إن عدم تقرير العمل الجيد.. يؤدي إلي عدم تكراره الأزمة وأوضاع العمالة: لاشك أن الظروف الاقتصادية العالمية والمحلية التي فرضتها الأزمة المالية, قد خلقت تيارا سلبيا لدي القوي العاملة في كل أنحاء العالم يري استهداف العمالة في المشروع الاقتصادي بالتخفيض أو التقليص من حجمها. وذلك وصولا إلي مستويات ونقاط جديدة من التوازن بين الإيرادات والمصروفات للشركات في ظل الضغوط التي تفرضها ظروف انكماش الأسواق وتدهور المبيعات وغيرها من تداعيات. وعلي الرغم من عدم صحة هذه الفرضية وهذا التوجه في الشركات والمشروعات الحديثة التي تري أن القوي البشرية هي أهم عناصر المشروع وأن تنميتها وتطويرها هو علي رأس أولوياتها في كل الظروف, فإن بعض الممارسات الخاطئة من القلة القليلة من الشركات, تركت اعتقادا لدي العمالة بأنهم الحلقة الأضعف في سلسلة عناصر ومكونات المشروع. وكما أدت الأزمة المالية العالمية إلي تنامي هجرة المشروعات والاستثمارات إلي مواطن العمالة الأقل تكلفة في شرق وجنوب شرق آسيا وغيرها من بلدان العالم, فإنها أيضا أدت إلي تنامي هجرة العمالة الرخيصة إلي المشروعات في الدول الأكثر أجورا( نسبيا) فنحن نري تنامي هجرة العمالة الأجنبية من كل من دول بنجلاديش والهند وسيرلانكا وباكستان إلي دول الخليج العربي ومصر, حيث ترتفع متوسط أجورهم أكثر من100% من الأجور التي يتقاضونها في بلادهم. ومما لاشك فيه أن هذا الوضع المتنامي بدأ يقلق العمالة المصرية منخفضة الكفاءة, بل وأصبح يهددها في مصدر رزقها. والجدير بالذكر أن البيانات الرسمية المصرية تؤكد أن حجم العمالة الأجنبية في قطاع صناعي مهم مثل الغزل والنسيج والملابس الجاهزة قد يبلغ13% من عمالة القطاع وتجاوز النسبة المقررة قانونا وهي10%. ولما كانت العمالة الفنية في مصر علي وجه الخصوص هي ضحية منظومة تعليم فني ضعيف, وسياسات تدريب مشتتة وغير مؤثرة, أدت مشكلاتها ومسالبها إلي نوعية من المخرجات لا تتوافق مع متطلبات العمل والتطور التكنولوجي الحديث, لذلك فلقد بات من الضروري أن تضطلع الدولة مرة أخري بدورها الحيوي في تعليم وتدريب وتأهيل العمالة للتشغيل من خلال الإجراءات التالية: إنشاء مجلس أعلي للتعليم والتدريب والتأهل يضم كلا من وزارة التربية والتعليم, ووزارة التجارة والصناعة, ووزارة القوي العاملة والهجرة, واتحاد العمال واتحاد الصناعات, والاتحاد التعاوني الانتاجي, والصندوق الاجتماعي للتنمية, لوضع سياسة قومية للارتقاء بقوة العمل والنهوض بمعدلات التشغيل في مصر. قيام وزارة التربية والتعليم بإعادة صياغة منظومة التعليم الفني ورفع مستواه, بما يعيد تقدير واحترام المجتمع للعمل المهني والحرفي. قيام وزارة الصناعة والتجارة بتوحيد أنشطة التدريب المختلفة في هيئة واحدة تشرف عليها وذلك لتخريج دفعات متتالية من العمالة الملائمة لسوق العمل, من خلال شبكة جديدة من مراكز التدريب المؤهلة لذلك, مع