وزارة العمل تحذر من عمليات نصب وتؤكد تقديم خدماتها مجانًا    تراجع في بنكين.. سعر الدولار اليوم 19-5-2025 ببداية التعاملات    انخفاض سعر الذهب اليوم 19-5-2025 في مصر ببداية التعاملات    سرطان البروستاتا الشرس..ماذا نعرف عن حالة بايدن الصحية بعد تشخيص إصابته؟    تقرير عبري: مقترح إسرائيلي لوقف حرب غزة 60 يوما مقابل إطلاق سراح نصف الأسرى    اليوم.. السيسي يستقبل نظيره اللبناني لبحث تعزيز العلاقات واستعادة الاستقرار الإقليمي    رئيسة المفوضية الأوروبية: أسبوع حاسم لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية    مبابي يشعل المنافسة على الحذاء الذهبي الأوروبي، وهذا موقف صلاح    موعد آخر ظهور للأهلى وبيراميدز فى الجولة الأخيرة للتتويج بلقب دوري nile    أسطورة مانشستر يونايتد: تفاجأت بتجديد عقد صلاح مع ليفربول لهذا السبب    «الأرصاد»: طقس حار نهارًا اليوم الاثنين.. والعظمى في القاهرة 32 درجة    في لحظات غامرة بالدعاء والدموع.. محافظ الغربية يودّع حجاج الجمعيات الأهلية قبيل سفرهم إلى الأراضي المقدسة    تحريات لكشف ملابسات اتهام شركة سياحة بالنصب على أشخاص فى الجيزة    استمرار إغلاق «الغردقة البحري» لليوم الثاني بسبب سوء الأحوال الجوية    المتحف المصري الكبير يستقبل كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي الترم الثاني 2025 بالمنيا.. تعرف على المواعيد الرسمية لجميع المواد    مسح سوق العمل يكشف: مندوب المبيعات أكثر وظائف مطلوبة بالقطاعين العام والخاص    أسعار الحديد ومواد البناء اليوم الاثنين 19 مايو 2025    بولندا تتجه إلى جولة إعادة للانتخابات الرئاسية    التموين: صرف 80% من السلع التموينية لأصحاب البطاقات خلال شهر مايو 2025    اليوم.. نظر محاكمة 3 متهمين فى قضية خلية الجبهة    «العمل» تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    تحويلات مرورية بعد انقلاب سيارة بحدائق الزيتون    نمو مبيعات التجزئة في الصين بنسبة 5.1% خلال الشهر الماضي    الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تجدد التزامها بوحدة الإيمان والسلام في الشرق الأوسط من القاهرة    إسرائيل تواصل تصعيدها.. استشهاد 171 فلسطينيا في قطاع غزة    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يتلقى خسارة مذلة أمام أورلاندو سيتي    عمرو دياب وحماقي والعسيلي.. نجوم الغناء من العرض الخاص ل المشروع x    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    خلل فني.. ما سبب تأخر فتح بوابات مفيض سد النهضة؟    الخارجية التركية: توسيع إسرائيل لهجماتها في غزة يظهر عدم رغبتها بالسلام الدائم    نجل عبد الرحمن أبو زهرة يشكر للرئيس السيسي بعد اتصاله للاطمئنان على حالة والده الصحية    من بين 138 دولة.. العراق تحتل المرتبة ال3 عالميًا في مكافحة المخدرات    طريقة عمل صوابع زينب، تحلية مميزة وبأقل التكاليف    تأجيل محاكمة المتهمين بإنهاء حياة نجل سفير سابق بالشيخ زايد    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    تعرف على موعد طرح كراسات شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية بمشروع "سكن لكل المصريين"    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستاتا    محمد رمضان يعلق على زيارة فريق «big time fund» لفيلم «أسد».. ماذا قال؟    بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    أكرم القصاص: نتنياهو لم ينجح فى تحويل غزة لمكان غير صالح للحياة    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    الأهلي ضد الزمالك.. مباراة فاصلة أم التأهل لنهائي دوري السلة    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مئويات ألمانيا والاحتفاء «بماركس» بعد «لوثر»
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 02 - 2018

تقدم ألمانيا نموذجا حضاريا فى كيفية الاحتفاء برموزها الإبداعية: الفلسفية، والفكرية، والعلمية، والرياضية،...،إلخ...فبعد أن احتفت، منذ شهور، بمرور 500 عام على إصلاح مارتن لوثر الدينى التاريخي(1517 2017)، تحتفل بمرور 200عام على ميلاد كارل ماركس (1818 1883)...
المتتبع للكيفية التى تحتفل بها ألمانيا برموزها سوف يلحظ كيف أن العقل الجمعى الألمانى ينطلق من أن التاريخ هو «عامل وحدة واندماج بين مواطنى الوطن الواحد». وأن الذاكرة التاريخية الواحدة تعد أحد عوامل «التماسك الوطني» بين المواطنين. ولهذا يقول الباحث الألمانى الكبير «يان أسمن» إن إعمال «المونتاج» على التاريخ يؤدى إلى إضعاف الذاكرة التاريخية ومن ثم إضعاف الجماعة الوطنية. ذلك لأنه ما إذا اتجهت كل مجموعة نوعية: تيار سياسي، اتجاه فكري، اتباع معتقد ما، إلى تمجيد رموزها والتحقير من رموز المختلفين. أى إعمال «المونتاج» على التاريخ فلا تعود الجماعة النوعية ترى إلا رموزها فإن هذا يعنى تكون «ذاكرات تاريخية متعددة وموازية». وفى هذه الحالة سوف يغلب الصراع على العلاقة بين المجموعات المختلفة. ما يدمر الحاضر والمستقبل. أو بحسب «أسمن»:» إن من يطلق رصاصة على التاريخ ( بالقص أو التوظيف أو...) يكون قد أطلق صاروخا على المستقبل»...
