تصنيف «شنغهاي 2025»: جامعة بني سويف ضمن أفضل 400 عالمياً في 3 تخصصات    بعد إبطال 19 دائرة.. عماد جاد ل الرئيس السيسي: نطالبكم بإصلاح جذري للحياة السياسية    غلق كلي لامتداد محور 26 يوليو أمام جامعة النيل الجمعة 21 نوفمبر لتنفيذ أعمال كوبري مشاة المونوريل    النيابة الإدارية تأمر بتشكيل لجنة لكشف ملابسات التحقيقات في واقعة التنمر على تلميذة الدقهلية    النيابة تكشف عن شبكة أسرية لسارة خليفة لتصعصابة سارة خليفةنيع وترويج المخدرات    اعتماد تعديل مشروع شركة إعمار مصر للتنمية في المقطم    أردوغان: صادراتنا السنوية بلغت في أكتوبر 270.2 مليار دولار    وزير الخارجية يبحث مع نظيره اليوناني تطورات الأوضاع في غزة والسودان    اتصال هاتفى بين وزير الخارجية ونظيره الايطالى    بيراميدز يعلن موعد المؤتمر الصحفي لفريق ريفرز يونايتد النيجيري    شوبير يكشف حقيقة تولي كولر تدريب منتخب مصر    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    وزير الإسكان يتابع جهود تنظيم وتنمية الإعلانات على الطرق والمحاور العامة    جامعة مصر للمعلوماتية تكشف عن برامج مبتكرة بالذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني والتعليم وعلوم البيانات    19 نوفمبر 2025.. استقرار البورصة في المنطقة الخضراء بارتفاع هامشي    الداخلية تكشف تفاصيل مشاجرة بين قائدى سيارتين ملاكى بالجيزة    محمد حفظي: العالمية تبدأ من المحلية والفيلم الأصيل هو اللي يوصلنا للعالم    أحمد المسلماني: برنامج الشركة المتحدة دولة التلاوة تعزيز للقوة الناعمة المصرية    محمد حفظي: العالمية تبدأ من الجمهور المحلي.. والمهرجانات وسيلة وليست هدفا    بعد أزمته الصحية.. حسام حبيب لتامر حسني: ربنا يطمن كل اللي بيحبوك عليك    خالد عبدالغفار: دول منظمة D-8 تعتمد «إعلان القاهرة» لتعزيز التعاون الصحي المشترك    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    محافظ المنوفية يشهد فعاليات افتتاح المعمل الرقمي «سطر برايل الالكتروني» بمدرسة النور للمكفوفين    الطقس غدا.. ارتفاع درجات الحرارة وظاهرة خطيرة صباحاً والعظمى بالقاهرة 29    إزالة تعديات وإسترداد أراضي أملاك دولة بمساحة 5 قيراط و12 سهما فى الأقصر    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي العاشر لأدب الطفل تحت عنوان "روايات النشء واليافعين" بدار الكتب    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    وصفات طبيعية لعلاج آلام البطن للأطفال، حلول آمنة وفعّالة من البيت    جامعة قناة السويس تدعم طالباتها المشاركات في أولمبياد الفتاة الجامعية    فرق الصيانة بالسكة الحديد تجرى أعمال الصيانة على القضبان بشبرا الخيمة    قصور ومكتبات الأقصر تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. صور    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    موعد مباراة بيراميدز القادمة.. والقنوات الناقلة    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    الداخلية تضبط أكثر من 17 طن دقيق مخالف وتتصدى لتلاعب المخابز    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لمجلس إدارة صندوق حماية البيئة    بعد غد.. انطلاق تصويت المصريين بالخارج في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    اليوم، حفل جوائز الكاف 2025 ومفاجأة عن ضيوف الشرف    ماذا قالت إلهام شاهين لصناع فيلم «بنات الباشا» بعد عرضه بمهرجان القاهرة السينمائي؟    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    العدد يصل إلى 39.. تعرف على المتأهلين إلى كأس العالم 2026 وموعد القرعة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دايرة الضو
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 08 - 2012

سيادة الرئيس‏..‏ التصدي للفوضي ليس خيانة للثورة ما لم يكن هناك ما نحتكم إليه لن نصل إلي ما نتفق عليه والنتيجة‏...‏ دخلنا بإرادتنا في مساحات فوضي لا حدود تحكمها وقدمنا نفوسنا وقودا لفوضي أشعلناها ووقفنا نتفرج علينا ونحن نحترق!.
