الحكومة تكشف حقيقة وقف دعم محصول الذرة الشامية    «التخطيط»: 45.6 مليار جنيه لتنفيذ 212 مشروعاً بمحافظة مطروح خلال 2025-2026    مؤتمر بوجوتا الطارئ.. اتفاق على منع توريد أو نقل أسلحة ل إسرائيل وإجراءات لمواجهة الانتهاكات    النيابة تأمر بتشريح جثة شاب عُثر عليه داخل شقة صديقه بعين شمس    بسبب العاصفة الترابية.. إغلاق حركة الملاحة الجوية والنهرية بأسوان وأبو سمبل    تنفيذ 61 ألف حكم قضائى متنوع خلال 24 ساعة    معرض الكتاب يكتب حضوره الثامن في المدينة الباسلة بورسعيد    نائب وزير الصحة يعقد الاجتماع الثالث للمجلس الأعلى لشباب مقدمي خدمات الرعاية الصحية    مقتل امرأة وإصابة 3 إثر هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية في روسيا    الداخلية العراقية: إنقاذ أكثر من 45 شخصًا كانوا عالقين داخل المبنى المحترق    صفقة زملكاوية جديدة.. تفاصيل وصول كياد للقاهرة وموعد انضمامه للمعسكر    الأهلي يستبعد وسام أبو علي من معسكر تونس    يوفنتوس يقترب من ضم سانشو.. ويتحرّك لاستطلاع موقف راشفورد    تشيلسي يستهدف التعاقد مع مهاجم جديد    الإسكان: كراسات شروط الطرح الثاني لإعلان سكن لكل المصريين7 متاحة عبر منصة مصر الرقمية    مصر تؤكد أهمية العلم في التصدي لأزمات المناخ والتنوع البيولوجي والتصحر    آلية جديدة لتسهيل سفر العمالة الموسمية المصرية إلى اليونان    الأرصاد تنصح المواطنين بتجنب التعرض المباشر للشمس: اليوم ذروة ارتفاع درجات الحرارة    التعليم تعلن الخريطة الزمنية للعام الدراسي 2025-2026    موعد نتيجة الثانوية العامة 2025.. رابط وخطوات الحصول فور اعتمادها    رعب في دار السلام.. 3 أشخاص يضربون عاملًا بالسلاح وتهديد المواطنين    انخفاض أسعار الخضروات بسوق محطة مصر في الإسكندرية.. وكيلو الطماطم يصل ل6.5 جنيه    تعرف على جدول حفلات مهرجان العلمين 2025    موعد ومكان تشييع جنازة والدة هند صبري    بالصور.. إدوارد ولولا جفان يشاركان في أول حفل لهما بالعلمين الجديدة    فيلم الشاطر.. أمير كرارة: الأكشن بالنسبة لي ولا حاجة    ما الفرق بين المتوكل والمتواكل؟.. محمود الهواري يجيب    إصابة جنديين إسرائيليين في معارك مع المقاومة.. وهذه أحدث تطورات غزة    التفاصيل والشروط.. إدارة المنح والقروض ب"الصحة" تعلن احتياجها لكوادر بشرية    الاحتلال يفرض حظر تجول ويدمر منازل جنوبي جنين في الضفة الغربية    "قصص متفوتكش".. رسالة إبراهيم سعيد ل شيكابالا.. وحقيقة مفاوضات الأهلي مع مصطفى محمد    «التضامن» توافق على إشهار 3 جمعيات في محافظة البحيرة    أهالي وسط سيناء يشكرون الرئيس السيسي لإقامة محطة تحلية مياه للشرب بالمنطقة    ‬آية وإسراء وأسماء.. غرق ثلاث شقيقات في ترعة بأسيوط    كيف نواجه الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    فرص الالتحاق بالمعهد الفني للتمريض والصحي وشروط القبول في تنسيق الدبلومات الفنية 2025    نائب وزير الصحة تبحث إجراءات تقليل الولادات القيصرية غير المبررة في المنيا    إعلان القائمة النهائية بأسماء مرشحى الشيوخ وانطلاق الدعاية الانتخابية    «التعليم» تطوّر كتاب «القيم واحترام الآخر» للمرحلة الابتدائية    ما هي العاصمة التالية؟ وزير خارجية إيران بعد قصف دمشق: «كان متوقعاً»    استقرار الدولار الأمريكي اليوم الخميس 17-7-2025.. وتأرجح أسعار العملات الأجنبية    دراسة تحذر: الأطباء يتجاهلون "سببا شائعا" لارتفاع ضغط الدم    فنان من الزمن الجميل.. «ستوديو إكسترا» يعرض تقريراً عن رشوان توفيق    الرئيس السورى: إسرائيل أشعلت فتنة السويداء.. والدروز جزء من نسيج الوطن    أكذوبة بعث القومية العربية في عهد ناصر    زلزال يضرب اليونان الآن    رحيل مفاجئ ل صوت الزمن الجميل.. ضياء عز الدين يودّع الحياة بهدوء (بروفايل)    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 17 يوليو 2025    أول رد رسمي من «كوكاكولا» على تصريحات ترامب عن إضافة السكر الطبيعي    الأهلي يكشف كواليس عرض الحزم السعودي لضم أحمد عبد القادر    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة    رشوان توفيق: الفن له تأثير خطير.. و"الليل وآخره" يحمل رسائل دينية    الأهلي يكشف الحقيقة الكاملة حول التعاقد مع مصطفى محمد    الزمالك يقترب من ضم المغربى عبد الحميد معالى نجم اتحاد طنجة    بعد رحيل والدها.. ريهام عبدالغفور تعود بمسلسل «كتالوج» وتوجه رسالة مؤثرة    مفتي الجمهورية: «تجميد البويضات» مشروع بضوابط الشرع والأخلاق    فوائد البنوك حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يحسم الجدل    لو لقيت حاجة فى الشارع اتصرف إزاى؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية سياسية
بهجة الديمقراطية ولا ثرثرة في المقهي

عندما اقترب من المقهي ظن أنه أخطأ العنوان‏,‏ وضل الطريق إلي المكان‏..‏ فلم يكن ثمة حرافيش يدخنون النرجيلة‏,‏ وينخرطون في ثرثرة صاخبة‏.‏ فلما دخل المقهي رآه أنيقا ونظيفا, وأدهشه أن نفرا من رواده يقرأون أوراقا لم يعهدها من قبل وقالوا له إنها صحف يومية.
