ما تعتقد عن نفسك من أفكار هو ما يتحقق على أرض الواقع ، انت ما تفكر به ، تصرفاتك وسلوكك هى نتيجة طبيعية لأفكارك ، ما تقنع به نفسك هو ما يترجم في أفعالك ، ما تزرعه في نفسك من أفكار هو ما تحصده من حياة سعيدة أو تعيسة . والدراسات النفسية أكدت بالفعل أن ما تردده على مسامعك هو ما يقتنع به عقلك الباطن ويتصرف طبقا له. كما أشارت الدراسات النفسية الحديثة إلى أن الحل يكمن في تغيير الصورة الذهنية السلبية عن نفسك ، بترديد رسائل إيجابية دائما تحفز بها نفسك بالطاقة الموجبة باستمرار وتدفعك لإنجاز ما تريد تحقيقه. ..(وهذا هو ما أخبرنا به الله في قوله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ " ) ... لن يغير الله ما بك من فشل أو غضب أو كآبة أو عدم راحة نفسية أو كسل أو عادات سيئة ؛ إلا بعدما تبدأ أنت وتغير ما بنفسك. فإذا كررت على مسامعك أو إذا صدقت ما يردده الآخرين عنك بأنك شخص فاشل ولم تبذل أي جهد لتحقيق ذاتك ؛ فكيف تتوقع النجاح ؟! اذا أقنعت نفسك بأنك لا تستطع التحكم في أعصابك وأنك تغضب لأبسط الأسباب ولا تقدر على التحكم في انفعالاتك وضبطها وإعادة اتزانك الانفعالي إلى توازنه ؛ فكيف تتوقع أن تكون هادئا في المواقف المستفزة والظروف الضاغطة ؟! إذا كنت تخبر نفسك باستمرار أن حياتك مملة وكئيبة ولا تحاول التخطيط لوقتك جيدا بممارسة أنشطة مختلفة ؛ فكيف تتوقع أن تتمتع بالشعور بالسعادة في حياتك ؟! إذا كنت تؤكد لنفسك دائما أنك شخص كسول ولا تستطع ممارسة الرياضة ، فكيف تتوقع أن تكون نشيطا ؟! إذا كنت تردد على مسامعك الفكرة الخادعة بأن التدخين يساعدك على التوازن النفسي وعدم القلق ؛ فكيف تتوقع أن تقلع عن التدخين ؟! إذا كنت تؤكد لنفسك أنك لا تتذوق إلا الطعام غير الصحي ؛ فكيف تتوقع أن تقدم بشهية على الطعام الصحي ؟ اذا كنت دائما تقول وتقنع نفسك أن قراءة الكتب مملة بالمقارنة مع الجلسة الفارغة مع الأصدقاء ؛ فكيف تتوقع أن يكون الكتاب أفضل صديقا لك وأن تستمتع بقراءة ومعرفة معلومات جديدة ؟! إذا كنت تخبر نفسك بأنك تشعر بالخجل وانت تتحدث أمام الناس ؛ فكيف تتوقع أن تتحدث بطلاقة في الاجتماعات وغيرها من اللقاءات العامة ؟! إذا كنت تردد على مسامعك أنك لا تحب المذاكرة ولا تستطع التركيز بها ؛ فكيف تتوقع أن تكون متفوقا ؟! إذا كنت تردد على مسامعك أنك لن تستطع فتح مشروعا جديدا ؛ وتحقق نجاحا به ؛ فكيف تتوقع أن تنجح في إدارته ؟! إذا كنت تردد على مسامعك إنك لا تستطع تحمل المسئولية ؛ فكيف تتوقع أن تكون شخصا مسئولا يعتمد عليه ؟! إذا كنت تردد على مسامعك وتقنع نفسك بأن الصلاة بالله بها مشقة ؛ فكيف تتوقع أن تشعر بالراحة النفسية ، حين تمجد الله وتسبحه وتركع وتسجد له ؟! و كيف تتصور أنك ستتخلص من الشعور بالتوتر والقلق وانت لا تظن بالله خيرا وتصدق بعض الشيوخ الذين يتوعدوا الناس بالخلود بالنار على صغائر وتوافه الأمور وهو الذي وعد عباده سبحانه وتعالى بالجنة في حالة تجنب الكبائر في قوله تعالى : "إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا " وقوله تعالى : "الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ۚ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ۖ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ " ؟! و إذا كنت تردد على مسامعك إنك لا تستطع مسامحة من اساء إليك ؛ فكيف تتوقع أن تشعر بالراحة النفسية ؟! ... والدراسات النفسية الحديثة اثبتت أن كظمك لغيظك يولد طاقة سالبة تؤذي نفسك وتسبب لك المتاعب النفسية والجسدية والمرضية ولا تقي نفسك منها إلا بأن تعفو وتسامح من اساء إليك ... وهذا يتضح في قول الله تعالى : " وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " ؛ حيث أوضح الله تعالى بآيته التي لا يأتيها الباطل أن المغفرة والرحمة أعدت للمتقين الذين يزكون بأموالهم ولا يكتفون فقط بكظم الغيظ وإنما يعقبوا كظم غيظهم بالعفو عن الناس والإحسان إليهم . [email protected] لمزيد من مقالات نهى الشرنوبي;