هذا أقل ما يوصف به حالنا الآن وهذا ما نرفض أن نصدقه أو حتي نفكر فيه وكل ما يشغلنا المعارك التي تخلقها النخبة كل ليلة في آخر الليل علي الفضائيات لأجل أن تبقي نيران الفتنة مشتعلة وتبقي الكراهية بيننا محتدمة لنسف أي طريق يجمعنا ويا فرحة العدو فينا وحرقة قلب الوطن علينا...
هذا واقعنا الذي نعيشه من بعد سقوط النظام قبل18 شهرا وكل ما فعلناه فيها أننا أرسينا نظرية عربية خالصة بتمويل أجنبي مكونة من أربع كلمات: الاتفاق علي ألا نتفق...
وعندما لا نتفق علي شيء نفتح بوابة جهنم علي كل شيء...
مثلا.. حملة كراهية وتدمير لكل رمز.. شخصا كان أو تاريخا أو مكانا...
الأمر لم يكن رد فعل غاضبا أو توابع ثورة أو حوادث فردية ليس بينها رابط.. إنما حرب تدمير كل ما هو رمز في هذا الوطن.. حرب بدأت ومازالت تدمر وأظنها جزءا أساسيا من المنهج الذي اصطادوا شبابنا العربي ليتعلمه تحت غطاء الديمقراطية في أوكرانيا ومثيلاتها من الدول الأوروبية ومن الدول التي ستموت لأجل أن تكون أوروبية!.
مثلا.. الفوضي!.
للوهلة الأولي نظن الفوضي من الأمور العشوائية التلقائية التي لا رابط بينها.. وهي فعلا كذلك فيما لو أن هذه الفوضي جاءت رد فعل وقتيا علي شيء وتنتهي ويأتي الهدوء ويعود التسامح ويرحل الغضب ويسود الحوار ويختفي الجدل ونري التفاهم يجمع الناس...
أما أن يعيش بلد عرضا مستمرا في حالة فوضي تنمو وتكبر وتتضخم وتتعاظم يوما بعد يوم إلي أن توحدت مع الهواء الذي يدخل ويخرج من صدورنا وذابت في الماء الذي نشربه وباتت موجودة في كل مكان.. فتلك ليست فوضي عشوائية تظهر وتخبو في لحظات إنما هي فوضي لها مناهج وعلم فيه نظريات ودراسات وإجابة عن أي استفسار في موضوع واحد عنوانه: كيف تسقط دولة بالفوضي؟.
وهنا ملاحظة لم تلفت نظر أغلبنا وهي أن الفارق هائل بين إسقاط نظام وإسقاط دولة!.
إسقاط النظام الذي حدث عندنا في وقت قياسي.. اجتمعت فيه وعليه قواسم مشتركة كثيرة.. فيه إجماع شعبي.. فيه اتفاق شعب.. فيه حوار.. فيه تفاهم.. فيه حب.. فيه تعاون.. فيه إخلاص.. فيه الوطن فوق الجميع والوطن هو هدف الجميع.
عندما تتلاقي وتتحد وتنصهر إرادات الحب والاتفاق والحوار والتعاون والإخلاص في إرادة واحدة لشعب تجاه نظام.. لابد أن يسقط هذا النظام لأن إرادة ملايين الشعب يستحيل علي أي نظام أن يقف لحظة أمامها.. ولذلك سقط النظام في أيام لأنها إرادة شعب تلاقي علي هدف وتوحد علي الحب والإخلاص والحوار والتفاهم...
