د. منى جاد: تشجيع التعاون وحماية الطالب من «أصدقاء السوء» د. منال خيرى: ربط النشاط بالبرامج والمناهج الدراسية وملفات التقويم د. فاطمة الزهراء: إضافة مهارات جديدة للطلاب فى كل مرحلة دراسية ضعف ممارسة التلاميذ والطلاب الأنشطة المدرسية أدى إلى خلل فى الأنظمة التعليمية.. هذه حقيقة لا ينكرها منصف. المسئولون يتحدثون عن الأنشطة المدرسية باعتبارها أمرا واقعا، غير أن هذا الواقع موجود فى الغالب على الورق، وفى خطط لا تنفذ. خبراء التربية والتعليم يحذرون من «غياب» الأنشطة المدرسية، ويؤكدون ضرورة أن يعى جميع المسئولين عن العملية التعليمية في مصر أن الاهتمام بالأنشطة داخل المدرسة وخارجها خدمة للبيئة والمجتمع المحلى. فكيف السبيل إلى عودة الأنشطة المدرسية، وتعظيم دورها فى البناء والتنمية؟
يجزم الدكتور سامى نصار، أستاذ أصول التربية بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة بأن الأنشطة التعليمية ليست ترفا فى مقدورنا أن نتخلى عنه، وأن نسقطه من حساباتنا عند تعليم أبنائنا، أو أن نتفضل به عليهم، أو نحرمهم منه، وتستمر العملية التعليمية بدونه، دون أن نشعر بأننا نرتكب جريمة فى حق التعليم، وحق أبنائنا. ويضيف أنه لا يمكن أن يكون هناك تعليم حقيقى دون أنشطة تتم فيها عملية التعليم والتعلم، فالنشاط ضرورة لبناء شخصية الطالب، كما أنه ينمى لديه روح المبادرة والمشاركة فى مختلف مناحى الحياة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، وكذلك إكسابه الكفايات اللازمة لأداء المهام والأعمال المختلفة، وترسيخ مهارات التفكير العقلانى، والنقدى، والإبداعى، والابتكارى. ويعبر الدكتور نصار عن أسفه لخلو مدارسنا الآن من الأنشطة، ومن ثم خلوها من التعليم للعديد من الأسباب، بعضها يتعلق بنظرة المجتمع حاليا إلى التعليم والهدف منه، وبعضها يتعلق بالإمكانات المادية، وضعف البنية التحتية فى المدارس، وقلة التجهيزات، وارتفاع كثافة الفصول، وبعضها يتعلق بطرق إعداد المناهج الدراسية، وسبل تقديمها للطالب، والتى تقوم على التلقين والحفظ والتذكر، وأخيرا ضعف إعداد المعلم بشكل عام، وانعدام تدريبه على التدريس من خلال الأنشطة بشكل خاص. بناء الشخصية وتشير الدكتورة منى جاد، أستاذ تكنولوجيا التعليم بكلية التربية بجامعة حلوان، إلى أنه نظرا لتزايد عدد الطلاب، والإقبال على التعليم بشكل عام، وعدم وجود مدارس تستوعب هذه الأعداد، لجأ بعض المدارس، سواء الحكومية أو الخاصة، إلى استغلال المساحات المخصصة للأنشطة كحجرات الموسيقى، والخياطة، والتربية الرياضية، وقاعة الرسم، وفناء المدرسة الذى يشمل الملاعب، بالإضافة إلى ساحة طابور المدرسة. وتلفت إلى أنه منذ أن اندثرت ممارسة الطلاب للأنشطة، ظهرت فى المجتمع العدوانية فى السلوك، والسلوكيات الخاطئة وغير المرغوب فيها تربويا، ذلك أن ممارسة النشاط، سواء كان رياضيا أو فنيا، تساعد على تفريغ الطاقات، وتقبل الفرد لذاته ولمن حوله، وتخلق فيه روح التعاون، والأخوة، والتضامن، وتشغل الفراغ عند الطالب فتحميه من الانسياق إلى أصدقاء السوء، فكم من المشاهير والعظماء كانوا ممن مارسوا الكتابة الصحفية، أو إلقاء الشعر، فالنشاط المدرسي هو اللبنة الأولى والأساس في تنمية شخصية الفرد، ووضعه على الطريق السليم. تنمية المواهب وتتفق الدكتورة منال خيرى، أستاذ بناء وتصميم البرامج والمناهج الدراسية المساعد بكلية التربية بجامعة حلوان، مع الرأى السابق، مضيفة أن الأنشطة تسهم فى تحقيق العديد من الأهداف، منها النمو الشامل المتوازن لشخصية المتعلم، والاستغلال الأمثل لطاقات ووقت الطلاب، وتنمية العديد من القيم والاتجاهات المرغوبة، والكشف عن الميول والمواهب، وتعزيز ثقة الطالب بنفسه، وتحقيق جاذبية المدرسة أو الجامعة كمؤسسة تعليمية. وتشير إلى الآثار السلبية على الطالب، نتيجة تهميش النشاط المدرسى، منها قصور النمو الوجدانى والقيمى فى شخصية الطالب، وتعزيز الفروق الفردية بين الطلاب، وعدم الاستغلال الأمثل لقدراتهم ومواهبهم، فضلا عن تعزيز ضعف ثقة نسبة كبيرة من الطلاب بأنفسهم، والقصور فى تنمية جوانب واتجاهات إيجابية من تقبل الآخر، والعمل التعاونى، والمشاركة المجتمعية، وتنمية سمات القيادة وإدارة الفريق. مهارات جديدة وتتساءل الدكتورة فاطمة الزهراء سالم، أستاذ أصول التربية المساعد والسياسات التعليمية بكلية التربية بجامعة عين شمس: هل لدى منظومة التعليم الاستعداد لإلغاء فكرة الامتحانات بمعناها التقليدى داخل الدولة؟ وهل لديها استعداد لاختبار المتعلم فى المهارات التى تعلمها على أيدى علماء ومتخصصين فى المجال، وليس شرطا كمعلمين فى منهج أو مقرر معين؟ وتطالب بإعداد مصفوفة المهارات داخل كل مرحلة دراسية، بمعنى أنه فى نهاية المرحلة الابتدائية يكون المتعلم أو الدارس قد ألمّ بحفنة من المهارات التى تعلمها على أيدى متخصصين فى مجالات شتى، كالطب، والهندسة، والعلوم، والأدب، والثقافة، والفنون، والتربية، وليس فقط على يد معلم وحيد أو معلمين بالمعنى المتعارف عليه.