فى كل بلد لجأوا إليه سطروا قصص نجاح روتها تجاربهم بعد أن فقدوا بلادهم لتصبح قصص نجاحهم ملئ السمع والبصر, أنهم اللاجئون السوريون الذين أقاموا من واقعهم الصعب بداية جديدة لتوفير لقمة العيش خارج حدود وطنهم الذى فرو منه هربا من ويلات الحرب ليقدموا بذلك مثالا نادرا على الاندماج الناجح مع المجتمعات الأخرى . وقد كان لمطبخ السوريين نصيب الأسد فى المشروعات التى أقامها اللاجئون السوريين وذلك لما يعرف عنه من عراقة وتنوع باعتباره واحداً من أقدم وأغنى المطابخ فى العالم ليصبح بمثابة شعلة تضيء اندماج المهاجرين السوريين مع عالمهم الجديد والجسر الذى يعبر بهم إلى حياة أخرى ، ولا سيما بعد أن ازدادت شعبية المأكولات السورية و تزايد الإقبال عليها يوما بعد يوم حتى أصبحت الأطباق العربية تحتل مكانا على طاولة الطعام فى البلاد الغربية. ويمكن القول إنه حتى وقت قريب، كان المطبخ السورى يوجد بالكاد فى كندا وخصوصا تورونتو ومونتريال لوجود الجاليات العربية بهما , حيث كان يسيطر على ساحة المأكولات هناك الوجبات السريعة ومحلات البيتزا والمطاعم الصينية والهندية إلى أن ظهر الأكل العربى وبالأخص الأكل السورى الذى لقى قبول الأذواق الكندية. كما أنه يصنف ضمن مأكولات البحر المتوسط الغنية بزيت الزيتون والخضروات ، وانتشرت المواد الغذائية السورية والحلويات وشتى أنواع الأجبان والبهارات والمكسرات , والأكثر من ذلك أن القهوة عربية وأدوات الطبخ العربى هى أيضا اكتسبت شهرة واسعة .ولعل السبب فى وجود طفرة فى انتشار الغذاء السورى بكندا على مدى العامين الماضيين هو توطين أكثر من خمسين ألف لاجئ سورى . وقد سلط التقرير الذى نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية الضوء على أحد المطاعم فى كندا و الذى تفوح منه رائحة الأطباق الشرقية وبعض التوابل مثل السماق والزعتر التى تعبق المكان, بجانب عرضه للأغانى العربية القديمة وهو ما يعطيه خصوصية فريدة إضافة إلى الزى الذى يرتديه العمال والمكتوب عليه «مع الحب من سوريا». وهذه المشروعات أظهرت التنوع الكبير فى أعمار اللاجئين السوريين الذين يعملون فيها حيث تتراوح أعمارهم مابين 17 إلى 70 عاما، إضافة إلى تنوع طوائفهم فمنهم الشيعة والسنة والدروز والكرد والعلويين والمسيحيين.والجدير بالذكر أن المطعم يعد من أشهر الأماكن ذائعة الصيت فى تورونتو والذى بدأ عمله منذ عام 2016 ويمنح اللاجئون السوريون الذين وصلوا إلى كندا والذين كانوا يعيشون مؤقتا فى فنادق المطار فرصة للعمل من خلال طهى الوجبات ذات الطابع الشرقى . وتختلف تجربة المهاجرين السوريين عن غيرهم من المهاجرين الآخرين مثل الفلبينيين والسريلانكيين الذين اقتصرت المطاعم التى أقاموها على أحياء المهاجرين لتلبية احتياجات مواطنيهم، بينما وسع السوريون شركاتهم فى جميع أنحاء البلاد، لتصبح المدينة بأكملها فى حالة هوس بكل مأكولاتهم. كما أنهم استطاعوا تسويق وجباتهم على منصات التواصل الاجتماعى مثل «انستجرام» و«الفيس بوك». غير أنه بطبيعة الحال يجد اللاجئون السوريون صعوبة فى العثور على المكونات السورية الأصيلة التى يستخدمونها فى تحضير وجباتهم فى كندا، خاصة مع استمرار الحرب فى سوريا.