* أشرف شيحة: القرار «مؤقت» ومصلحة الوطن تقتضى تطبي * لمعارضون: إيهاب عبدالعال: الوضع سيصبح كارثيا و30% نسبة المكررين * ا أسامة خيرى: الشركات الصغيرة تدفع الثمن ولن تستطيع سداد الأجور
أثار قرار فرض رسوم على المعتمرين بقيمة 2000 ريال سعودى «نحو 10 آلاف جنيه» لمن سبق له أداء العمرة خلال الثلاثة أعوام الماضية فى حساب «تدبير العملة لمكررى العمرة» بالبنك المركزي، حالة من الجدل بين وزارة السياحة وأصحاب شركات السياحة الدينية، فالحكومة ممثلة فى وزارة السياحة اعتبرت أن هذا القرار يطبق بشكل استثنائى هذا العام، نظرا للظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد، وأنه يطبق العدالة، حيث إن هناك الكثير من المصريين لم يتمكنوا من أداء العمرة، ومن حقهم أن تدعم الدولة المعتمرين، أما من يريد السفر كل عام، فعليه أن يسدد الرسوم المطلوبة. فى المقابل، اعتبر أصحاب شركات السياحة الدينية أن هذا القرار يحملهم خسائر كبيرة، ويؤثر على المواطن، وأن الدولة حددت أعداد المعتمرين ب500 ألف معتمر، مما يعنى أن الأعداد لن يتم تجاوزها تحت أى ظرف، ولن تتحمل موازنة الدولة أى أعباء إضافية. كما طرحوا حلولا أخرى مثل تنفيذ القرار لمدة عام واحد فقط، أو فرض رسوم بقيمة 200 جنيه على كل معتمر، ولكن تم رفض جميع الاقتراحات، مما دفع أصحاب الشركات لطرق أبواب القضاء، وتقديم دعوى قضائية لمطالبة الحكومة بإلغاء قرار فرض الرسوم على مكررى العمرة. رانيا المشاط، وزيرة السياحة، قالت إن ملف العمرة كان أول الملفات التى وضعت على مكتبها عقب توليها الحقيبة الوزارية، وأوضحت أنه منذ عامين وصل عدد المعتمرين إلى مليون ومائتى ألف معتمر، والعام الماضى انخفض العدد لما يقرب من 600 ألف معتمر، وأن الضوابط التى وضعت للعمرة هى «للعام الهجرى الحالي»، ومع كل عام يعاد صياغة الضوابط والنظر فيها مرة أخري، وليس الهدف منها تعظيم الموارد، ولكن تقليل حجم العملة الصعبة التى تخرج من مصر، مشيرة إلى أن من يكررون العمرة لا تتجاوز نسبتهم 10% من إجمالى عدد المعتمرين. فى السطور التالية تفتح تحقيقات «الأهرام» ملف أزمة مكررى العمرة ونعرض مختلف وجهات النظر.
مصلحة الوطن قال أشرف شيحة، عضو اللجنة العليا للحج والعمرة وصاحب إحدى شركات السياحة، إن الزيادة التى طرأت على رسوم العمرة جاءت لأن الدولة رأت أنها غير قادرة على دعم سوى نصف مليون معتمر هذا العام، وهذا أكبر رقم من الممكن أن تدعمه الدولة، مشيرا إلى أن العام الماضى بلغ عدد المعتمرين المصريين 650 ألفا، وليس هناك أى رسوم إضافية على المواطن الراغب فى أداء العمرة لأول مرة، أو بعد 3 سنوات من آخر عمرة قام بها.
