حالة من الغضب الشديد تسود المجتمع بكل فئاته مما يعرض علي شاشة السينما من أفلام تركز فقط علي البلطجة والجنس والعنف, الأمر الذي اساء المواطن المصرى. فضرب السياحة في مقتل وهدد جذب الاستثمارات واساء للعاملين المصريين بالخارج خاصة في دول الخليج بهدف تحقيق الربح السريع تحت مسمي الإبداع. بعد أن رفعت السينما لافتة أهلا بالعنف ومرحبا بالجنس والعربدة تحولت من اداة جيدة لنشر الثقافة والاستحواذ علي عقول وقلوب ملايين المشاهدين المصريين والعرب في حب مصر الي سلاح قاتل دمر الصورة الذهنية للمواطن المصري لدي الدول العربية وحول مواطنيه الي بلطجية, ورجال أعمال الي لصوص, واطباءه الي فاشلين ونسائه الي عاهرات.. الأمر الذي ضرب السياحة في مقتل وأثر تأثيرا سلبيا علي جذب الاستثمارات العربية. وبرغم ان السينما المصرية ولدت في حجر رجال الأعمال وبأموالهم وافكارهم بداية من طلعت باشا حرب, ومازالوا حتي الآن هم المنتجين والموزعين الا اننا من النادر ان نجد فيلما يقدم صورة شريفة لرجل الأعمال.. وحطوا من مكانة المرأة وأصبحت أفلامهم مثل كلمني شكرا وأحاسيس وحين ميسرة, تحوي كثيرا من الجنس قليلا من الفن. وأفلام أخري مثل ابراهيم الأبيض مليئة بالعنف وإراقة دماء دون وجود هدف حقيقي لكل هذا العنف. هذا الوضع اثار استياء رجال الأعمال والسياحة, بل وصناع السينما أنفسهم وارجعوا ذلك الي الجري وراء تحقيق الربح السريع. يقول السفير جمال بيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب ان السينما بالتعاون مع وسائل الإعلام بداية بالفضائيات وصولا للصحف التي حولت الجميع الي غجر وأصبحت تعمل علي الحط من مكانة مصر, مضيفا ان هذا الأمر حذرت منه منذ عشر سنوات خلال اجتماع لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك بالجامعة العربية عقب موجة الأفلام الهابطة والتي أتذكر منها ياعزيزي كلنا لصوص. ويري السفير جمال بيومي ان استمرار هذا الوضع ادي الي ابتعاد المستثمر العربي والاجنبي عن مصر بل ان المصريين العاملين في دول الخليج يصرخون مما يكتب ويظهر علي القنوات الفضائية عن مصر. طالب رئيس اتحاد المستثمرين العرب بضرورة اعادة تجربة وزارة الثقافة والاعلام في عهد الدكتور عبد القادر حاتم والتي كانت تقوم بتقديم مساعدات في شكل دعم نقدي يقدر بحوالي45 الف جنيه لمن ينتج فيلما ملونا و25 الف جنيه للأبيض والأسود علي ان تكون هذه الأفلام هادفة. ليس حرية رأي صب الدكتور محرم هلال رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان غضبه علي السينما والأفلام السينمائية موضحا انها تصور رجال الأعمال دائماعلي انهم لصوص قائلا: إن ذلك ليس حرية رأي أو إبداع وإنما سفالة ومهزلة يجب ان يوضع لها حد, مشيرا الي ان حرية الإبداع لا تعني بأي حال من الأحوال انتاج أفلام تركز فقط علي العري والعربدة والبلطجة, الأمر الذي أعطي صورة ذهنية كاذبة عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في مصر ودمر صورة المستثمر المصري خاصة في دول الخليج, وان كان رأس المال بطبيعته جبان فان ما يحدث يزيد الوضع سوءا ويجعل المستثمرين العرب يهربون من مصر. يري عادل جزارين رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين ان الاتجاه العام في الأفلام السينمائية نحو العنف وإلقاء الضوء علي المنحرفين بالطبع يؤثر تأثيرا سلبيا علي جذب الاستثمارات والسياحة. وأضاف ان السينما والفضائيات والصحف لا تبحث عن النماذج الناجحة وتركز فقط علي الاثارة التي تزيد عدد المشاهدين والقراء وبالتالي تحقق أرباحا أكبر علي حساب مصلحة البلد, وان كان أصحاب هذه الصحف والفضائيات رجال أعمال أيضا. يقول رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين انه اقترح علي عدد من الكتاب ومنهم علاء الأسواني تأليف افلام ومسلسلات تتناول قصة حياة رجل اعمال وكيف حقق ثروته وبني مصنعه وشركته ليعطي الأمل للشباب, إلا ان السينما والأعلام يركز فقط علي السلبيات حتي سيطر الاحباط علي الشباب. موجة التدني في نفس الاتجاه يري عادل العزبي نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين باتحاد الغرف التجارية ان ما يحدث في السينما امتداد لموجة التدني والاسفاف بعد ان أصبحنا في عهد انحراف