فى مشهد عبثى وكأنك تشاهد فيلمًا سينمائيًا من أفلام الأكشن التى يتم تصويرها بالمناطق الشعبية وأنت ترى مجموعة من الصبية يحطمون «سوبر ماركت» ملك سيدة يراها سكان منطقة البساتين بالكامل على أنها السبب الرئيسى فى واقعة مقتل الشاب «محمود» ابن ال 22 عامًا الذى سقط جثة هامدة غارقا فى دمائه جراء طعنة نافذة فى الصدر قبل أن يحتفل بزفافه الذى لم يكن يتبقى عليه سوى أيام فقط. كانت عقارب الساعة تشير إلى التاسعة مساءً، عندما طرق أحد الجيران باب منزل «محمود»، ليخبره بمشاجرة صديقه الضيف مع عدد من شباب المنطقة أمام السوبر ماركت الذى توجه إليه لشراء بعض المستلزمات. على الفور توجه «محمود» مسرعًا إلى مكان الواقعة، لا يشغله سوى استكشاف الأمر ولا يهمه سوى احتواء الموقف حفاظًا على ضيفه، ليجد أن مشاجرة حدثت بين صاحبة «السوبر ماركت» وشاب لاتهامه بسرقة أموال من المحل، الأمر الذى حاول صديق محمود التدخل فيه أثناء وجوده فى المحل، إلا أنه نشبت بينه وبين شباب المنطقة مشادة بعد اعتقادهم عن طريق الخطأ أن صديق محمود هو المتهم بالسرقة. رواية واحدة رسخت لدى انطباع كل من مرّ على هذه المشاجرة سريعا دون تحقق، وهى أن صديق محمود ليس سوى المتهم فى واقعة سرقة «السوبر ماركت»، خاصة أنه غريب عن المنطقة لا يعرف أحد سلوكه، فى الوقت الذى بدأ «محمود» يوضح حقيقة الأمر لأهالى منطقته منذ أن تدخل لإنهاء المشاجرة محاولًا انتشال صديقه من بين سواعد شباب منطقته التى انهالت عليه بالضرب حتى أنهكت قواه. «صاحبك حرامي» جملة قالها «فوزي» عامل الرخام وأحد شباب المنطقة ل «محمود»، كانت شرارة المعركة الدامية التى اندلعت لأكثر من 4 ساعات فى منطقة بئر السلطان، والتى أودت بحياة هذا الشاب المغرم بفنون التصوير والفوتوغرافيا منذ نشأته، بعد أن سدد له المتهم «فوزي» 3 طعنات فى الصدر أودت بحياته قبل وصوله إلى المستشفي. تفاصيل الواقعة يرويها والد «المجنى عليه» الذى جلس أمام منزله يتلقى العزاء قائلًا: «يوم الحادث كان صديق «محمود» فى زيارة لمنزلنا لتسلم عدد من الصور التى التقطها له نجلي، وقد توجه لشراء بعض المستلزمات الغذائية من السوبر ماركت المجاور للمنزل ليفاجأ بوجود مشاجرة بين صاحبة المحل وأحد الأشخاص، وعند محاولته التدخل لفض الاشتباك اعتقد شباب المنطقة أنه طرف المشاجرة، فقاموا بالتعدى عليه بالضرب، ما أثار غضب محمود، والذى قرر أن يذهب مسرعًا لتوضيح الأمر ورفع الأذى عن صديقه، لكنه دفع حياته ثمنًا لإنقاذ صديقه... «أسماء. م» خطيبة المجنى عليه جلست وسط شقيقات «محمود» يرتدين السواد داخل مسكنه وتتوسط صورته جلستهن، تتذكر تفاصيل الواقعة قائلة: المتهم كان دائم الشجار مع «محمود» رغم أنه من جيراننا، ورغم علمه بأن صديقه ليس طرفًا فى المشاجرة، فإنه أصّر أن يحرجه أمام أهالى المنطقة وأمام ضيفه بكلمات لا يتقبلها أحد، وقد حذره «محمود» أكثر من مرة قبل ذلك ليكف عن هذا الأسلوب وأن ينتهى عن مضايقته، إلا أن المتهم تمادى فى تطاوله وإساءته. ولم تختلف المعلومات التى وردت فى محضر التحريات التى أمر بها اللواء جمال عبد البارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام عما جاء فى روايات أقارب «المجنى عليه». لكنها أضافت أن «المجنى عليه» تعدى فى أثناء المشاجرة قبل وفاته على «المتهم»، وأحدث إصابته بجرح سطحى بفروة الرأس مما أغضب الأخير ورد عليه بطعنات نافذة بالصدر من الجهة الأمامية أودت بحياته وسط الشارع أمام المارة دون تدخل من أحد. كما كشفت التحريات بإشراف اللواء محمود أبو عمرة نائب مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة أن مشادة نشبت بين المتهم «فوزي.م» عامل الرخام، والمجنى عليه «محمود عادل» منذ أسبوع جعلت المتهم يبيت النية للانتقام، فأصر يوم الواقعة على استغلال موقف صديق المجنى عليه والتمادى فى مضايقته لإجباره على التشاجر معه، وبالفعل نجح فى ذلك وتمكن من إثارة غضب المجنى عليه الذى تعدى عليه إلا أن المتهم رد عليه ب 3 طعنات أودت بحياته قبل وصوله إلى المستشفي. وكان اللواء محمد منصور مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة قد تلقى إخطارا بالواقعة، وتمكن ضباط مباحث من ضبط المتهم وبحوزته السلاح المستخدم فى الواقعة واعترف بارتكاب الجريمة وأمرت النيابة حبسه على ذمة التحقيقات.