قنبلة موقوتة تنفجر كل يوم فى منطقة «أبو زعبل» والقرى المحيطة بها، يطلقون عليه «مصنع الموت» لما يفرزه ويبثه من سموم وأدخنة سامة وخطرة وروائح نفاذة تصيب الانسان بشتى أنواع الامراض الصدرية والقلبية وتقتل الحيوان والنبات. انه مصنع «أبو زعبل للأسمدة والمواد الكيماوية»، الذى يقع مباشرة على طريق «القاهرة بلبيس» الزراعي، وعلى الرغم من شكاوى المواطنين من ارتفاع نسبة مرضى الفشل الكلوى بين عمال المصنع لتصل الى 80% وإتلاف المصنع للمياه الجوفية للقرى المحيطة به لما فيه من مواسير داخلية تنقل التلوث إلى المياه الجوفية، بالاضافة إلى تلوث المياه بترعة الإسماعيلية التى تروى العديد من الأراضى الزراعية. الا ان الحكومة والمحافظة ووزارة البيئة يقفون عاجزين ومقيدى الايدى أمام مالكى «مصنع الموت« ذوى النفوذ!! ينتج المصنع الفوسفات والأسمدة وأحادى سوبر فوسفات، فوسفات ثنائى الكالسيوم، وحمض الفوسفوريك، وحمض الكبريتيك، بالإضافة إلى نفثه الأدخنة والانبعاثات الضارة التى تغطى سماء المنطقة بكاملها، وذلك دون أى فلاتر او إجراءات وقائية، هذا بخلاف صرف مخلفات المصنع التى تلقى فى ترعة الإسماعيلية. ولم يقف الحال عند مصنع ابوزعبل فقط بل ان المنطقة بها مصنعان آخران»الشبة والنشا« اللذان يشعلان سماء المنطقة بالادخنة السامة والروائح الكريهة التى يستنشقها سكان المنطقة مما ادى الى ارتفاع نسبة الاصابة بمرض سرطان الدم بين الاطفال،كما ان مصنع الشبة يقوم بتصريف الكبريت إلى ترعة الإسماعيلية، وتدمير عدد من الأراضى الزراعية الخصبة فى المنطقة والتى تقدر بحوالى 1360 فدانا. الدكتور أحمد رخا رئيس ادارة التفتيش البيئى والرصد بوزارة البيئة لم يبعد كثيراً عن هذه المآسى وكشف عن عدم التزام مصنع أبو زعبل للاسمدة والكيماويات بتنفيذ الاجراءات الفورية لوقف مصادر التلوث رغم تقديمه العديد من خطط توفيق الاوضاع خلال مدد زمنية معينة ولم يلتزم بها، وقال رخا إن هذا المصنع بوضعه الحالى يعد بؤرة صديدية ملوثة بالمنطقة. فقد زاد تركيز الانبعاثات من الأتربة والغازات داخل وخارج بيئة العمل، علاوة على عدم مطابقة الصرف الصناعى لمعايير حماية مياه النيل والمجارى المائية من التلوث، فضلاً عن شدة الضوضاء داخل بيئة العمل بالشركة، وعدم ارتداء العاملين مهمات الوقاية، مما يعرضهم للإصابة بالأمراض الصدرية والفشل الكلوى وانسداد الشرايين. وأشار إلى ان جهاز شئون البيئة قام بتنفيذ عدة حملات تفتيشية على المصنع خلال السنوات الماضية، وتم تكثيفها خلال موسم السحابة السوداء للحد من انتشار الدخان والغازات السامة، وتم تركيب محطة رصد بالمصنع تابعة ومتصلة مباشرة بشبكة الرصد الرئيسية لوزارة البيئة الا ان نتائج هذه القياسات كانت دائما تأتى فى مصلحة المصنع وفى الحدود المسموح بها فى قانون البيئة وسط دهشة وذهول أعضاء اللجنة، وكانت المفاجأة عندما اكتشفت اللجنة ان وحدة الرصد تم تركيبها على وحدة مداخن واحدة (من بين 7 وحدات رئيسية) تم التحايل بتركيب فلاتر عليها لتبدو قياسات انبعاثات المصنع موافقة بيئيا. وقال إن هذا التلاعب من جانب مسئولى المصنع دفع لجنة التفتيش الاخيرة المكونة من ممثلين بوزارة البيئة والمحافظة والصحة للمكوث لمدة 4 أيام متتالية بالمصنع لتحليل قياسات ونسب التلوث به والتوصل لنتائج سليمة، ومن ثم تحرير محاضر فورية لملاك المصنع، وذلك بعد رصد المخالفات المذكورة به، واخطار النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية طبقا لأحكام قانون البيئة ولائحته التنفيذية إما بغلق المصنع تماما أو بوقف عمل الوحدة المخالفة به لحين توفيق أوضاعها.