لم أكن أدري أو حتي أتوقع، أن صدره الصغير يحمل كل هذا الغضب الكبير، وكل هذا الألم الكبير، وأن عقله يرفض كل الحقائق الخاصة بالقضية، إلا حقيقة واحدة فقط لا تقبل النقاش والجدل والمساومة، وهي أن جزيرتي «تيران وصنافير» مصريتان، بحكم التاريخ والسيادة والأهمية الاستراتيجية، ودماء شهداء الوطن. حقيقة شعرت بأسف عميق فى نهاية الحوار لأنني لم أحترم رغبته في عدم إثارة القضية معي، عندما سألته عن رأيه فيها، فقد كان حريصا لاعتبارات إنسانية وأخلاقية علي ألا يثير غضبي. وأمام إصراري أخذ يتحدث، ولكن بغضب لم أعهده فيه من قبل، وجاءت كلماته مثل «زخات» رصاص ساخنة، تحمل الإدانة والاتهامات بالتفريط في الأرض دون وجه حق، وكانت سخريته مريرة عندما أشار إلي أن هذه الحالة تعتبر «سابقة» في التاريخ،لأنه لم يحدث من قبل أن قامت دولة بإثبات حق دولة أخري، في أرض تحت سيادتها وحمايتها. لم أحتمل غضبه وحدته، فرددت عليه بقسوة واستخفاف، ومارست قهرا «جيليا»، حتي انتهي الحوار الذي شعرت بعده بأسي كبير، فما كان يجب أن أكون حادا، كما كان يجب أن أقدر غضبته النبيلة، لذلك فأنا أدين له باعتذار .للأسف ننسي دائما نحن الكبار، أن الشباب بحكم تكوينهم النفسي متعصبون، وهذا التعصب يجعلهم يرون أن غيرهم علي خطأ وهم علي صواب، ولكن ليس أمام المجتمع بكل مؤسساته إلا أن يمد جسور الحوار معهم، لأن الخسارة والأخطار أيضا، تكونان كبيرتين عندما يتم تجاهلهم وإقصاؤهم، أو عندما تلقي القرارات في وجوههم دون تمهيد، مما يثير غضبهم وحنقهم ورفضهم للجميع. في الختام يقول جوتة: «إن مصير كل أمة يتوقف علي شبابها». [email protected] لمزيد من مقالات محمد حسين