إمكانية الاستعانة بالخبرات التدريبية الأجنبية كمرحلة أولي. قيام وزارة القوي العاملة والهجرة بتنظيم أنشطة تأهيل العمالة للتشغيل من خلال مكاتبها المنتشرة في جميع المحافظات, بتسجيل الطلب علي العمالة من الوحدات الإنتاجية المختلفة, وحصر المتقدمين الجدد من طالبي العمل, وكذا مطالب إعادة تأهيل العمالة للوظائف الشاغرة, وتجميع ذلك في مركز معلومات قومي للتوظيف, مع نشر مخرجاته في النشرة القومية للتوظيف وإعلانها بشكل أوسع علي وسائل الإعلام. دعم المنشآت الخاصة بالجامعة العمالية وتطوير المناهج بها بما يتفق مع احتياجات سوق العمل, خاصة ان هذه الجامعة لها11 فرعا بالمحافظات تفتقر حاليا إلي الإمكانيات الحديثة التي تدعم عملية التطوير الملائمة لسوق العمل, وهذا يتطلب دعما من الدولة للمساهمة مع اتحاد نقابات عمال مصر في تدعيم مسيرة التعليم الفني والصناعي. حث وتحفيز القطاع الخاص والشر كات الاستثمارية بالمساهمة الجادة والفعالة في تكاليف تدريب العمالة لرفع جودة الإنتاج وتعظيم العائد علي الاستثمار في النهاية, وذلك من خلال آليات جديدة وحوافز تدفعهم إلي ذلك. الحوافز وتأثيرها في السلوك: إن أهم عوامل رفع الروح المعنوية لدي العاملين هو تحفيزهم, والغرض من تحفيز العاملين بالغ الأهمية بالنسبة للشركة, فالرغبة في تحقيق التميز ورفع الكفاءة الإنتاجية للعاملين تدفع بالشركة إلي وضع أسس وقواعد وإجراءات تضمن التحسين المستمر في الأداء وتنمية روح الإبداع والمبادرة والرغبة في التعليم, والجدير بالذكر أنه مع فرض توفر القدرة لدي الشخص علي العمل إلي جانب توفر المعلومات لديه, فإن هذا لا يعني أن يكون الأداء جيدا. فالعامل تتوافر لديه الرغبة الحقيقية في العمل إذا استشعر الحافز المجزي علي الأداء الجيد, لذلك فإن استدامة النجاح لا تأتي إلا من خلال نظام عادل للحوافز المادية والمعنوية للعاملين. أهمية التحفيز للشركات: لقد أثبتت كل نظريات الإدارة الحديثة أن تحقيق النمو والزيادة المطردة في أرباح الشركات لا يتحقق إلا من خلال رفع الكفاءة الإنتاجية للعاملين وتحسين الوضع المادي النفسي والاجتماعي لهم, وربط مصالح الفرد بمصالح الشركة. كما أن خلق روح الانتماء ورضا العاملين عن عملهم يساعد في حل الكثير من المشاكل التي تعاني منها الإدارات مثل انخفاض قدرات الإنتاج, وارتفاع معدلات التكاليف, ومعدلات الغياب, والمنازعات, والحوادث, والشكاوي, ودوران العمالة. أشكال التحفيز: إن التحفيز هو عملية تعزيز وترسيخ الأداء, وهي لا مركزية, لتشمل كل الأنشطة ومستمرة خلال العام, ويأخذ الأشكال التالية: التحفيز علي فترات ثابتة: وهذا يعني المكافأة كل فترة زمنية ثابتة, فقد تكون مكافأة شهرية للمجهود المتميز, أو الأداء الجيد, وقد يكون مرور المدير علي العاملين يوميا أو أسبوعيا وشكره للمجتهدين بكلمات ثناء أمام الآخرين وما إلي ذلك. ولذلك فإن بعض الشركات تقدم