كان هذا ما حدث للفتي الأزهري رفاعة الطهطاوي ذات يوم من عام1826, عندما ارتاد مقهي بمارسيليا في بداية بعثته التعليمية في فرنسا. وقد وقع في هوي الصحف منذ ذلك الحين, وأدرك أنها من أبرز تجليات الديمقراطية.
ولم تكن مصر المحروسة آنذاك قد عرفت الصحف ولا بهجة الديمقراطية, فقد كانت تغط في سبات عميق طوال خمسة قرون من الحكم الاستبدادي المملوكي والتركي. وهو حكم زج بها في السراديب المظلمة للقرون الوسطي. وعاشت في عتمة الجهل وهوس الخرافات.
وكان هذا حالها عندما داهمتها الحملة الفرنسية, فلما انسحبت عام1801, أي بعد ثلاث سنوات بسبب مقاومة المصريين للغزو, نصب أهل مصر محمد علي واليا عليهم عام1805, وكان طموحا. وشرع في تأسيس الدولة المصرية الحديثة, واتخذ من الجيش ركيزة لها.
واهتم بايفاد البعثات التعليمية إلي الخارج لتعزيز إمكانات جيشه, وتوجهت البعثة الكبري إلي فرنسا, وهي التي التحق بها رفاعة باعتباره واعظا وأماما لطلابها, لكن بهجة الديمقراطية وروعة صحفها خلبت لبه وانشأته نشأة أخري, فتعلم الفرنسية, وأبدي تفوقا ملحوظا, فتقرر ضمه إلي قائمة الطلاب.
}}}
رفاعة كان قد تعلم في الأزهر الشريف وصار مدرسا في محرابه وأدرك إبان بعثته في فرنسا أهمية تجديد المخالطات بين المصريين وغيرهم من ذوي الحضارة والنباهة, فذاك هو الدواء الشافي من الداء الوبيل الذي ألم بالبلاد إبان حكم المماليك والأتراك.
وفطن إلي أن العدل أساس العمران, وأن نظام الحكم قاطرة التقدم. ولذلك أفرد فصلا محوريا في كتابه تخليص الابريز, الذي نشره عام1834 عقب عودته من باريس, عن الحكومة الفرنسية, ليكون تدبيرهم العجيب عبرة لمن اعتبر.
ويبدي رفاعة تقديره العميق للديمقراطية, ويشير إلي أن الدستور يحدد صلاحيات الحاكم وسلطاته,ويحق للشعب الثورة عليه إذا لم يلتزم بالدستور, وهذا ما شاهده في باريس عام1830 عندما ثار الشعب علي شارل العاشر لفرضه الرقابة علي الصحف وحل البرلمان.
وقد ترجم المواد الأساسية من الدستور الفرنسي, وحلل عددا من هذه المواد تحليلا سياسيا رفيعا.
}}}
وما أن عاد رفاعة إلي القاهرة عام1831, حتي شرع في وضع أسس النهضة المصرية الحديثة. وجعل التعليم ونشر المعرفة محورا لها, فقد أنشأ المدارس واهتم بالترجمة وإصدار الصحف وحظي بلقب الصحفي الأول.
وكان يدرك أن مشروعه الثقافي لن يؤتي ثماره إلا بعد سنوات, وهو ما أثلج صدره عندما رأي بعض الثمار اليانعة, ففي عهد الخديو إسماعيل زاد عدد المتعلمين, وصدر نحو خمس عشرة صحيفة.
وقد تعرض مشروعه الثقافي للانقطاع عندما تعرض للنفي إلي السودان بناء علي أوامر الخديو عباس, ولكنه عاد عندما تولي الخديو سعيد الحكم واستأنف مسيرة التنوير.
لم يكن رفاعة رائدا للنهضة الثقافية الحديثة في مصر فحسب, وإنما كان أول من آمن بالديمقراطية باعتبارها السبيل للعدل والتقدم, ولأنه وقع مبكرا في هوي الصحافة وفطن إلي أهميتها, فإنه سيبادر بالتصدي لكل من أرادها بسوء.
والمعني أن أي محاولة لوأد الصحافة أو تقييدها تؤدي إلي الردة أو الثورة, مثلما حدث لشارل العاشر في فرنسا1830, فحذار ولا وقت للمخاطرة في زمن الحرية والثورة والسماوات المفتوحة.
المزيد من أعمدة محمد عيسي الشرقاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.