ودلالة الاحتفاء بكل من «لوثر» و»ماركس»، تعنى أن تاريخ الوطن(الأوطان) هو «محصلة اجتهادات وأفكار ونضالات قام بها دعاة ومفكرون وحركات». قد نختلف أو نتفق مع بعض من هذه المحصلة. ولكن يقينا سنقدرها كلها لأنها منحت الحيوية اللازمة للوطن كى يستمر ويبقى ناهضا. بالطبع يزداد التقدير إذا ما عبرت المحصلة التاريخية: للاجتهادات، والأفكار، والنضالات، الحدود وبات مضمونها أحد مكونات المحصلة الإبداعية للإنسانية. وتجاوز تأثير رموزها الحياة الألمانية إلى أرجاء الكون. بلغة أخرى لا يعود لوثر أو ماركس أو بيتهوفن أو هيجل أو اينشتاين، وغيرهم، هم ملك لألمانيا فقط وإنما ملك للبشرية جمعاء.
وظنى أنه لولا هذا التراث المعرفى الإبداعى الذى راكمته ألمانيا ما كان يمكن أن تقوم ألمانيا من هزائمها المدمرة فى الحروب. أو تستطيع ان تشفى من سطوة النازية المدمرة. فلقد مثل هذا التراث رصيدا حضاريا لا ينفد. يمنح ألمانيا زخما تستعين به، دوما، يجدد من روحها وعقلها وحيويتها. ويحفظ لها شخصيتها القومية المبدعة وتماسكها الوطني.
فى هذا السياق، نجد ألمانيا تنتج فيلما عن كارل ماركس بالاشتراك مع بلجيكا وفرنسا اسمه: «كارل ماركس الشاب» Young Karl Marx ؛ انتج فى 2017. وتم عرضه فى مهرجان برلين العام الماضي. والفيلم يركز على مرحلة الشباب من حياة ماركس وكيف اكتشف العالم على المستوى الحياتى ومن ثم كيف عبر عنه فلسفيا واقتصاديا من خلال كتاباته. وذلك من خلال أوروبا القرن التاسع عشر حيث المشهد الإجمالى لها يحمل مجموعة من التناقضات الاجتماعية الحادة كما يلي: رأسمالية صناعية بازغة متعسفة مع عمالها، وطبقة عاملة صاعدة تبحث عن حقوقها فى ظل ظروف وأحوال بائسة، وتحالف أسود ذات طابع إقطاعى بين بقايا العائلات الأوروبية القديمة الحاكمة «الأميرية» الإقطاعية والمؤسسات الإصلاحية العاجزة عن قبول التجديد والإصلاح. تحالف استمر فى ممارسة البطش بالفقراء وعجز عن إدراك التحولات الجذرية التى دخلت فيها أوروبا. اعتمد الفيلم على تجسيد المشهد الأوروبى الشامل بصورة تذكر بإبداعات تشارلز ديكنز أعظم من تناول أوروبا فى هذا الوقت.
فى هذا الإطار، يتتبع الفيلم التطور الفكرى لماركس، وعلاقاته العاطفية، ونمو علاقته الفكرية الفريدة مع فريدريك إنجلز: بداية من قراءة إنجلز لكتاب «مساهمة فى نقد الاقتصاد السياسي» لماركس. وإطلاع ماركس على كتاب «حال الطبقة العاملة فى انجلترا» لإنجلز. ونضالهما المشترك وارتحالهما من مكان لمكان فى أوروبا. ويواصل الفيلم تقديم كيف تولدت أفكارهما بسلاسة شديدة وصولا لكتاب رأس المال الذى أنجز ماركس جزءا منه وأكمله إنجلز. ومن جهة أخرى كيف تطورت أوروبا وتغيرت مع مطلع القرن العشرين. كذلك العالم من خلال خاتمة الفيلم ونزول «التيتر» حيث نرى حركات وشخصيات ثورية ورافضة ومحتجة عرفتها البشرية لاحقا وذلك على نغمات بوب ديلان الحائز على نوبل للآداب العام قبل الماضى وكنا كتبنا عنه تفصيلا وقت حصوله على الجائزة.
وظني، أنه ليس مصادفة أن تعتنى ألمانيا بالاحتفاء برموزها على اختلافهم خاصة وقد أصبحت إنجازاتهم ملكا للإنسانية من جانب. ومن جانب آخر وهى تستعد ومعها فرنسا فى التقدم إلى العالم باعتبار أوروبا قوة عظمى مستقلة فى لحظة تنسحب فيها أمريكا من كثير من المحافل.
وهنا تذكرت مقولة لأنور عبد الملك تقول:«إن فلسفة التاريخ تلعب دورا رئيسيا فى تفهم، ومن ثم تحديد، معالم الشخصية الوطنية، والقومية، والحضارية، التى بدورها، تلعب دورا توجيهيا رئيسيا فى تحديد الحراك السياسى والحضارى للمجتمعات البشرية: استراتيجيا وتكتيكيا».
والرموز على اختلافها والأفكار على تنوعها بالنسبة لشعب أوبلد هى فى واقع الأمر «مدارس فكر وعمل»، وليس مدارس منهجية أكاديمية مجردة» أو «نشاطات احتفالية»...ومن هنا كان الاحتفاء مسئولية تاريخية..
لمزيد من مقالات سمير مرقس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.