الدول القديمة مثل مصر الضاربة بجذورها فى أعماق التاريخ، وعرفت كل أشكال وأنواع «السلطوية» تستطيع فى كل المنعطفات الحادة، أن تتجاوز الأخطار والتهديدات، ليس بأقل قدر من الخسائر، بل بإعادة الحياة إلى سيرتها الأولى، قبل أن تهب العاصفة. ليس هناك مبالغة، إذا قلنا إن «الدولة العميقة»، التى تتكون نتيجة التحالف بين نوعين من المصالح : مصالح السلطة ومصالح البيروقراطية، المترسخة فى مواقعها المؤثرة، هذه الدولة هى التى تستغل كل قدراتها ونفوذها وهيمنتها، فى إخماد البراكين وتهدئة الزلازل، ومحاصرة كل الأخطار القائمة والمحتملة، لأنها لا تقبل التضحية بمصالحها وتمايزاتها، لذلك تعمل بكل ما أوتيت من قوة، على مقاومة التغيير وبقاء واستقرار الأوضاع السائدة. ابحث عن الدولة العميقة فى كل شىء، سوف تجدها وراء تبديد كل فرص العبور الآمن الى المستقبل، بإجهاض أحلام التغيير والتحديث ، والمشكلة أن الصدام مع هذه الدولة لا يجدى كثيراً، لانها قادرة ومحترفة فى كسب المعارك، وتحقيق أهدافها فى النهاية. هذه الدولة القوية لا يمكن التغلب عليها، إلا بترويض طويل، تستخدم فيه «جزرة» الحوار، وهى عملية سياسية فى الأساس، لا يمكن أن تتحقق إلا بفتح المجال العام أمام الجميع، وإلى أن يحدث هذا فلابد أن نقول : «تحيا الدولة العميقة». فى الختام يقول أمل دنقل :«كل الأحبة يرتحلون/ فترحل عن العين شيئاً فشيئا / ألفة هذا الوطن». [email protected] لمزيد من مقالات محمد حسين