في وجود هذه الإرادة وتلك السمات العظيمة يستحيل علي مخلوق أن يعبث مع هذا الشعب...
لو بقيت هذه الإرادة تجمعنا واستمر الحب بيننا بعد11 فبراير2011.. ما كانت فتنة واحدة وقعت وما ظهرت الفوضي وما حدث انقسام وما تمكنت الكراهية منا...
لم تبق الإرادة التي جمعت الشعب.. إرادة إعلاء هدف والإصرار علي تحقيقه وإرادة الحب والحوار والتفاهم وإرادة الوطن فوق الجميع وقبل الجميع.. لم تبق لأن!.
ملايين الشعب التي خرجت إلي ميادين مصر كان لها هدف وتلاحمت وانصهرت في رجل واحد إلي أن حققته وسقط النظام.. وعادت إلي بيوتها لأن الأصعب سقط والأسهل بناء النظام الجديد الذي يحلم به المصريون.. هذا ما اعتقدته ملايين الشعب التي لم تكن تعرف أن...
الإرادة التي جمعت ملايين المصريين حتي11 فبراير.. لم يعد مرغوبا فيها ولا في وجودها لحظة بعد11 فبراير!. لماذا؟.
لأن هدف ملايين الشعب المصري بناء دولة عظيمة وهذا يختلف جذريا عن مشروع الشرق الأوسط الجديد التي وضعته أمريكا للمنطقة وتنفذه أمريكا بالحرف في المنطقة!.
هدف ملايين الشعب المصري يختلف عن أهداف المحافظين الجدد في أمريكا وأهدافهم مبنية علي معتقدات دينية منسوبة للعهد القديم ويؤمنون إيمانا مطلقا بها وأول من بدأ الحدوتة بوش الابن الذي قال يوما: زارني الرب في البيت الأبيض!. المهم هنا معرفة أن ما يعتقده المحافظون الجدد حرب دينية هائلة لتوحيد العالم تنطلق من الشرق الأوسط ومن الشام تحديدا...
هدف ملايين الشعب يختلف تماما وعلي النقيض تماما من أهداف السياسة الأمريكية في المنطقة وعما تريده هذه السياسة لنا؟.
الشعب يريد استقرارا ونظاما جديدا يقود مصر إلي المكان والمكانة التي تستحقها وأمريكا تريد إسقاط الدولة لغرض موجود في سياستها تجاه المنطقة كلها لا مصر وحدها...
إسقاط دولة يستحيل حدوثه وملايين الشعب متلاحمة متفقة الحب يجمعها والحوار والثقة بينها...
مطلوب استدعاء الفوضي وما إن حدث.. بدأنا نري علي الأرض شكل ومضمون مناهج الفوضي التي قاموا بتأليفها وتدريسها والتطبيقات المختلفة لها...
كيف تحول مطلب مجموعة من الناس إلي قاعدة فوضوية رهيبة راسخة يستحيل حصر أضرارها أو التنبؤ بنتائجها؟.
مجموعة من الناس لها مطلب وأقصي ما كان يدور في ذهنها الخروج في مظاهرة تصورها الفضائيات ويسمع أحد عن مطلبها...
من الذي أوحي لأهالينا البسطاء الذين يريدون حل مشكلة لهم وليس في ذهنهم خلق مشكلات لآخرين.. من الذي طرح عليهم فكرة طريق يقطعونه وخلق مشكلات لآلاف البشر الذين أضيروا بصورة مباشرة من وقف حالهم علي الطريق المقفول!. هؤلاء الآلاف يتحولون بمرور وقف الحال إلي قنابل موقوتة لا أحد يعلم متي وأين ستنفجر!. هؤلاء الآلاف أصبحوا طرفا في الخلاف وطرفا في الكراهية وطرفا في الانقسام وهذا هو المطلوب وشكرا!.
