«إصحى لينا إحنا جينا.. لو هاتدمر سيبها علينا.. هاتولع نار.. هاتبقى دمار.. كله عشان خاطر أراضينا».. هل أفزعك الصوت عند الهتاف الأول؟ هل أوقع فى نفسك رهبة غامضة المصدر؟ ذلك الهتاف المزلزل الذى أخافك وأنت الحبيب.. تخيل ما يفعله بقلب العدو. أقاصيص من حكايات بطولة.. يجتمع حولها الشهود وتتفق حول مجدها الروايات.. عن جنود كتيبة ضربوا المثل فى الصمود والبسالة والفداء.. زادوا عن موقعهم بجنوب رفح أمام هجوم إرهابى غادر فى يوليو 2017 حتى آخر مقاتل.. يقودهم شهيد عقيد بهى الطلة دائم البسمة يحمل اسم أحمد منسي.. يأخذ الموت فى أحضانه بين أكتاف رفاقه.. لجنة لا خوف فيها ولا حزن.. ولخلود لا سهو عن ذكره ولا نسيان.. ولمجد يلهم الملايين من بعده أن العمر ساعة.. والسيرة زمن مديد.. وما أساطير إلياذة الإغريق إلا نسج من أقاصيص حكايات بطولة حية مثل منسي. «منسى بقا اسمه الأسطورة.. من أسوان للمعمورة.. خالد مغربى دبابة.. بطل وجنبه احنا غلابة ..» النقيب الشهيد خالد مغربى «الدبابة».. ما أعظم أن تأتيك ألقابك من ألد أعدائك.. كان «الدبابة» هو ما أطلقه الإرهابيون على الشهيد.. كانت هجماته مرعبة كاسحة ثقيلة الوطأة.. حتى أمروا بمكافآت مالية ضخمة لمن يظفر بحياته.. لا يدركون أن مثل خالد فى ساحة الحرب آلاف فى المعسكرات.. وملايين فى الشوارع.. على أشد الجاهزية وأهبة الاستعداد.. وأن خلف «الدبابة» يزأر سرب مترامى الأطراف من «الدبابات». على وقع الخطوة العسكرية الثابتة.. تزلزل كلمات أبطال الصاعقة المصرية الأرض.. فى معسكرات التدريب كما فى ميدان المعركة.. صوت واحد وقلب واحد وهدف واحد وصف واحد.. يمضى لطريق لا رجعة عنه إلا بنصر أو شهادة. مغربى والشبراوى وراه.. رامى حسنين راح يستناه.. وإيهاب لطفى وعمرو وهيب.. فى الجنة بيتهنوا معاه.. وأبو النجا وخالد زهران.. هتفوا بصوت جلجل جواه. بعبقرية متناهية وبقلب صادق، جمع الرائد محمد طارق بطولات الشهداء فى كلمات مقتضبة دالة مباشرة منظومة على وقع الخطوة العسكرية.. منسوجة من عبارات الجنود ووأهازيجهم ورمال الجبهات وشمسها الحارقة.. حماسية تهز قلوب من يسمعها، وبصوت أكثر صدقا نقل رسالة الشهداء لرفاقه من الجنود المخلصين، لتقع على مسامع الإعلامي الإذاعي عظيم الموهبة وليد رمضان، فما كان منه إلا أن استشعر الصوت.. وتلقى الرسالة.. وأبدع فى نقلها بقالب لا يقل عبقرية وتلقائية وصدقا عن قائلها.. فوصل الصوت للملايين.. وردد الملايين ذات الهتاف. صوت هادر من أعماق القلوب.. تنتفض له العروق وتلتهب بناره الحناجر.. صوت قادم من أحضان بيت ريفى أصيل.. ومن عنفوان شارع بحى قاهرى قديم.. ومن خضار حقل صعيدى فسيح.. ومن قوة بحر سكندرى عميق.. ومن جلد صخرة سيناوية قاسية.. ومن صمود نقش فرعونى فوق جدار معبد بالأقصر.. ومن كبرياء مسلة أسوانية سامقة ترفع للسماء مجد أحفاد يسيرون على طريق أقدم الأجداد. أبطالنا فى سينا.. طيرانا فوقينا.. حاميين أراضينا.. أبطالنا فى سينا.. والدور جه علينا.. رايحين لشهادة.. لشهادة رايحين.. ما تقولوا آمين. فى مقال سابق بهذا المقام عقب هجوم «البرث» الإرهابى جنوب رفح الذى استهدف كتيبة الأبطال من سلاح الصاعقة المصري، أكدت أن هذا الجيل هو جيل الكتيبة 103، وأنه حمل ذات القلوب على الكفوف، وأن ما خطه مقاتلو كتيبة الصاعقة 103 ومن سبقوهم من جنود شهداء أبرار فى جبين الوطن من شرف.. فى القلب منه حاضنة من الأهل والبشر.. جنود كل فى موقعه، ملايين الشباب بين معلم وطبيب ومهندس ومحام وصحفى وبناء ومزارع وصاحب حرفة وسائق ميكروباص.. ردوا أصداء «قالوا إيه» بمئات من مقاطع الفيديو تداولتها مواقع التواصل من مدارس ومعاهد ومصانع.. يهتفون الهتاف ذاته.. ويرددون ذات الكلمات.. عن منسى الأسطورة.. ومغربى الدبابة.. وشبراوى وحسنين.. شهدائنا العرسان.