تطورات خطيرة ومهمة تجرى فى العاصمة اليمنية المؤقتة، عدن، بعد مصرع وإصابة ما يقرب من 144 شخصا فى اشتباكات بين قوات الحماية الرئاسية وقوات تابعة للحزام الأمنى بالمجلس الانتقالى الداعى للانفصال . خطورة التطورات التى كانت متوقعة تكمن فى أنها ربما تمهد لأحداث متتالية فى عدن تفضى فى النهاية إلى السيطرة عليها من قبل عناصر جنوبية انفصالية وتكريس واقع جديد على الأرض يفاقم من تعقيدات المشكلة اليمنية ويهدد التحالف العربى ويعزز الحضور الإيراني. التصعيد الذى ترافق مع جمود العملية السياسية وتعثر الحسم العسكرى للمواجهات مع الحوثيين بدأ من مطالبات للمجلس الانتقالى بتغيير حكومة أحمد بن دغر ووصفها بأنها فاسدة ولا تلبى مطالب المواطنين ، وهى مطالب قريبة الشبه من مطالب الحوثيين عندما قرروا ابتلاع العاصمة صنعاء، إذ رفعوا شعارات إحتجاجية ضد فرض جرعة سعرية ورفع أسعار المشتقات، والأهم أن المجلس الانتقالى يرفع السلاح فى وجه شرعية تعانى أصلا متاعب فى السيطرة وتأمين المناطق المحررة ولديها تحديات جمة فى تأمين الخدمات الضرورية وتحارب الانقلاب الحوثى فى العديد من الجبهات. ووفقا للمعلومات الواردة من عدن فإنه من المتوقع خلال الأيام القادمة أن يحدث تصعيد جديد بعد أن سعت قوات المجلس الانتقالى إلى جلب تعزيزات عسكرية الى عدن من محافظتى أبين والضالع القريبتين من عدن، ووقوع اشتباكات متقطعة وتقاسم أحياء المدينة بين الطرفين. تعود جذور تأسيس المجلس الانتقالى الجنوبى إلى سيطرة جماعة الحوثيين على صنعاء فى 21 سبتمبر 2014حيث ظهر بقوة مشروع الفيدرالية وتقسيم اليمن إلى إقليمين، وأقال الرئيس اليمنى محافظ عدن عيدروس الزبيدى أحد قيادات الحراك الجنوبى وهانى بن بريك قائد الحزام الأمنى وهى قوة تشكلت بدعم وتمويل إماراتى لمواجهة نفوذ الإخوان المسلمين . وفى 5مايو 2017 تم الاعلان عن هيئة رئاسة المجلس الانتقالى الجنوبى برئاسة الزبيدى ونائبه بريك وعضوية 24شخصية جنوبية من محافظين ووزراء وأكاديميين وعسكريين ومشايخ وشخصيات وطنية ، مهمته إدارة وتمثيل الجنوب داخليا وخارجيا ، واستمرار التنسيق مع التحالف العربى ضد المد الإيرانى بالمنطقة، والشراكة مع المجتمع الدولى فى محاربة الإرهاب. وتتزامن تطورات عدن مع تحركات حثيثة تقودها بريطانيا التى تبدى اهتماما خاصا بعدن والجنوب لتقديم مبادرة جديدة لحل الأزمة اليمنية مستفيدة من تعيين الدبلوماسى البريطانى مارتن جريفثت مبعوثا دوليا إلى اليمن ، لكن ما يجرى فى عدن فضلا عن أنه سيعيق أية مفاوضات ، فإنه سيصب فى مصلحة جماعة الحوثيين التى سيخف الضغط العسكرى عليها بعد تحقيق قوات الشرعية تقدما لافتا فى صعدة ونهم ومأرب والجوف وبدء فك الحصار عن تعز . وإجمالا سيكرس ما يجرى فى عدن حقيقة وجود طرفين فى أية مفاوضات قادمة هما:المجلس الانتقالى فى عدن والحوثيون فى صنعاء ، ما يمثل المعنى الحرفى لإعادة تقسيم اليمن وتشظيها مرة أخرى ، وهو سيناريو لن تسمح بحصوله السعودية ودول الخليج .