قفزة كبيرة ل الدولار الأمريكي اليوم الجمعة 11-7-2025.. وهبوط بقية العملات الأجنبية    وزير الري: عدد الشكاوى من المياه انخفض بشكل كبير للغاية الفترة الماضية    بحيرات صناعية وسدود، مشروعات تنموية كبرى بمدينة مرسى علم بتكلفة 640.5 مليون جنيه    نتنياهو: من المرجح أن نتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار خلال أيام قليلة    ترامب: حلفاؤنا في "الناتو" سيدفعون ثمن الأسلحة الأمريكية التي تتسلمها أوكرانيا    ترامب: كندا ستواجه رسومًا جمركية بنسبة 35% اعتبارًا من 1 أغسطس    إكرامي يفجر مفاجأة: وسام أبو علي مكمل مع الأهلي (فيديو)    رابط نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس 2025 الدور الأول.. تجاري وصناعي وزراعي وفندقي    السيطرة على حريق بورشة السكة الحديد بطريق الحسينية في الزقازيق    عمرو دياب يُحيي حفل في جدة.. ويغني ألبوم "ابتدينا" لأول مرة    ياسمين الخطيب للمطربين الراغبين في «التوبة»: «ما تتوب هو حد ماسكك؟»    آمال ماهر: «الأمومة حاجة حلوة وبتفرح لكن فيها تعب ومسؤولية»    نجم الأهلي لمصراوي: "زيزو ضربة موجعة للزمالك.. وخطأ كبير يسألون عنه"    «مش عايزين نقول الأهلي اللي عملك».. تعليق ناري من طارق يحيى بشأن أزمة وسام أبوعلي    حماس: تصريحات نتنياهو تؤكد نيته بوضع العراقيل .. وشهداء إثر قصف الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين    مسؤول إسرائيلي: اليورانيوم الإيراني نجا من الهجمات الأمريكية    في جولة داخل المبنى، حجم الأضرار بسنترال رمسيس بعد تجدد اشتعال النيران (فيديو وصور)    سائق توك توك يشرع في قتل زوج شقيقته بسبب مبلغ مالي بسوهاج    وفاة طالب هندسة إثر سقوطه من سيارة خلال نقل منقولات زفاف بالفيوم    «الطقس× أسبوع».. شديد الحرارة والرطوبة والأرصاد تحذر من الشبورة والرياح بالمحافظات    السيطرة على حريق في مصنع كيما أسوان    الأوقاف تفتتح 8 مساجد اليوم الجمعة ضمن خطتها لإعمار بيوت الله    تردد قناة MBC Action hd الناقلة لمباراة نهائي كأس العالم للأندية 2025    ممدوح عباس: المدير الرياضي المسؤول الأول والأخير عن الصفقات    الصحة: ولادة توأم ملتصق من الصدر والبطن بنجاح في مستشفى الفيوم العام    اختراق علمي، دواء يؤخر ظهور السكري من النوع الأول لسنوات    تنسيق الجامعات 2025، ضوابط وقواعد أداء اختبارات القدرات بكلية علوم الرياضة    "الإخوان المسلمون" : لا صلة لنا ب"حسم" ونلتزم بالعمل السلمي في مواجهة الانقلاب    باسم مرسي: فيريرا كان له دور كبير في مسيرتي وتعرضت للظلم مع المنتخب    أول تعليق من وائل القباني بعد غيابه عن تكريم الزمالك للرمادي وجهازه    سجل الآن، موقع التنسيق يفتح باب التسجيل لاختبارات القدرات    عاجل.. " المركزي "يثبت أسعار الفائدة لدعم استقرار التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي.. البيان كاملًا    منة عرفة تنشر إطلالات جريئة مختلفة على البحر من إجازتها الصيفية والجمهور يعلق    الجبهة الوطنية بالبحيرة يناقش استعدادات الحزب لانتخابات مجلس الشيوخ    «الوطنية للصحافة»: بدل التدريب والتكنولوجيا عن شهر يولية 2025 الاثنين المقبل    طريقة عمل البان كيك، لإفطار خفيف ومغذي في الصيف    نجاح ولادة نادرة لتوأمين ملتصقين بمستشفى الفيوم العام    وزير الري: مصر تأثرت بملء السد الإثيوبي والأمطار خففت حدة الأزمة    سعر البطيخ والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الجمعة 11 يوليو 2025    انطلاق معرض «ديارنا» للمنتجات البيئية اليدوية في مطروح.. صور    أخبار × 24 ساعة.. البنك المركزى يقرر تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض    