قد لا يعلم الكثيرون أن المحكمة الدستورية العليا فى مصر تحتل مرتبة مهمة ومتقدمة جدا بين أعرق المحاكم الدستورية فى العالم، فمسألة رقابة القضاء لدستورية القوانين طرحت على المستوى الفقهى والقضائى فى مصر منذ بدايات القرن العشرين. وأثير أمر الدستورية لأول مرة عام 1924 أمام محكمة جنايات الإسكندرية عند نظر إحدى القضايا، واستمرت المواقف حول هذا الموضوع حتى صدر حكم عام 1926 من محكمة تلا الجزئية يقرر صراحة حق القضاء فى رقابة دستورية القوانين. وهكذا تم تداول الأمر فى عدة أحكام بالقضاء دون أن تنظم الدساتير المتعاقبة مسألة الرقابة على دستورية القوانين، حتى أصدر الرئيس جمال عبدالناصر قرارا بقانون عام 1969 بإنشاء المحكمة العليا لتكون أول محكمة دستورية متخصصة يناط بها دون غيرها مهمة رقابة دستورية القوانين، وجاء دستور 1971 ليكون أول دستور مصرى ينظم رقابة دستورية القوانين، وأوكل أمر هذه الرقابة إلى محكمة خاصة سماها «المحكمة الدستورية العليا» وأوضح قانون المحكمة اختصاصاتها التى تتمثل فى الرقابة على دستورية القوانين واللوائح، وتفسير النصوص التشريعية التى تثير خلافا فى التطبيق، والفصل فى تنازع الاختصاصات بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين. وحرصت الوثائق الدستورية التى صدرت بعد ذلك حتى الآن على بقاء دور المحكمة الدستورية العليا ساطعا عاليا. وحين تستضيف المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق الآن المؤتمر الثانى لرؤساء المحاكم الدستورية والعليا الإفريقية بمشاركة 43 دولة، فإنها تقوم بدور مهم لإحداث المزيد من التفاهم والتقارب بين الدول الإفريقية، خاصة فى مجال القضاء الدستوري. إن هذا المؤتمر يمثل بحق نقلة نوعية فى التواصل وتبادل الخبرات بين المحاكم الدستورية فى القارة الإفريقية، بما يؤدى إلى إرساء دولة القانون ويسهم فى دفع عمليات التنمية وحماية مقدرات الدول الإفريقية. لمزيد من مقالات رأى الاهرام