المهمة الوطنية لإعداد وصياغة الدستور الجديد لمصر, هي بكل المعايير القانونية والديمقراطية المهمة الكبري لتأسيس دولة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وهي دولة تستهدف في المقام الأول تحقيق المطالب الشعبية في الحرية والكرامة الإنسانية. وكانت هذه هي طموحات المواطنين منذ الثورة العرابية وحتي ثورة يناير 2011, ذلك أن حركة النضال الشعبي في مصر ضد الحكم الجائر والاستعمار والفساد اقتربت اقترابا وثيقا بالمطالبة بوضع دستور للبلاد يحدد طبيعة النظام السياسي ويكفل حقوق المواطنين في حياة كريمة وحكم نيابي. وكان هذا واضحا كل الوضوح إبان الثورة العرابية, فقد كان أحمد عرابي والقوي الشعبية المؤيدة للثورة تطالب الخديو توفيق بوضع دستور للأمة وتأسيس مجلس النواب, وذلك ضمن اصلاحات أخري. والواقع ان حلم الدستور والحكم النيابي كان قد تجلي في افكار وكتابات رفاعة الطهطاوي رائد النهضة الثقافية المصرية منذ عودته من البعثة التعليمية إلي فرنسا عام 1831, فقد تأثر الطهطاوي إبان دراسته في فرنسا بأوضاعها السياسية وشاهد عن كثب ثورة الشعب الفرنسي ضد حكم الملك شارل العاشر عندما تطاول علي الدستور وفرض قيودا علي حرية الصحافة وحل مجلس النواب. وقد دفع هذا الطهطاوي إلي ترجمة البنود الأساسية في الدستور الفرنسي آنذاك, إلي اللغة العربية وهو مايفصح عن ادراكه أهمية الدستور والحكم النيابي, ويمكن القول ان ثورة 1919 قد حققت الحكم الدستوري والحكم النيابي, وكان ذلك بوضع دستور 1923, وانتخابات.1924 وهكذا كان الارتباط الوثيق بين الحركة الوطنية المصرية لتحرير الوطن من الاستعمار والفساد, والمطالبة بحكم ديمقراطي يكفل لكل القوي الوطنية, دون تمييز أو تفرقه, المشاركة الواعية في بلورة القرار السياسي علي نحو يحقق المصالح العليا للوطن, ويكفل لكل المواطنين حياة إنسانية كريمة. وفي ضوء ما سلف تبدو ابعاد المهمة الكبري للجنة التأسيسة المنوط بها صياغة الدستور.