ووصف القرار بأنه صادم للمواطن الذى يؤدى العمرة بشكل متكرر، وصادم للشركات، لأنها تخسر جزءا من عملائها، وهذا القرار مؤقت وليس دائما، حيث إن ديباجة القرار جاء فيها: «نظرا للظروف التى تمر بها البلاد يتم فرض رسوم 2000 ريال أو ما يعادلها ويوضع فى حساب بالبنك المركزى ويسدد بواسطة المعتمر نفسه، ويستثنى من هذا القرار أسر شهداء القوات المسلحة والشرطة والمدنيين، والقرابة حتى الدرجة الثانية وأصحاب الشركات والعاملون بها، ومن يقومون على خدمة المعتمرين والأطفال حتى سن 12 عاما، ومن تحتاج إلى محرم وتنطبق عليها الشروط». مساندة الدولة وأضاف شيحة أن القرار يقلل الأعداد، ولكن عندما تناقشنا بمنطق مصلحة الوطن و«ليس الشركات» وجدنا أنه لابد من مساندة الدولة فى أزمتها الاقتصادية، وأن المعتمر الذى يؤدى العمرة بشكل متكرر يكلف الدولة وتقوم بدعمه، وأنه إذا رغب فى دفع المبلغ المطلوب لا يوجد أى مانع من منحه الموافقة اللازمة، وشدد على أن القرار لم يعرض على مائدة اجتماع اللجنة العليا للحج والعمرة بوزارة السياحة، ولم تتم مناقشته بشكل جيد، وصدر فى عهد يحيى راشد وزير السياحة السابق، بينما تستمع الدكتورة رانيا المشاط لجميع الآراء بحياد شديد، وعندما تم عرض الأمر تم التفكير هل نغلق ملف العمرة تماما حتى يتم تغيير القرار أو الاستمرار فى تنفيذه؟ أم يتم تطبيقه ومناقشته بشكل جاد حفاظا على الشركات والعمالة وموسم العمرة، وجاء الاتفاق على الرأى الثاني. وأكد عضو اللجنة العليا أن هذا القرار اقتصادى فى المقام الأول، ومن حق الجميع أن يعترض ويناقش، حيث إن القرار مرتبط بشعيرة ارتبطت بالمصريين جميعا وتعودوا عليها، ومن حق الدولة أن تساعدهم فى أداء العمرة، ولكن الأزمة الاقتصادية أكبر من الجميع، ومن حق الدولة تنظيم الأمر حيث إن 20 % من المعتمرين الذين يبلغ عددهم 500 ألف معتمر سيقومون بتأدية العمرة خلال شهر رمضان المبارك المقبل، وال80 % المتبقين من أول شهر مارس المقبل. خسارة كبيرة وقال إيهاب عبدالعال، أمين صندوق غرفة شركات السياحة السابق وصاحب إحدى شركات السياحة، إن هذا القرار «كارثي» على شركات السياحة الدينية، وأن فرض رسوم تكرار العمرة سيؤدى إلى خسارة كبيرة على جميع شركات السياحة، التى عانت الكثير فى الفترة الماضية بسبب ضعف الإقبال السياحى والتخبط فى الكثير من القرارات التى تصدرها وزارة السياحة. وأضاف أن البعض يروج لمعلومات مغلوطة حول أن نسبة المتقدمين لأداء العمرة وسبق لهم تأديتها 6%، وهذا غير صحيح، فبالعودة إلى البيانات الموجودة لدى الشركات، وجدنا أن نسبة التكرار خلال 3 سنوات من 25 إلي30%، وهذه النسبة هى التى تقوم عليها شركات السياحة الدينية، وتفتح بيوت آلاف الأسر التى تعمل فى قطاع السياحة، ونطالب الدولة بإعادة النظر فى القرار، وإرجاء تنفيذه إلي العام المقبل، وفى حالة إصرار الحكومة على التنفيذ سينتج عنه الكثير من المشكلات داخل القطاع ستؤثر بالسلب على الخدمة المقدمة للمعتمرين، وهناك حلول للخروج من الأزمة يمكن طرحها والوصول إلى نتائج مرضية لجميع الأطراف، وعقد اجتماع عاجل يتم الدعوة إليه من جانب وزيرة السياحة رانيا المشاط مع كبار العاملين فى مجال السياحة، وطرح الأزمة على مائدة الحوار، والاستماع لوجهة نظر أصحاب الشركات، التى تعانى منذ فترة طويلة وتحملت الكثير من الضغوط والمبالغ من أجل الإسهام فى بناء الوطن فى هذه المرحلة.
حلول بديلة أحمد إبراهيم، عضو اللجنة العليا للحج والعمرة، قال إن هذا القرار جاء بشكل سريع وعاجل، وعندما تم طرح الأمر قدمنا الكثير من الحلول البديلة، منها فرض رسوم 200 جنيه على جميع المعتمرين، وهذه النسبة ستوفر ما يقرب من 100 مليون جنيه للإسهام فى تحسين الوضع الاقتصادى للدولة، وقدمنا عرضا آخر وهو الاكتفاء بعام واحد وليس3 سنوات، أو مرور 3 سنوات دون فرض رسوم تكرار العمرة، وقوبلت جميعا بالرفض.
