يقول الله تعالى : "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ". نلاحظ دقة وصف وترتيب كل مرحلة من مراحل خلق الجنين بصورة علمية بحتة : النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة، ثم العظام، ثم كسو اللحم ثم الإنشاء خلقاً آخر . النطفة هى الماء القليل ولو قطرة، وهى تطلق على مني الرجل و مني المرأة وتعرف فى العلم بالبويضة الملقحة بتطوراتها العديدة (الزيجوت)، وينتهى هذا الطور بتعلق الزيجوت ببطانة الرحم فى نهاية الأسبوع الأول من التلقيح ومن ثم يتحول إلى طور جديد وهو طور العلقة وكلمة علقة مشتقة من عَلَقَ، وهو التعلق بالشيء و الالتصاق به كما يطلق على الدم الجامد، وهذا يتوافق مع شكل الجنين فى هذا الطور والجنين يظهر خلال الأسبوع الثالث له كنقطة دم حمراء جامدة تأخذ شكل الدودة التى تمتص الدماء و تعيش فى الماء ويتشابه الجنين معها فى قوة تعلقه بجدار الرحم و حصوله على غذائه من امتصاصه للدم مدة هذا الطور من بداية الأسبوع الثاني من التلقيح حتى نهاية الأسبوع الثالث من التلقيح ، ثم طور المضغة ، حيث يبدأ القلب فى النبض و ينتقل الجنين إلى طور المضغة فى بداية الأسبوع الرابع وبالتحديد فى اليوم الثاني والعشرين ويكون اكتمال جميع الأطوار الثلاثة الأولى فى الأربعين يوماً الأولى من عمر الجنين، ثم يبدأ تكون العظام حيث يتخلق الهيكل العظمي الغضروفي، ثم تتميز الرأس من الجزع وتظهر الأطراف ثم تكسى العظام بالعضلات فى نهاية الأسبوع السابع، وخلال الأسبوع الثامن تنتهي مرحلة التخليق حيث تكون جميع الأجهزة الخارجية والداخلية قد تشكلت ولكن فى صورة مصغرة و دقيقة ، ثم تبدأ مرحلة النشأة فى الأسبوع التاسع و حتى نهاية الحمل، حيث يكتسب الجنين شكله وصورته الشخصية ويصبح ذو سمع وبصر وإدراك وحركة. ويتضح ما سبق كذلك في قول الله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ" وأوضح الله بالقرآن أن الجنين يتكون بسبب النطفة الأمشاج (المختلطة) بين نطفة الرجل ، وبويضة المرأة في قوله تعالى: "إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا " كما بيَّن الله في القرآن أن الإنسان ينتقل من طور إلى طور في قوله تعالى : "مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا" كما أوضح الله بالقرآن الكريم أن نطفة الرجل هي من تقرر جنس الجنين في قوله تعالى : " وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى" ويؤكد علم الوراثة أن النسل الموجودين الآن كانوا في الأصل في صلب آدم وحواء لحظة خلقهما أي أن الخلق جميعا خلقوا في لحظة واحدة في عالم الذرات لحظة خلق آدم وحواء بذاكرة ووعي وإدراك وشعور وانفعال وهو ما يتضح في قول الله تعالى :" وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ " وهو ما يتضح كذلك في قول الله تعالى : "كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" وقول الله تعالى : " قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ " كيف لرجل لا يعلم القراءة والكتابة ويعيش بين قبائل بدوية أن يعلم بكل هذه الحقائق العلمية ؟! لا شك أن الله أخبره بهذه الحقائق من خلال نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم بآيات الله القرآنية لعبادة الله وعدم الشرك به وذلك ليجزي الله الذين آمنوا به والذين اجتنبوا الشرك بالله والقتل والسرقة والزنا والظلم بالجنة ؛ وهو ما يتضح في قول الله تعالى بالقرآن : " الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ۚ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ۖ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ " وقوله تعالى : " إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا " [email protected] لمزيد من مقالات نهى الشرنوبي;