جامعة حلوان تنفذ برنامجًا تدريبيًا لتطوير المهارات الشخصية    رئيس جامعة المنوفية: تجديد الاعتماد المؤسسي والبرامجي لكلية الطب من هيئة ضمان جودة التعليم    انتهاء تفويج الحج البري من ميناء نويبع البحري    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الخميس 29 مايو 2025    افتتاح المقر الرئيسي الجديد لجهاز حماية المستهلك بالقاهرة الجديدة    وزير الإسكان يعلن آخر موعد لحجز وحدات «سكن لكل المصريين7»    من 18 إلى 32 عامًا.. تفاصيل التقديم في مبادرة «الرواد الرقميون»    إعلام إسرائيلي: مقترح ويتكوف يتضمن الإفراج عن 125 أسيرًا فلسطينيًا من ذوى الأحكام المؤبدة    وسط شكوك حول المفاوضات.. هل تدعم ألمانيا أوكرانيا في هجماتها الصاروخية على روسيا؟    الصحة: غلق 3 منشآت طبية خاصة وتوجيه 23 إنذارًا خلال المرور على 76 منشأة بالإسماعيلية    حار نهارًا وأمطار ..الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا    ضبط متجري المواد المخدرة ومصرع 3 عناصر جنائية عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة    مروى ياسين نجلة عبلة الكحلاوي مساعدًا لوزير الأوقاف لشئون الواعظات    كندا: إجلاء 17 ألف شخص من مقاطعة مانيتوبا جراء حرائق الغابات    خالد الغندور: جاهزية ناصر منسي وبنتايج لمواجهة فاركو في ختام دوري نايل    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 4 أشخاص    أسعار الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 29 مايو 2025 في البنوك "للبيع والشراء"    أول تعليق من البيت الأبيض على حكم إلغاء رسوم ترامب الجمركية    رئيس بعثة الحج: وصول آخر حجاج القرعة إلى المدينة المنورة    وزير العمل يوجه بسرعة متابعة عمالة غير منتظمة ضحايا انقلاب سيارة بالمنوفية    رئيس الوزراء اللبناني: الحكومة حققت 80% من أهدافها بنزع سلاح الفصائل    صحة غزة: 37 شهيدا فى غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    وزير الصحة يعلن اعتماد قرار دولي تاريخي لدعم أصحاب الأمراض النادرة.. تفاصيل    إخلاء مركز السكر لنقل خدمات التأمين الصحي في دمياط    مؤتمر صحفي للسياحة والآثار اليوم للإعلان عن تفاصيل معرض "كنوز الفراعنة" في إيطاليا    بناء على توجيهات الرئيس السيسي| مدبولي يكشف عن تعديلات قانون الإيجار القديم    المولدات تنقذ مرضى مستشفى قويسنا بعد انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة    بعد توجيه شيخ الأزهر.. صرف إعانة إضافية بجانب منحة عيد الأضحى اليوم    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب إيران    نتيجة الصف الثاني الإعدادي 2025 بدمياط بالاسم و رقم الجلوس.. تعرف علي الموعد و درجة كل مادة    إيلون ماسك يغادر إدارة ترامب    محمد سامي يوضح حقيقة هجرته من مصر (فيديو)    اقتحام مقر الليكود في تل أبيب واعتقال عشرات المتظاهرين المناهضين    ثقافة أسيوط تقدم «التكية» ضمن فعاليات الموسم المسرحي    النائب العام يستقبل عددًا من رؤساء الاستئناف للنيابات المتخصصة والنيابات    موعد أذان الفجر اليوم الخميس ثاني أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    «احنا رقم واحد».. تعليق مثير من بيراميدز    مثال حي على ما أقول    الإفراج عن "الطنطاوي": ضغوط خارجية أم صفقة داخلية؟ ولماذا يستمر التنكيل بالإسلاميين؟    