شكرا لأهالينا البسطاء الذين تظاهروا لأجل مشكلة والذين استخدموا لخلق مليون مشكلة!
هنا يظهر لنا أن الفوضي علم قام بتحويل احتجاج علي مطلب إلي حالة وقف حال عامة ضربت أعدادا لا حصر لها من الشعب!.
خط سكة حديد اتوقف السير عليه وعشرات القطارات توقفت ومئات الآلاف من البشر أصبحوا خارج الخدمة في لحظة وكل واحد منهم ربما يتسبب في وقف حال مئات آخرين من البشر كانوا في انتظاره وأستاذ في جامعة رهينة في قطار كان في انتظاره مدرج فيه بضعة آلاف من الطلبة...
مجموعة من الناس راحوا يحتجون علي مطلب لهم ولم يخطر علي بالهم أن يتسببوا في وقف حال غيرهم.. لأن كل ما يرجونه أن يصل احتجاجهم لمن بيده الأمر...
من الذي اخترع قطع الطريق ومن الذي أوحي بها ببراءة متناهية لأشخاص لأجل أن يطبقوها في احتجاج لهم.. والتطبيق جاء علي هواهم لأن الدنيا كلها تتابع أخبار قطع الطريق وهذا يرضي المحتجين وهذا أخذ مصر كلها إلي ساحة فوضي رهيبة.. لأن كل واحد منا لم يعد مطمئنا لشيء وكل واحد منا يتوقع حدوث أي شيء!.
المشوار الذي أنت في طريقك له.. كل الخيارات متاحة في تحديد وقته!. ممكن أن تصل في الموعد المتعارف عليه وممكن أن تتأخر ساعة والمصيبة أنك لا تستطيع أن تتراجع عن المشوار لأنك اتزنقت.. قد تصل بعد تأخير ساعة وربما ساعتين ووارد جدا ألا تصل أصلا وتبقي ساعات في مكانك إلي أن يأمر الله أمرا كان مقضيا!. يمكن أن تتوقع ذلك في مشوار داخل القاهرة أو أي مدينة أخري أو علي الطريق الزراعي الدولي أو الصحراوي والله يرحمك لو كنت في قطار لأننا نتكلم عن وقف حال بالأيام...
عندما لا تعرف موعدا يمكن أن تلتزم به وعندما تنتظر أن يتوقف الحال تماما في لحظة لأن الطريق مقطوع وعندما لا تعرف يقينا هل بإمكانك أن تصل إلي عملك دون وقف حال وهل تأمن أصلا عودتك لمنزلك؟.
عندما يحدث كل هذا بدقة وبتسلسل فهذا دليل علي أن الفوضي علم.. وعندما لا نعرف أي شيء في كل شيء ويصبح كل ما يخطر علي البال واردا.. كأن نري قطار سكة حديد علي الكورنيش فهذا أكبر دليل علي أننا نجحنا في إقامة إمبراطورية الفوضي...
نظرية قطع الطريق التي لم تسمع مصر عنها من قبل لكنها وصلت وأوحوا بها لنا والتقطناها وطبقناها وأعجبتنا وأصبحت قاعدة فوضوية هائلة راسخة هي الآن واحدة من معالم الفوضي الخلاقة بالمنطقة كلها...
قد يدور في ذهن حضراتكم سؤال يقول: لو أن أول قطع طريق قوبل بحزم وتطبيق للقانون ما تكرر ذلك؟.
وأقول أنا: كان مستحيلا استدعاء القانون وقت بدأ أول حادث قطع طريق.. والذين أوحوا للمحتجين بقطع الطريق كانوا يعرفون ذلك جيدا.. يعرفون أن القانون غائب بعد أن ذبحوا الشرطة له!.
