أعلن محمد صلاح ان له هدفا سوف يعلنه فى نهاية هذا الموسم الكروى، وأنا لى امنية أرجو ان يتبناها ويعلن ذلك مع هذا الهدف. هذه الأمنية نابعة من معاناة محمد صلاح هذا الشاب الريفى الذى تعلق بكرة القدم وبذل من أجلها كل الجهد الذى أوصله الى هذه المكانة الرفيعة فى الدورى الانجليزى والسمعة العالية على المستوى العالمى ولم يكن ذلك ليتحقق من فراغ، فقد نجح فى إقناع والده بحلمه فى احتراف لعب كرة القدم إلى الحد الذى كرس فيه الأب وقته وجهده وماله من أجل تحقيق أحلام ابنه، بل إنه كرس وقته لكى يسافر معه يوميا الى نادى عثمانون فى طنطا ومن بعدها إلى نادى المقاولون العرب فى القاهرة. يستيقظ الصبى محمد صلاح وأبوه فجرا كل يوم لقطع نحو أربع ساعات فى المواصلات من نجريج مركز بسيون إلى نادى المقاولون العرب فى القاهرة، يبدلون خلال السفر ثلاث أو أربع مواصلات ومثلها فى العودة. لم تهبط عزيمة الأب ولم يتبدل حلم الابن بل كان الإصرار رفيقهما فى هذه الرحلة الشاقة ويتساءل المرء: ترى فيمَ كان يفكر هذا الفتى الريفى وهو يجلس بجوار والده صامتا طوال هذه الساعات؟، وفيمَ كان يفكر الأب حول مستقبل ابنه وهو يمضى كل هذا الوقت وكل هذا الجهد وينفق من ماله على هذه الرحلة اليومية رغم حاجته الشديدة إليه فى سد احتياجات أسرته وزراعته؟. وهل فكر الأب يوما فى أن يثنى ابنه عن مواصلة حلمه؟ وهل تشكك ابنه يوما فى موهبته وتردد فى إكمال مسيرته؟ وكيف كان سينتهى به المآل لو فقد حماسه أو لو وجد فى طريقه مدربا لا يقتنع بموهبته أو مسئولا رياضيا يرفض قبوله فى ناديه؟ وكان هذا الموقف كفيلا بإحباطه ولكنه رغم هذا كله واصل طريقه إلى أن نجح فى اثبات نفسه كرويا وحصل على فرصته التى كان يبذل كل جهده من أجل الوصول إليها. كان محمد صلاح سعيد الحظ بوالده الذى لو لم يكن متفهما ومتعاطفا مع حلم ابنه لما وصل إلى ما وصل اليه الآن كواحد من أربعة لاعبين يتنافسون على زعامة كرة القدم عالميا. ويتساءل المرء: كم من الشباب المصريين الموهوبين فقدوا فرصتهم لأنهم لم يجدوا من يساندهم أو لم تتوافر لهم الامكانات التى تمكنهم من مواصلة المشوار. من هنا فإنى اقول إن الأمنية التى أرجو أن يتبناها محمد صلاح نابعة من معاناته وكفيلة بإتاحة الفرصة لمئات الشباب الموهوب فى كرة القدم للحصول على فرصتهم وإثبات أنفسهم فى هذا المجال. هذه الأمنية هى أن يتبنى محمد صلاح ويتحمل تكاليف إنشاء أكاديمية للناشئين تقدم لهم المعاونة الكفيلة بتحقيق أحلامهم كما تحققت أحلامه. إن اكاديمية محمد صلاح للناشئين سوف تجعل من مصر موردا لأجيال جديدة من لاعبى كرة القدم يمتلكون المهارات اللازمة لصعودهم الى مستويات عليا ولياقة بدنية كفيلة بتمكينهم من الممارسة الفعالة محليا وعالميا ورفع اسم مصر عاليا ليس فقط داخل مصر بل على المستوى العالمى. ويملك محمد صلاح كل الامكانات المادية والمعرفية والإنسانية التى تمكنه من تأسيس هذه الاكاديمية على اعلى مستوى وسوف يعود عليه مردودها كما سيعود على هؤلاء الشباب وكما سيعود على مصر أيضا. والشرط الأساسى لنجاح هذه الاكاديمية أن تتخذ الطابع المؤسسى الذى يديره شخصيات محترفة على أعلى مستوى فنى فى مختلف المجالات المتصلة بكرة القدم وذلك من خلال مجلس أمناء يشرف عليه، يضم شخصيات تاريخية ليس فقط فى كرة القدم بل أيضا فى التربية وعلم النفس والإدارة. ويمكن أن ينضم إلى هؤلاء مدربون دوليون يتمتعون بسمعة عالية وخبرة كبيرة تتوافر لهم القدرة على تدريب الناشئين وتوجيههم. ومن المهم أن يحصل الدارسون بهذه الاكاديمية على التغذية المناسبة والرعاية الطبية الكافية والتدريب المهنى والتوجيه السلوكى والأخلاقى مما يؤهلهم لشق طريقهم نحو آفاق أرقى. كما يمكن للأكاديمية أن تستضيف لاعبين عالميين لتبادل الخبرة مع الدارسين. وتستطيع أكاديمية محمد صلاح للناشئين أن توفر لنفسها دخلا متناميا عندما تشترط أن يكون لها نسبة مئوية مع انتقال خريجيها من ناد إلى آخر وبذلك فإن محمد صلاح بقدر مايتحمل فى البداية من أعباء مالية فانه سيضمن للأكاديمية دخلا ماليا كلما قدمت لكرة القدم نجوما بموهبته وأخلاقه. هكذا يرد محمد صلاح الجميل لبلده مصر التى ستكتسب شهرة عالية بما تقدمه لكرة القدم من لاعبين موهوبين وسيكسب هو أيضا سمعة عالية لا تقدر بثمن سواء فى مصر أو على المستوى الدولى.. فهل يفعلها محمد صلاح؟ وهل يعلنها مع إعلانه هدفه فى نهاية الموسم الرياضي؟ لمزيد من مقالات عبد الغفار شكر