فى ظل التضخم غير المسبوق فى صفقات انتقال اللاعبين، بدأ الاتحاد الاوروبى لكرة القدم وخبراء اقتصاديون فى طرح إجراءات تنظيمية للحفاظ على “توازن تنافسي” بين الأندية، مثل وضع “سقف” للأجور أو “ضرائب” على الفرق التى تفرط فى الإنفاق, خاصة انه مع هذه الصفقات، تبدو سنة 2018 متجهة الى تحطيم الرقم القياسي. وكشف تقرير للاتحاد الدولى لكرة القدم (فيفا) ، أن الأندية أنفقت 6,37 مليار دولار (5,1 مليار يورو) فى سوق الانتقالات عام 2017، أى أكثر ب32,7 % مما أنفقته فى العام 2016, وان السبب؟ “التأثير المضاعف” للانتقالات الخيالية لبعض النجوم،مثل البرازيلى نيمار الذى أصبح فى الصيف الماضى الأغلى تاريخيا، بانتقاله من برشلونة الاسبانى الى باريس سان جرمان الفرنسى مقابل 222 مليون يورو، علما بأن أكثر من 80 بالمائة من الانتقالات تتم دون بدل مالى (انتقالات حرة). وقد صدر تقرير الفيفا عشية إقفال باب الانتقالات الشتوية “يناير 2018”، وهو لا يأخذ فى الاعتبار هذه الفترة التى شهدت صفقات ضخمة: انتقال البرازيلى فيليبى كوتينيو من ليفربول الانجليزى الى برشلونة (صفقة قد تصل قيمتها الى 160 مليون يورو)، الهولندى فيرجيل فان دايك الى ليفربول من ساوثمبتون (84 مليون يورو، أغلى مدافع فى التاريخ)... ما هى التدابير التى يمكن تطبيقها لتنظيم السوق التى لا تتوقف عن التضخم، بتأثير من المستثمرين الأجانب الأقوياء، مثل مانشستر سيتى الانجليزى (المملوك من الشيخ الاماراتى منصور بن زايد آل نهيان) أو باريس سان جرمان (المملوك من هيئة قطر للاستثمارات الرياضية)، الذين لا يبخلون بتوفير الموارد فى سوق الانتقالات؟ رئيس الاتحاد الاوروبى لكرة القدم السلوفينى ألكسندر تشيفيرين اقترح فى يناير الماضى اعتماد “ضريبة رفاهية” للحفاظ على التوازن بين الأندية، مقرا فى تصريحات للصحافة السويسرية بأنه لم تكن للهيئة القارية “إستراتيجية ملموسة” فى هذا المجال فى الماضي.ومبدأ هذه الضريبة هو انه إذا “أنفق النادى أكثر مما يملك، يدفع ضريبة على الفارق، هذه ليست ضريبة للحكومة، بل للاتحاد الأوروبي، يجب أن نقرر أيضا كيف نعيد توزيع هذه الضريبة”. أما الغاية، فهى - بحسب المسئول الأوروبى - الحفاظ على “التوازن التنافسى بين الأندية”، وهو التحدى الأكثر أهمية لكرة القدم الحديثة. ويرى الخبير الاقتصادى أرنو شيرون، إن هذا المسار يبدو وكأنه اعتراف بعدم قوة قواعد اللعب المالى النظيف، والتى وضعتها الهيئة الأوروبية عام 2011 لتنظيف حسابات الأندية.. ويوضح شيرون فى تصريحات له انه “من الناحية المالية بالمعنى الدقيق للكلمة، تطورت الأمور إلى حد كبير فى الاتجاه الصحيح، فى المقابل، هذا لم يمنع تركيز المواهب - الذى لا يزال يمثل المشكلة الأساسية - فى بعض الأندية التى تنجح فى الامتثال لقواعد اللعبة فى مجال الشئون المالية”، وذلك بفضل تدفق حقوق النقل التليفزيونى على الخصوص. وفى دراسة نشرت فى منتصف يناير، اقترح شيرون وفريق من الباحثين وضع سقف لكل من الراتب والتعويض خلال عملية التعاقد مع لاعب، وذلك بهدف أساسى هو خفض القيمة المالية للصفقات. ويرى شيرون ان وضع “سقف للراتب” وحده، كما هو الحال فى دورى كرة السلة الامريكى للمحترفين، “سيكون غير فعال نسبيا” بسبب الفوارق بين سوق العمل، ويمكن حتى أن يؤدى إلى آثار سلبية، وبحسب توقعات معدى الدراسة، اعتماد إجراء كهذا قد يؤدى إلى عكس ما هو مأمول منه: التوفير فى الأجور من قبل ناد مشتر، سيعوَض بزيادة فى قيمة التعويض. وأضاف شيرون الذى استند الى بيانات دورى الدرجة الاولى الايطالى للوصول الى هذه النتيجة: “اذا وضع سقف+ يبلغ 12 مليون يورو سنويا، بما يشمل الراتب وتعويض الانتقال، سيصبح فى الإمكان خفض نفقات تعويضات الانتقالات بنسبة 25%”.