يحمل إصرار الرئيس عبد الفتاح السيسي علي تقديم كشف حساب مدته الرئاسية الأولي للمواطنين باعتباره حكاية وطن معني أعمق وأهم بكثير من مجرد حصر عددي لما قدمه من مشروعات من أجل بناء مصر وتأمينها. المعني الذي حرص عليه الرئيس هو أن ما تم خلال السنوات الأربع لم يكن ليتم إلا بتضافر جهود كل المصريين واصطفافهم يدا واحدة لحماية إرادتهم التي عبروا عنها سواء في ثورة 30 يونيو 2013 أو يوم التفويض في 26 يوليو من العام نفسه، أو في الانتخابات الرئاسية 2014. وغني عن التأكيد أن تلك الرؤية كانت القاسم المشترك في كل تصريحات وخطب وتصرفات الرئيس خلال مدته الرئاسية، إذ لم يغب عن الرئيس مرة واحدة أن يؤكد أهمية دور المصريين في مواجهة كل التحديات التي تواجهها مصر، وبدا واضحا أن الرئيس قادر علي تحدي الجميع في الداخل والخارج مادام المصريون يدا واحدة واثقين من قدرتهم علي مواجهة تلك التحديات. ولعل طلبه في بداية مؤتمر «حكاية وطن» من الحاضرين بالوقوف تقديرا واحتراما للشعب المصري صاحب الفضل والإنجاز الحقيقي تأكيد علي إيمانه وثقته بالمصريين واعتزازه بما حققوه، وبما يمكن أن يحققوه، حتي تحتل مصر المكانة الملائمة لها، أو حتي تصبح علي حد تعبيره الذي صار عنوانا عريضا لما يحلم به لمصر وهو أن تصبح مصر «قد الدنيا». وعلي الرغم من كثرة الإنجازات والمشروعات والأرقام التي عرضها الرئيس ومثلت الأبواب الرئيسية لحكاية نجاح الوطن، كان لافتا للنظر ما ذكره الرئيس بشأن عدد المشروعات التي تم تنفيذها خلال الأعوام الأربعة الماضية. إذ أكد الرئيس أن مصر نفذت 11 ألف مشروع بمتوسط 3 مشروعات يوميا. وهو ما يعني أن مصر لم تتوقف يوما واحدا عن البناء والتعمير رغم كل محاولات أهل الشر لتعطيلها عن مهمة البناء. إذن نحن نتحدث عن رئيس يقود شعبا قادرا علي إنفاذ رؤيته، ولديه الرغبة والقدرة لتحقيق ما وعد به. رئيس لم يتذرع بخطر الإرهاب وتكلفة مواجهته ليتنصل من مواصلة الإنجاز. رئيس لم يرهن مستقبل الوطن للتفرغ للتحدي الأمني كما يتوهم البعض. رئيس يعرف قيمة الإنجاز الحقيقي وليس الإنجازات الورقية التي خدع باسمها الشعب طويلا، وما زال البعض يحاول أن يجره إلي نفس دائرة الأحلام، التي ظلت حبرا علي ورق، حتي القابل منها للتنفيذ لم يستطع أحد الاقتراب منها ووضعها موضع التنفيذ. إذن الرئيس السيسي لم يكن بصدد تقديم كشف حساب شخصي بقدر ما كان بصدد تقديم كشف حساب للدولة المصرية حكومة وشعبا، وبدا أن الرئيس يفاخر بالإنجازات التي حققها المصريون أمام المجتمع الدولي الذي كان من بين أعضائه من شكك قبل أربع سنوات في قدرة المصريين علي النهوض سواء بسبب الإنهاك الذي تعرضت له الدولة والمجتمع نتيجة ثورتين في غضون ثلاث سنوات أو بسبب التحديات التي تواجهها الدولة خاصة من قبل الإرهاب والدول الداعمة له. ومن ثم حرص الرئيس علي أن يكون تقديم كشف الحساب عبر مؤتمر موسع -في تقليد لم يعهده المصريون تنقله كل وسائل الإعلام ويتابعه المجتمع الدولي وليس عبر تقديم ملخص مكتوب لما تم إنجازه يوزع مثلا في شكل نشرة تخرج عن الرئاسة وتنشره الصحف. وتأكيدا لشعوره بالفخر مما فعله المصريون خلال السنوات الماضية خاطب الرئيس المصريين قائلا «حقيقي يا مصريين كنتم أعظم وأشرف وأكرم وشرفتوني وأكرمتموني ورفعتوا رأسي أمام الدنيا كلها باللي عملتوه» .. «أشعر بفخر شديد وأنا جالس في أي مجلس من المجالس التي ألتقي فيها ضيوفي من خارج مصر كنت أقول لهم إن الحكاية ليست حكاية قيادة أو حكومة، لكنها حكاية شعب مصمم علي بناء مستقبل وتحقيق نمو وتقدم وعمل حضارة، فالشرف كل الشرف والكرامة كل الكرامة والفضل كل الفضل لله سبحانه وتعالي ثم لكم أنتم». باختصار، فقد كان الرئيس السيسي عند حسن ظن الشعب به، عندما استدعاه لقيادة الوطن قبل أربع سنوات، وكان الشعب عند حسن ظن الرئيس خلال تلك السنوات، بل، فاق ما تصوره أو توقعه الرئيس. وإذ كان الرئيس يشعر اليوم بالفخر، فإن من حق كل مصري أيضا أن يشعر بالفخر كونه ضلعا أساسيا في حكاية نجاح الوطن، وكلمة لا غني عنها في أنشودة النصر التي تجاوز صداها كل الحدود وباتت أيقونة يتمني كثيرون أن تكون لديهم نسخة منها. لمزيد من مقالات بقلم علاء ثابت