مدحت العدل يحيي ذكرى وفاة شقيقه سامي العدل ب"قصيدة حب"    لماذا حرم الله الربا؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم من حج ولم يزر قبر النبي صلى الله عليه وسلم .. أمين الفتوى يٌجيب    لبنان.. توغل جرافات إسرائيلية جنوب بلدة عديسة    "بيان حسم".. محاولة بث الحياة في تنظيم ميت    مجلس إدارة الزمالك يشكر الجنايني وإمام وميدو    ذعر جديد في رمسيس.. حريق جزئي داخل السنترال يعيد كابوس الانقطاع    رسميا بعد قرار المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 11 يوليو 2025    طائرات بدون طيار وصواريخ.. القصف الروسى لأوكرانيا عرض مستمر    ما حكم إفشاء الأسرار الزوجية؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    خالد الجندي: إذا خاطب الله عبده يوم القيامة فهو في دائرة الأمن والأمان    ساويرس و3 آخرين .. هؤلاء يملكون ثروة تعادل ممتلكات نصف سكان القارة السمراء    لماذا نحتاج إلى الثقافة (9).. عندما تغيب ثقافتنا نتوهم فوز الآخر    «بعد 25 سنة بالقائمة الحمراء».. القصة الكاملة لإعادة موقع أبو مينا الأثري لسجل التراث العالمي باليونسكو    خبير اقتصادي صيني: تسريبات ترامب "دعائية".. والصين ترفض الهزيمة الروسية    تعزز صحة الكبد- 3 توابل أضفها إلى طعامك    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر والحرية الاقتصادية
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 11 - 2009

رغم أن العالم لا يزال يعانى من آثار الأزمة المالية والاقتصادية، التى فجرتها ممارسات الحرية المصرفية، والافتقار إلى الضوابط فى بعض جوانب القطاع المالى، ورغم أن تدخل الدولة على وجه التحديد من خلال مساندتها للقطاع المالى أو ضخ إنفاق استثمارى قد حد من تداعيات تلك الأزمة فى دول العالم المختلفة، فإن التقارير الصادرة عن بعض المؤسسات الدولية ما زالت تطالب دولا مثل مصر بالمزيد من الحرية الاقتصادية والتقليص لدور الدولة، كسبيل للتقدم.
فقد نظم مركز معلومات مجلس الوزراء فى منتصف أكتوبر الجارى ورشة عمل بعنوان «الحرية الاقتصادية فى مصر.. الواقع والمستقبل»، وذلك بالتعاون مع كل من معهد فريزر الكندى ومعهد كاتو الأمريكى. وتم توجيه الدعوة لعدد كبير من الاقتصاديين المصريين للمشاركة فى تلك الورشة، التى تحددت أهدافها فى مناقشة الوضع الراهن للحرية الاقتصادية فى مصر وإعداد تقرير نهائى يتضمن تقديم توصيات لصانعى القرار.
وتبين خلال الجلسة الافتتاحية أن المناقشات والتوصيات تتعلق فى واقع الأمر بترتيب مصر فى تقرير «الحرية الاقتصادية فى العالم»، الذى يصدره معهد فريزر الكندى.
وقد بدا واضحا منذ اللحظة الأولى أن التقرير يقوم على مبدأين، أولهما أن الحرية الاقتصادية المطلقة هى السبيل للتقدم والرخاء الاقتصادى، وثانيهما أن تدخل الدولة فى الحياة الاقتصادية هو شر فى ذاته. فدور الدولة يجب أن يقتصر فقط على تأمين حرية التملك والتصرف فى الملكية، باعتبار أن هذا هو جوهر الحرية الاقتصادية.
ومما لاشك فيه أن الترويج لمفهوم الحرية الاقتصادية المطلقة على هذا النحو قد جاء صادما ومثيرا لدهشة الاقتصاديين المشاركين على اختلاف مدارسهم الفكرية وتوجهاتهم السياسية. فالعالم لا يزال يعانى من آثار الأزمة المالية والاقتصادية، التى فجرتها ممارسات الحرية المصرفية المطلقة، كما أن تدخل الدولة على وجه التحديد مثل شبكة الإنقاذ الرئيسية للحد من تداعيات تلك الأزمة فى دول العالم المختلفة.
إلا أن تفاصيل التقرير كانت تحوى فى واقع الأمر قدرا أكبر من الاستفزاز، سواء تعلق الأمر بطبيعة المؤشرات المستخدمة أو التوصيات التى يمكن استنباطها من تلك المؤشرات.