وأضاف أن المعتمر أكثر المتضررين من القرار، حيث تم تحديد 500 ألف معتمر فقط، ورصد البنك المركزى مليار ريال سعودى لهذا العدد أى أن الأعداد لن يتم تجاوزها تحت أى ظرف، لأن المعتمرين يدخرون طوال العام من أجل السفر لأداء شعيرة العمرة، والقرار سيؤدى لحرمان 20% من المعتمرين، وهذه نسبة كبيرة ستؤثر على الشركات بشكل كبير.
ليس فى مصلحة المعتمرين أسامة خيري، عضو الجمعية العمومية لغرفة شركات السياحة، أكد أن هذا القرار ليس فى مصلحة الشركات أو المعتمرين، وأن ثقافة الكثير من المصريين الادخار طوال العام والسفر لأداء العمرة، وهذا القرار سيحرم الكثيرين منها، مضيفا أن شركات السياحة تعانى تطبيق قرارات خاطئة لم تدرس بشكل جيد، فالكثير من شركات السياحة الدينية تنتظر موسم العمرة لدوران عجلة العمل، وأن هذا القرار سيؤثر كثيرا على هذه الشركات ويجعلها غير قادرة على دفع أجور العاملين بها، وشدد خيرى على أن هناك شركات سياحة كبرى تتجاوز قيمة العمرة بها 100 ألف جنيه، لن يتضرر هؤلاء من دفع 2000 ريال سعودى أو ما يعادلها، ولكن الشركات الصغرى التى لا تتجاوز تكلفة العمرة بها 12 ألف جنيه سوف تتأثر كثيرا، وهذه هى النسبة الكبرى من شركات السياحة وهى التى ستدفع الثمن، كما أنه كان لابد من مناقشة القرار من كل الجوانب قبل تطبيقه بشكل سريع وفرض سياسة الأمر الواقع، وكانت هناك بدائل أخرى توفر للدولة ما تريد وتحافظ على شركات السياحة، ولكن لم يستمع أحد، مما دفعنا لرفع دعاوى قضائية تطالب بإلغاء القرار ونحن فى انتظار حكم القضاء.
اتحاد الغرف السياحية نورا علي، رئيس الاتحاد المصرى للغرف السياحية سابقا، قالت إن الحكومة لديها من الشجاعة فى تنفيذ حكم القانون فى حالة حصول أصحاب شركات السياحة على حكم نهائى بإلغاء قرار رسوم مكررى العمرة، مضيفة أن أعضاء الاتحاد المصرى للغرف السياحية قاموا بواجبهم وناقشوا الأمر مع الجهات المسئولة فى الدولة، وعرضوا وجهة نظر أصحاب الشركات، ولكن وجهة نظر الحكومة كانت أقوى ومنطقية، والجميع يتحدثون عن الشفافية والعدالة والمساواة بين المصريين، والقرار سيعطى فرصة لمن لم يتمكن من أداء العمرة قبل ذلك، فهناك ملايين المصريين لم يسبق لهم أدائها ومن حقهم تأدية هذه الشعيرة، ولابد من احترام سياسة وقرارات الدولة والوقوف مع مصر فى هذه المرحلة، فالحكومة لا تريد التضييق على مواطنيها، فهى تنظم الأمر فقط. وشددت على أن البعض استغل هذا القرار بشكل سيئ لإحداث أزمة، والترويج أن الحكومة تمنع المصريين من أداء العمرة، وهذا بعيد عن الحقيقة، ومن يعترض على القرار عليه أن يراجع نفسه، والحكومة التى يهاجمها البعض حاليا هى نفسها التى رفضت قرار وزير السياحة السابق بفرض 1500جنيه على كل من يرغب فى أداء العمرة، وهذا القرار كان سيوفر للدولة 1.5 مليار جنيه، واعتبرت الحكومة أن هذا القرار سيحمل راغبى العمرة مبالغ كبيرة ورفضت تطبيقه.