والذي حدث للشرطة كان ومازال تدميرا ممنهجا لإسقاطها من منظومة الدولة.. والخطة بدأت بحملة كراهية متصاعدة لإسقاط جهاز الشرطة بأكمله وليس لمعاقبة المخطئين فيه.. وكل جهاز وكل فئة في الدنيا كلها.. فيها الصالح وفيها الطالح ومستحيل أن تكون فئة أو طائفة بأكملها كلها فاسدة أو كلها ملائكة لأن هذه هي الطبيعة البشرية التي خلق الله الإنسان عليها.. وعليه!.
ظلموا الشرطة في حملة الكراهية الممنهجة التي شنوها ومازالوا عليها وبالفعل نجحوا في ضرب هذا الجهاز وعندما تضرب الشرطة من الذي ينفذ ويعمل القانون.. بل لن نجد القانون نفسه طالما لا يوجد من يطبقه...
الذين درسوا علوم الفوضي وأوحوا لمتظاهرين أو اندسوابينهم أوقادوا متظاهرين أو دفعوا بشباب ينفذ ما يطلبون وهم في مأمن.. هؤلاء كانوا يرسون أكبر قاعدة فوضوية في مصر وهي قطع الطرق وهم علي يقين أن استدعاء القانون وتطبيق القانون مسألة مستحيلة في ظل غياب الشرطة ومع فرار القانون من الخدمة...
وقتها كان مستحيلا إعمال القانون لأن الفضائيات جعلت الناس تقتنع بأن الثورة ثارت علي النظام وعلي القانون وعلي الشرطة وعلي الجيش وعلي القضاء وعلي كل السلطات...
النخبة إياها هي من قادت الإعلام لهذا التصور الذي اخترعوه ومرروه وأكدوه وجعلوه وهو الباطل.. جعلوه الحق الذي لا يرقي إليه شك.. والناس صدقت لأن النخبة تتكلم ليل نهار وتحاصر عقول الناس لأن الإعلام أعطاها كل مساحة لديه لتنفث سمومها وتقنع الناس بأن تطبيق القانون خيانة للثورة وكلنا رأينا النخبة يوم حرق المجمع العلمي صامتة.. لم تشجب ولم ترفض عمليات الدمار.. صحيح أنها لم تؤيدها لكنها كانت تبرر أعمال الخراب والتدمير وتختلق الأعذار للشباب الذي حرق وتعتبر التصدي له تصرفا غير مبرر وعنفا غير مقنن وكأن المطلوب الطبطبة علي من يحرقون مصر وأن التصدي لهم ومنعهم جريمة في حق الثورة!.
واحد من النخبة بعد حرق المجمع العلمي قال بالحرف الواحد: لو فيه مطافي ما انحرق المجمع!. لا يريد أن يدين الشباب الذي حرق إنما يدين المطافي التي فشلت في إطفاء الحريق لأنه تم منعها بمعرفة الشباب الذي رفض اقترابها من المبني الذي يحترق...
النخبة.. وبينها أسماء لها دور تلعبه.. هي مع الفوضي ومع الحرق ومع التدمير.. والمصيبة أنهم يرون كل هذا الخراب ثورة ومن يقوم به ثوار.. وهل يطبق قانون علي الثوار؟.
طيب.. هذا الكلام عن القانون الغائب يمكن قبوله وقت كانت مصر بلا رئيس وبلا سلطة تشريعية وفي ظل مناخ كراهية رهيب وخلافات سياسية هائلة وتدخلات خارجية مرعبة وأموال تتدفق لأجل أن تبقي الفوضي وتتوالي الفتن وربما يقع الصدام وتسقط مصر لا قدر الله في فخ الحرب الأهلية...
لكن الآن وطالما علي رأس الدولة رئيس منتخب.. فلابد أن يعود القانون من إجازته إن كنا نريد لمصر أن تنهض...
هذا الكلام طرحته الأسبوع الماضي ولفت نظري تعقيب لواحد من السادة القراء يقول لي فيه إن القانون غائب من أيام النظام السابق.. ولا أعرف هل هو ينبهني إلي حقيقة غائبة عني أم يتهمني بالتستر علي تلك الحقيقة أم يريد أن يأخذني لجدال ننشغل فيه في البحث عن الخلفية التاريخية لغياب القانون بدلا من أن نبحث سبل إعادة القانون...