حوافز مادية كل شهر أو اثنين أو ستة أشهر بحيث يزيد هذا الحافز المادي مع زيادة الأداء. التحفيز علي فترات متغيرة: مثل أن يقوم المدير بتقويم العمل علي فترات غير محددة, وبالتالي يقدر العمل الجيد أو يكافأ عليه. التحفيز حسب نسب ثابتة: وهذا يعني أن يكافأ عمال الانتاج مثلا كلما أنتجوا ألف قطعة, أو يكافيء العامل كلما قدم فكرة تم تنفيذها لتطوير العمل, أو تكافيء خدمة العملاء من واقع عدد المشاكل التي قاموا بحلها... وهكذا. التحفيز حسب نسب متغيرة:وهو أن يتم التحفيز حسب تحقيق مستويات من الأداء ولكنها غير محددة علي وجه الدقة, مثل التحفيز حسب نسب ثابتة ولكنها تدور حول رقم متوسط ما. فمثلا قد يكافأ عمال الانتاج عندما ينتجون مائة قطعة, ومرة أخري عندما ينتجون مائة وعشرين, ومرة أخري عندما ينتجون مائتين.. وهكذا. التقدير( يوم الانتاج): يختلف تقدير الأداء عن التحفيز عليه, فالتقدير هو المكافأة العامة, والجائزة الكبري التي ينتظرها كل العاملين سنويا, ولها من الهيبة والأهمية والقيمة موقف متفرد, ويختلف ذلك باختلاف طبيعة الشركة وطبيعة نشاطها, وتكون عادة في الشركات الانتاجية بمثابة يوم الانتاج أو مهرجان الانتاج وأيا كانت التسمية المختارة, فإن الشركة يجب أن تختار يوما محددا من كل عام لتكرم فيه أبناءها المتميزين طبقا للتوقيت الذي تراه مناسبا لها علي أن يكون التقدير مركزيا وإعلاميا, وجوائزه هي الأكبر علي الاطلاق ماديا ومعنويا حتي تحدث الرغبة في الفوز بها والسعي إليها طوال العام. الجوائز العامة والمكافآت: من المتوقع أن تختلف المكافآت وتتنوع لتشمل كل الأنشطة الحيوية للشركة طبقا للهيكل التنظيمي والمستويات ونوعية النشاط. وفي كل الأحوال يجب أن تعبر المكافأة عن أثر تميز الفرد في نجاح الشركة ماديا, كما يجب أيضا أن تعبر عن تنامي روح الفريق, كما يجب أن تسهم في ترسيخ القيم داخل الشركة. ومن أمثلة الجوائز ما يلي: أ مكافأة مالية لأفضل في قسم/ إدارة/ مع زيارة بالخارج مثلا لرفع مستواه.... وهكذا.( نجاح مادي مباشر) ب مكافأة لأفضل الفرق الرياضية علي مستوي الشركة/ المجموعة.( روح الفريق) ج مكافأة مالية للعامل المثالي علي مستوي الشركة/ الادارة/ القسم.( ترسيخ القيم) وهكذا يتم تصميم الجوائز طبقا لخطة محكمة تتنامي ميزانيتها كلما تنامت ربحية الشركة. التخطيط للتحفيز: تقوم الادارة العليا بتعيين لجنة لهذه المهمة, كما يمكن الاستعانة بالمؤسسات الاستشارية المتخصصة في ذلك لوضع خطة التحفيز, وقواعد التقدير السنوي التي تتناسب مع الهيكل التنظيمي( وتشمل كل الأنشطة وليس أنشطة مختارة فقط). وكذا الآليات المنفذة لها. التطبيق: من المتوقع أن تطبق الشركات خطة التحفيز تدريجيا وعلي مراحل سنوية, ويختلف استكمال تطبيق الخطة من شركة إلي أخري طبقا لمدي استعداها الاداري والفني لتنفيذ الخطة والميزانيات المخصصة لها. المزيد من مقالات محمد فريد خميس