مساء الثلاثاء كان رواد معرض الكتاب على موعد مع الأديب الجزائرى «واسينى الأعرج»، الأولى فى المقهى الثقافى (أحمد فؤاد نجم) برواية الأديب الجزائرى الكبير «واسينى الأعرج». وناقشها عدد كبير من الأدباء والشعراء العرب والمصريين، وأدار الندوة الكاتب شعبان يوسف، والكاتبة سماح أبوبكر عزت، ودكتورة نانسى إبراهيم. وقال شعبان يوسف إنها تناقش جُرحا عربيا وإنسانيا يخص الكاتبة العظيمة مى زيادة، وهى من الأديبات اللاتى ظلمن. والرواية تعيد لها الاعتبار، وهى قراءة للجانب الإنسانى لديها بشكل إبداعي، وإنصافا لها بعدما تعرضت له مى زيادة أثناء وجودها فى مشفى أمراض عقلية ببيروت بعدما خطفتها أسرتها. وأعرب واسينى الأعرج عن سعادته بمشاركته فى معرض القاهرة للكتاب، ومناقشة روايته «مَيْ لَيَالِى إيزِيسْ كُوبيِاَ». مشيرا إلى تأثره بجملة مى زيادة التى دفعته لكتابة الرواية حين قالت:«أتمنى أن يأتى بعد كل هذا الزمن من ينصفني»، وحاول فى روايته التركيز على الفترة التى كانت قضتها بمشفى العصفورية فى بيروت. وذهبت د.نانسى إبراهيم إلى أن واسينى الأعرج حالة إنسانية لها حضور، وكتاباته أثّرت فينا، كما تأثر الواقع الثقافى بكثير من أعماله. وتميز فى هذه الرواية بتقمصه شخصية «مى زيادة» التى تدور حولها الأحداث. وكانت الندوة الثانية فى قاعة لطيفة الزيات، بعنوان «إشكاليات التاريخ والرواية»، وأدارها د.أحمد مجاهد، بمشاركة د.حسين حمودة، وحضور عشرات القراء والنقاد والصحفيين، وحاوروه لساعتين. واستهلها واسينى بقوله: «الاشكالية الأكبر تكمن فى كتابة التاريخ نفسه الذى كتبه المنتصرون وحدهم، فلو لم يكن هؤلاء المنتصرون لقرأنا ودرسنا تاريخا جديدا ومختلفا تماما. وحكى واسينى كيف كان مهتما منذ زمن بالرواية التاريخية وسرد الأحداث التى ربما لم يسمع بها، ما دفعه للذهاب إلى أماكن الوقائع التى يتناولها مثلما فعل مع روايته الأخيرة عن مى زيادة التى ذهب إلى بيتها فى الناصرة، وذهب أيضا إلى «العصفورية» مستشفى الأمراض العقلية فى بيروت حيث أودعت لفترة طويلة من عمرها، ونقَّب عن المحاضرة الأخيرة التى ألقتها فى الجامعة الأمريكيةببيروت دفاعا عن قواها العقلية بناء على وصية محاميها. وحكى قصة ابن عمها الذى طلب منها توكيلا قانونيا حرصا على مصالحها، لكنه باع منزلها وأملاكها وأودعها مستشفى الأمراض العقلية. وأضاف أن إشكالية كتابة التاريخ لن يكون لها حلول مادام أنه يكتب من وجهة نظر واحدة، لذا قد تكون الرواية المتنفس الوحيد لسرد وقائع تاريخية أخرى لم يكن لها نصيب من الوجود فى كتب التاريخ. وعن تجربته الأكاديمية وتأملاته فى مدى تأثير خلط المسارين التاريخى والروائي، قال إنه طلب من طلابه مرة عمل بحث صغير ليستطلع انطباعاتهم عن الرواية التاريخية عند جورجى زيدان. وطلب من كل منهم أن يقرأ رواية لجورجى زيدان ثم يكتب فى ورقة ماذا بقى فى ذهنه من الرواية، فوجد أن ما علق فى أذهانهم كان العلاقات الإنسانية والعاطفية ولم يذكروا أية واقعة تاريخية. وردا على سؤال طرحته عليه الأهرام عن علاقته باللغة العربية وهو ابن ثقافة فرانكفونية من بداية حياته، فقال إن لعلاقته باللغة العربية حكاية عجيبة وطريفة. فالفرنسية كانت اللغة الوطنية بموجب احتلال فرنسا للجزائر، فأصرت جدته ذات الأصول العربية العريقة أن ترسله إلى الُكّتاب لتعلم اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم. وبالفعل كان ذهابى إلى الكتاب لسنوات ومنه إلى المدرسة. وذكر أنه سرق كتابا من الكُتَّاب ليقرأه وكانت جدته تتباهى به وتقول للجميع شاهدوا كيف يقرأ حفيدى القرآن الكريم. حتى جاءهم ضيف مغربى وقالت جدته اسمع ابنى واسينى وهو يقرأ القرآن، فأمسك الضيف بالكتاب وقال له هذا كتاب ألف ليلة وليلة. وانفجر الحضور ضاحكين، وكان واسينى يعتقد أنه القرآن لأنه يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم.