذا يعني أن مايحدث في سوريا الآن علي سبيل المثال لا يمكن فصله عن حادثة الأمس بسيناء, وأن سوريا لها دعم من حماس ولها دعم من ايران وحزب الله وأن كل هذه تتحرك لدعم الحكم السوري للقضاء علي الاضطرابات, ولا نستطيع فصل كل ذلك, فالحادث لا يجوز حصره في الإرهاب فقط, ورغم ذلك فإنه بعد11 سبتمبر2001 في الولاياتالمتحدةالأمريكية وعقب العملية الأمريكية في أفغانستان تغير شكل المنظمات الإرهابية بمعني انها لم تعد تنظيما واحدا ولكنها رأس ومجموعة كبيرة من الخلايا النائمة والذي يحركها هو قيادة التنظيم ولكن المجموعات قد لا يعلم أي منها شيئا عما يتصل بالمجموعة الأخري. وبالتالي فإن تحريك هذه المجموعات سواء في قطاع غزة أو علي أرض سيناء قد لا يتم في لحظة واحدة, ولكن بالتنسيق مع بدء العملية وعلينا أن نعرف أيضا أنه من الأشياء الموجودة في سيناء أن المنطقة( د) موجودة في إسرائيل وفريقا من الجيش الإسرائيلي الذي يسمح لهم بالسيطرة الكاملة علي الحدود وما يحدث فيها, أما بالنسبة لباقي مصر فالمنطقة ج ليس بها قوات كافية, الأمر الذي يتطلب ضرورة وجود تعزيز سواء بالاتفاق طبقا للمادة الرابعة بالاتفاقية, ثم الابلاغ بقرار مصر في ذلك بالاضافة الي نقطة مهمة وهي أننا في تعاملنا مع قضايا غزة كان يغلب علينا بعض الاعتبارات التي لا تجعلنا نتعامل مع الواقع كما يجب, ومن هنا نقول إن المجموعة الارهابية الموجودة في سيناء وبمنطقة جبل الحلال كان التعامل معها يقف عند حدود تلك المنطقة وما حدث بالأمس يتطلب منا استخدام الأسلحة للتعامل مع الارهابيين الموجودين في المنطقة. ومن الاعتبارات المهمة والتي يجب أن نأخذ منها درسا مما حدث وهو ضرورة ابعاد القوات المسلحة عن المشكلات الداخلية لكي تتفرغ لحماية الأمن القومي المصري وحدود مصر الدولية وهذا لا يمكن أن يتم الا برسالة مباشرة للشعب المصري العظيم أنه آن الأوان للاستقرار الداخلي. وعلينا أن نعلم أن هناك أطرافا كثيرة داخل وخارج سيناء وخارج مصر كلها يهمها ألا تقام دولة مصر الجديدة علي أسس سليمة لأن ذلك يغير توازنات المنطقة وأهمية دول المنطقة كلها فيما يتعلق بالأمن القومي التابع له. فما حدث له زاوية سياسية وعسكرية أخري تتعلق بقضايا الإرهاب وعلي متخذي القرار السياسي والعسكري أن يأخذوا في اعتبارهم كل هذه الأمور للخروج بالقرار الأمثل لتأمين مصر لأن القرار الاستراتيجي ليس له قلب ولكنه عقلاني ويقوم علي الحساب المجرد ولا يكون هناك أي نوع من المجاملة فيجب الرد الحاسم بصرف النظر عن أي حسابات أخري. فالعنصر الرئيسي في هذه القضية إننا كنا نثق في قطاع غزة والجانب الفلسطيني أكثر من اللازم وهو الأمر الذي أدي الي المفاجأة التي دفع شهداؤنا ثمنها من دمائهم الزكية. كريمة عبدالغني