محمد الشناوي يدخل في مشادة مع الصحفيين في احتفالية الدوري (فيديو)    إمام عاشور يوجه رسالة عاجلة إلى حسام وإبراهيم حسن بعد التتويج بالدوري    الشركة المنتجة لفيلم "أحمد وأحمد" تصدم الجمهور السعودي    مسن ينهي حياة زوجته ب21 طعنة بالشرقية    نشرة التوك شو| ظهور متحور جديد لكورونا.. وتطبيع محتمل مع إسرائيل قد ينطلق من دمشق وبيروت    جائزة الدانة للدراما 2025 تعلن قائمة الأعمال الدرامية والفنانين المرشحين للفوز بالجائزة في نسختها الثانية    5 أيام متتالية.. موعد اجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    بعد إعلان «فيفا».. سبب إيقاف قيد الزمالك ل 3 فترات مجددًا    وزير السياحة: السوق الصربى يمثل أحد الأسواق الواعدة للمقصد السياحى المصري    النحاس: أتمنى الاستمرار مع الأهلي بأي دور.. وطلبت من وسام إعادة نسخته الأوروبية    موعد أذان فجر الخميس 2 من ذي الحجة 2025.. وأفضل أعمال العشر الأوائل    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    ياسمين عبدالعزيز تخطف الأنظار بإطلالة ساحرة وتعلق: «الأسود على الأسد بيمنع الحسد» (صور)    إمام عاشور: نركز لتقديم مستوى يليق بالأهلي بكأس العالم.. وردي في الملعب    حكم الجمع بين نية صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وقضاء رمضان    الركوع برمزٍ ديني: ماذا تعني الركبة التي تركع بها؟    بداية حدوث الجلطات.. عميد معهد القلب السابق يحذر الحجاج من تناول هذه المشروبات    ألم حاد ونخز في الأعصاب.. أعراض ومضاعفات «الديسك» مرض الملكة رانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن التواصل والتفاعل

فى الستينيات من القرن الماضى صك مارشال ماكلوهان مفهوم القرية العالمية للإشارة إلى عالمنا وقد تحول إلى قرية واحدة بفضل تكنولوجيات الاتصالات الحديثة. ونحن نشاهد اليوم آثار هذا التحول فى حياتنا اليومية بعد أن أصبحنا نعيش عصر التواصل والتفاعل. فما أكثر الرسائل التى نتلقاها ونستجيب لها كل يوم عن طريق البريد الإلكترونى ووسائل الاتصال الاجتماعى مثل الفيس بوك، وتويتر، وهلم جرا. وما أكثر الإعلانات والعروض، بما فى ذلك عروض الحب والزواج والوظائف. وهى عروض جاهزة على الدوام، نستطيع أن نستدعيها ومن الممكن أن تقتحم علينا الشاشة وتفرض نفسها على انتباهنا دون استئذان. وأصبح العالم من أقصاه إلى أدناه مترابطا بشبكة شاملة ومتغلغلة من الاتصالات والمعلومات المتدفقة فى جميع الاتجاهات.
فهل هى قرية إذن؟ الواقع أنها أبعد ما تكون عن ذلك. من الخصائص الأساسية للحياة القروية الجيرة. والجيرة تعنى أساسا العيش معا عن قرب. وهى الحياة الجماعية والأبواب المفتوحة؛ وهى التواصل وجها لوجه؛ وهى التعاون والتكاتف فى السراء والضراء، بما فى ذلك الأعراس والمآتم، والاحتفال بالمواليد؛ وقد تكون أيضا التنازع والتصارع المكشوف فى كثير من الأحيان. بل ان بعض أحياء القاهرة فى الخمسينيات من القرن الماضى كانت قروية إلى حد ما. كانت هناك نوافذ ومشربيات البيوت المتقابلة، وكانت أم أحمد تستطيع من خلال تلك المنافذ أن تدردش مع جارتها أم محمد . وفى ذلك العصر البعيد لم تكن أبواب الشقق فى العمارات العصرية مغلقة «بالضبة والمفتاح» دون الجيران كما نرى اليوم. فالتواصل فى هذه الحالة يحدث من بعيد، وعن طريق الصوت والصورة على أفضل تقدير، وقد يكون وسيلة للتخفى والانعزال. فهناك شبكة أو شبكات أخطبوطية تربط البشر فى جميع أنحاء العالم، وتتيح لهم التخاطب عبر المحيطات والقارات، ولكنها تعزلهم عن جيرانهم الأقربين فى الشارع أو نفس المسكن. فالكل يتخاطب من وراء الحواجز ظاهرة أو خفية؛ والكل يعيش فى عزلة. وقد أصبح الهاتف المحمول طريقة ممتازة للاتصال بالغير أينما كان، ولكن هذا الجهاز يعمل أساسا فى مصلحة صاحبه، فيسهل عليه الاتصال بالغير أينما كانوا، ولكنه فى نفس الوقت يخفيه إذا شاء. فأنت لا تستطيع الاتصال به إلا إذا سمح لك بذلك. تأتيك فى البداية أغنية تتيح له أن يقرر ما إذا كان يريد تلقى مكالمتك أو رفضها. وإذا كان صاحب المحمول موظفا مسئولا ولك لديه حاجة، فأرجح الظن أنه لن يسمح لك بالوصول إليه. وقد يتيح له فرصة «التزويغ» من مكان العمل في أثناء ساعات العمل.
