المشروع الطموح لمدينة العلمين هو أول بداية حقيقية من الدولة بالاهتمام الجاد بغربى البلاد، وهو إضافة نوعية لخطوات تحققت فى الفترة الأخيرة، فى الصعيد وسيناء، ضمن خطة متطورة تستشرف الحداثة والتطور، وهى جميعاً مؤشرات بأن الدولة قررت أن تُصحح ظلماً ساد عبر قرون فى سياسات وبرامج الحكومات المتعاقبة، وأنها تتوجه الآن لأن تكون منصفة فى النظر والتعامل مع كل أنحاء مصر، بعد أن ظلت دهراً تُركِّز طاقتها المحدودة على القاهرة، ثم تأتى الإسكندرية وبعض مدن الدلتا والقناة. هذا الاتجاه الجديد سوف يترتب عليه فوائد جمة، منها تبديد اليأس الذى عشش فى عقول ووجدان أبناء هذه المناطق بأنه لا أمل فى أن تهتم بهم الدولة، وأيضاً وضع الإمكانية العملية لحل مشكلات الاكتظاظ السكانى، خاصة فى القاهرة ثم فى الاسكندرية وبعض المدن، وهو ما كان يتسبب فى تدهور المرافق والخدمات وشيوع مظاهر الترييف فى هذه المدن..إلخ. ومن الكلام الباعث على الاطمئنان، أن يصدر من أكبر سلطة فى البلاد أن هناك إدراكاً بألا تتكرر أخطاء الاستيلاء على شاطئ البحر فى العقود الأخيرة لمصلحة أصحاب الشاليهات والفيللات فى القرى التى أنشئت بطول الساحل الشمالى، وأن التخطيط الجديد يلتزم بضمان حق عموم المواطنين والسياح فى التمتع بهذه الشواطئ وليس اقتصار الحق على سكان المنطقة، كما أن التخطيط الجديد يستهدف بناء مدن على أعلى مستوى فى العالم، وأننا نبدأ من حيث انتهى إليه العالم المتقدم، ليس فقط فى أسس وجماليات المنشآت والمرافق والخدمات، وإنما أيضاً فى طبيعة النشاطات الاقتصادية التى تُفسِح لها هذه المدن الجديدة مساحات للوجود والانتعاش. يبقى تساؤل لم يجد إجابة فى الشروح التى قدمها المسئولون ونقلها التليفزيون للمشاهدين: أين مشروعات مترو الأنفاق فى مخططات هذه المدن؟ وأين محطة السكة الحديد المركزية المتصلة بالمترو؟ وهل هناك أمل بأن تسير قطاراتها فى أنفاق تحت الأرض؟ حتى نتفادى كارثة عبارة «ورا السكة الحديد» التى دمرت مدن مصر بخلق مستويين متفاوتين من الحياة فى كل جانب، وكان الأفقر هو العُرضة للإهمال وللامتدادات العشوائية ولانتشار النشاطات الخارجة على القانون..إلخ!