للقارئ العزيز أقول: يا سيدي أنا طلبت من السيد الرئيس أن يستدعي القانون من إجازته ولم أتهم السيد الرئيس بأنه المسئول عن هذه الإجازة...
يا سيدي.. ما من نظام شمولي في العالم.. إلا ويعطي القانون إجازة ومصر خلال الستين سنة الماضية رأي القانون فيها كل أنواع الإجازات...
يا سيدي.. القضية الأهم الآن أن يعود القانون وتصبح أنت وأنا وكل مصري علي يقين بأن الشارع ذا الاتجاه الواحد في السير.. ممنوع أن يأتي أحد فيه من الاتجاه الآخر ومن يفعل يحاسب ويعاقب في اللحظة والتو...
لن يحدث ذلك إلا بعودة القانون وتطبيق القانون وهذا هو المطلب الأهم ولا يعنينا أي شيء سواه ولا يجب أن نستدرج لجدال يبعدنا عنه.. كأن نقول مثلا بأن القانون غائب من النظام السابق...
هذه النقطة تحديدا.. نقطة المقارنة بالنظام السابق أو المعايرة بالنظام السابق.. هذا الفكر محور جدال مستمر في كل قضية مثارة.. وبدلا من إضاعة وقتنا في إثبات كل واحد منا صحة كلامه.. علينا أن نتفق.. وليس هذا محل خلاف.. بأن النظام السابق سقط وانتهي وولي زمنه.. وهو سقط لأن القانون فيه كان غائبا عن ناس ومطبقا علي ناس ولأن الظلم ساد فيه ولأن الفساد استشري فيه.. المهم أنه سقط والأهم أن نبني نظاما جديدا.. يعيد القانون ويمحو الظلم.. ويقضي علي الفساد.. ولذلك!.
أنا طالبت السيد رئيس الجمهورية الأسبوع الماضي وأطالب سيادته اليوم بأن يعيد بأسرع ما يكون القانون من إجازته لأنه السبيل الوحيد لإيقاف الفوضي التي تبتلعنا...
من يوقف حال آلاف البشر ويقطع طريق.. نقطع رقبته بالقانون الذي فيه ما يردع كل من تسول له نفسه ويعطل مصالح الناس بقطع طريق لأن هذا الأسلوب الفوضوي قمة التحريض لآلاف البشر علي الفوضي واتخاذ طريق الفوضي...
قطع الطريق ووقف حال آلاف البشر.. هو في الواقع تسويد صورة الدولة في عيون الناس.. هو تصدير إحساس هائل للشعب بأنه لا توجد دولة ولم تعد هناك هيبة للدولة.. هو رسالة تيئيس لملايين الشعب من أن الدولة التي يعيشون فيها ليس بإمكانها أن تحمي طريقا.. وأيضا هو قمة التخويف لآلاف البشر من فقدان الأمان.. والأصعب علي الإنسان أن يفقد الأمان داخل وطنه...
سيادة الرئيس.. ليس صحيحا أن استدعاء القانون تقويض للثورة والصحيح أنه يرسي الاستقرار ويعيد البناء ويحقق ما قامت الثورة من أجله...
سيادة الرئيس.. ليس صحيحا أن إصدار قانون للتظاهر خيانة للثورة والثوار.. والصحيح أن كل يوم يمر والفوضي مطلق سراحها.. نتأخر فيه سنوات!.
الصحيح يا سيادة الرئيس أن بعض النخبة هي التي تشيع هذه الفكرة الخبيثة لأجل أن تبقي الفوضي في الشارع وفي كل مكان وأمام قصر الرياسة نفسه...
تبقي الفوضي شاغلا لكم وعائقا أمامكم.. والباقي تعرفونه جنابكم...
المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.