وهناك كثرة كثيرة من المعلومات. ولكن كثرتها لا تفيد بالضرورة لأن قدرة الإنسان على التلقى والاستيعاب تعجز أحيانا عن الإفادة من الطوفان. ويشعر المرء فى بعض الحالات أنه يريد أن يهرب، وأن يسد انتباهه عن كل ذلك التدفق المقتحم، وأن ينعم بالهدوء، أو أن يمضى بعض الوقت فى التفكير والتروى. وغزارة المعلومات المقتحمة قد تؤدى إلى تشتت الذهن وتعطل التفكير. وقد يترحم الإنسان إذن على زمن مضى كان يتلقى فيه المعلومات بصعوبة، ولكنها صعوبة محببة إلى النفس، فهى تأتى قطرة فقطرة وتقترن بلذة الاكتشاف. وهناك فارق بين معلومات تستقيها وترشفها ومعلومات تتجرعها وتغص بها.
والإنترنت أداة رائعة للبحث لمن يريد البحث. ولكنها مضيعة للوقت ومصدر للضرر لمن يبحر فيها بغير هدف. وليس صحيحا على أى حال أنك تجد فيها كل شيء كما يقال أحيانا. فمعظم الكتب التى ألفت عبر التاريخ لا توجد على الشبكة العنكبوتية. ولست أدرى إذا كانت هذه الشبكة الجبارة ستستطيع فى يوم من الأيام أن تحتوى على جميع الكتب. ولكن لنفترض أن ذلك ما سيحدث فى المستقبل. عندئذ سنفتقد متعة القراءة فى الكتب، فى النسخة الورقية.
وأقول «فى رأيى» لأن البعض وبخاصة من الأجيال الشابة قد يسفه ما أقول ويرى أننى لست سوى ديناصور. وهو وصف ظالم لأن هذا الديناصور يجيد استخدام الحاسوب لأغراضه، وهى أساسا البحث (المنظم) والتأليف. وقد كنت أعتقد ذات يوم أن الحاسوب، إن كان يصلح لكتابة المقالة أو القصة، فإنه لا يصلح لتأليف الأعمال الإبداعية مثل القصة والقصيدة. ثم تبين لى خطأ هذا الرأى. فقد أقدمت متهيبا على كتابة قصة، فانكتبت. ثم استجمعت أطراف شجاعتى وحاولت نظم قصيدة، فانتظمت. وانفتحت أبواب الحاسوب على مصراعيها للتأليف أيا ما كان نوعه. كما اكتشفت أن الحاسوب يوفر لى ذاكرة جبارة لا أستطيع ولا ينبغى أن أستغنى عنها. كنت فى الماضى ألقى بما أكتب فى سلة المهملات إذا لم يرق لى. أما الآن، فإنى أحرص على تخزين ما أكتب فى ذاكرة الحاسوب، حتى ولو كان سطرا من مقالة أو قصة أو قصيدة. وخلاصة القول هى أن وسائل الاتصال والتواصل الحديثة لها فوائد جمة، وبخاصة لمن يستطيع التحكم فيها، ولكن لها فى المقابل أضرار كثيرة. وهى على أى حال ليست من القرية فى شىء.
لمزيد من مقالات عبد الرشيد محمودى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.