سلوكي وأخلاقي ينعكس في الأفلام السينمائية ومسلسلات ال سيت كوم بشكل شديد التدني ولا علاقة له بالاصول الاجتماعية ولكن علي الجانب الآخر هذا التدني يدر علي اصحابه ارباحا وأموالا تجعلهم يتمادون في هذا الطريق الذي يمكن ان ينتهي بنا الي دمار أخلاقي. اضاف العزبي: من ناحية اخري الانتاج الادبي والفني ينعكس علي الصورة الذهنية لأي مجتمع لدي الذين يعيشون بالخارج ومن هنا كان تأثير هذا الاسفاف شديد السلبية علي سمعة مصر والصورة الذهنية الادراكية العامة لدي العديد من الشعوب سواء العربية أو غيرها مما ينعكس بالسلب علي العديد من العلاقات بدءا من الاستثمار وانتهاء بالمعاملة السيئة والازدراء للمصريين خاصة في المجتمعات العربية وهو ما نلمسه ونشهده في العديد من المواقف لمعاملة رجال الاعمال في العديد من الدول العربية للعاملين المصريين لديهم. * ولكن كيف يري صناع السينما انفسهم وما ينتج من افلام؟ السلبية ألقي ابراهيم أبوذكري رئيس اتحاد المنتجين العرب اللوم علي المحطات الفضائية في التأثير علي عقلية المؤلفين وأصبح النجم في تلك الفضائيات يهتم بكل ما هو سلبي من بلطجة وعشوائية وجنس وأصبح الجانب السلبي يمثل مساحة أوسع في السينما والفضائيات وصفحات الجرائد. اكد ذكري ان السينمائيين اصبحوا في معركة ضد البلد بعد ان حولوا الشعب الي بلطجية ورجال الاعمال الي لصوص والاطباء الي فاشلين والمدرسين الي انتهازيين واغبياء... الخ موضحا ان السبب وراء هذا التدني الشديد في المستوي اهتمام صناع السينما بالثروة خاصة المنتجين. * ولكن هل الافلام المحترمة خاصة القديمة لا تحقق ارباحا؟ يقول رئيس اتحاد المنتجين العرب ان الافلام القديمة الرومانسية علي سبيل المثال كانت تكتفي فقط برقصة شرقية ولقطتين علي البلاج وتبقي القصة والحبكة الدرامية والهدف والخطاب الاعلامي السامي موجودة وان هذه الافلام كانت تحقق ايرادات فعلي سبيل المثال فيلم عنتر وعبلة لنيازي مصطفي وصلت ايراداته حوالي43 الف جنيه اي4 اضعاف تكلفته دون اسفاف أو عري, وان ما يحدث حاليا ليس حرية أو ابداعا وانما جرائم ترتكب باسم الابداع في ظل غياب الرقابة التي تركت الباب مفتوحا علي مصراعيه امام افلام الدعارة والجنس وكل مايهدم العادات والتقاليد. في حين ألقي منيب الشافعي رئيس غرفة صناعة السينما اللوم علي عدة اطراف! الاول الكتاب الذين اصبح تركيزهم الاول علي هذه النوعية من الافلام وما تحتويه من ترد في الالفاظ والطريقة غير المحترمة التي يتناول بها المرأة, أما الطرف الثاني فهو شركات الانتاج خاصة الجديدة منها التي لا تمتلك الخبرة الفنية وتبحث عن انتاج أي افلام تحقق ارباحا, اما الطرف الثالث فهو الرقابة التي تركت دورها الاساسي, موضحا ان دور الغرفة ليس الرقابة, وكل ما تستطيع القيام به اجراء حوارات ودية وفي الغالب لا تنجح في تعديل اتجاه هؤلاء المنتجين. من جانبه اعترف اشرف زكي نقيب الممثلين بان موجة الافلام التي ظهرت أخيرا وركزت علي العشوائيات بشكل سلبي ضربت السياحة في مقتل. وانه تقدم بمبادرة لدعوة المهتمين بهذا الشأن بغرفتي السياحة والسينما للبحث عن آليات جديدة للانتاج يتعاون فيها رجال السياحة وصناع السينما لانقاذ الوضع وهي خطوة وإن جاءت متأخرة كثيرا إلا انها ضرورة حتمية. اتهم نقيب الممثلين الذين يسيرون وراء هذه الموجة من الافلام من صناع السينما الذين يهدفون الي تحقيق الارباح دون وضع اي اهتمام لمصلحة البلد ضاربا المقارنة بالولايات المتحدةالأمريكية والتي رغم وجود شواذ وفقر وعشوائية ومشاكل بالجملة لديهم إلا ان صناع السينما الامريكيين لديهم حس وطني ووعي مجتمعي بالاضافة الي الممارسة الحقيقية للديمقراطية فيتعرضون لكل هذه الظواهر بشكل نقدي بناء يعطي في النهاية صورة ذهنية جيدة للشعب الامريكي. وطالب نقيب الممثلين بأن تقوم الحكومة بواجبها في السينما سواء بالمشاركة في انتاج افلام جادة أو بتسهيل مهام صناع السينما في اظهار الوجه الآخر النقي الجميل للوطن مثل السماح بالتصوير في المطارات والسكة الحديدوالموانئ والمناطق السياحية والاثرية موضحا ان الوزارات المعنية رغم أن ذلك يمثل لها دعاية مجانية فإنهم يطالبون منتجي الافلام برسوم كبيرة للتصوير في تلك الاماكن عكس ما يحدث في الخارج.