مؤشرات قياس درجة الحرية الاقتصادية
يقوم التقرير بقياس وتقييم درجة الحرية الاقتصادية فى الدولة استنادا إلى خمسة محاور رئيسية:
1 حجم الحكومة: فكلما كان حجم الإنفاق الحكومى الجارى والاستثمارى كبيرا كان هذا مؤشرا سلبيا باعتباره دليلا على تدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى.
2 النظام القانونى وحماية حق الملكية: فكلما كان النظام القانونى والقضائى يفتقر إلى الكفاءة وسرعة البت فى القضايا المتعلقة بحرية التملك وحماية حق الملكية كلما كان هذا مؤشرا سلبيا.
3 استقرار قيمة العملة المحلية: حيث إن انخفاض واستقرار معدلات التضخم من ناحية واستقرار سعر الصرف من ناحية أخرى يعدان شرطا لحماية الملكية من التآكل.
4 حرية التبادل التجارى (البيع والشراء وإبرام العقود.. إلخ) مع العالم الخارجى.
5 الضوابط المنظمة للائتمان والعمالة ومناخ الأعمال: فكلما تزايدت تلك الضوابط كان هذا مؤشرا سلبيا.
التقييم الممنوح لمصر والإجراءات المطلوبة
يرى التقرير أن مصر حققت انجازا كبيرا على طريق الحرية الاقتصادية، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من الجهد المطلوب لزيادة درجة تلك الحرية، لذلك فهو يدعو الحكومة إلى عدد من الإجراءات تتضمن رفع كفاءة النظام القانونى والقضائى فيما يتعلق بحماية حقوق الملكية والقدرة على تنفيذ الأحكام، والمواجهة الفعالة لمشكلة التضخم، وتحسين مناخ الأعمال ومواجهة العراقيل البيروقراطية والرشوة فيما يتعلق باستخراج التراخيص وبدء ممارسة العمل لاسيما فيما يتعلق بالمشروعات الصغيرة.
إلا أنه بالإضافة إلى تلك الإجراءات، التى لاقت قبولا عاما من المشاركين فى ورشة العمل، دعا التقرير أيضا إلى ما يلى:
تخفيض الإنفاق على كل من الدعم والاستثمار العام كنسبة من الناتج المحلى، وتنشيط برنامج الخصخصة، وذلك كوسيلة لتخفيض حجم التدخل الحكومى فى النشاط الاقتصادى (علما بأن مؤشرات التقرير توضح أن تدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى فى مصر أقل المتوسط العالمى).
خفض معدلات التعريفة الجمركية والتباين بين مستوياتها كوسيلة لزيادة حرية التبادل التجارى مع العالم الخارجى (علما بأن مؤشرات التقرير توضح أن مستوى تلك الحرية فى مصر يماثل المتوسط العالمى).
تخفيض نسبة الملكية العامة فى الجهاز المصرفى والسماح بزيادة وجود البنوك الأجنبية (علما بأن البنوك الأجنبية تمثل حاليا ما لا يقل عن 35% من أصول الجهاز المصرفى المصرى).
إلغاء القيود القانونية على حرية صاحب العمل فى الاستغناء عن العمالة، وتخفيض حصة صاحب العمل فى التأمينات الاجتماعية على العاملين وتعويضات الفصل من العمل.
ويعنى هذا أن المطروح علينا خلال المرحة القادمة هو فى كلمة واحدة المزيد من انحسار دور الدولة، وإطلاق حرية رجال الأعمال فى مواجهة كل من العامل والمستهلك.
إلا أن الجلسة الختامية لورشة العمل قد أوضحت بما لا يدع مجالا للشك عدم تقبل المشاركين، على تباين اتجاهاتهم الفكرية، لتلك الإجراءات المقترحة، سواء كان موقفهم هو الرفض الصريح أو إبداء التحفظ كحد أدنى.
فقد أكدت التقارير التى أعدها المشاركون على رفض مفهوم الحرية الاقتصادية المطلقة، وأشارت إلى أن تجربة دول جنوب شرق آسيا توضح أنه لا يوجد تناقض حتمى بين دور الدولة ودور السوق. فالدولة لها دور فى إعادة توزيع الدخل (ومن هنا أهمية الدعم من ناحية والضرائب التصاعدية على الدخول من ناحية أخرى)، كما أنه لابد من دولة قوية لتقوم بالاستثمار فى المرافق والتعليم والإسكان والصحة فى الأقاليم وتوفير الحوافز على الاستثمار فى تلك المناطق.
كما أكدت تقارير المشاركين أن مصر قد قطعت شوطا كبيرا بالفعل فى تحرير التجارة الخارجية خلال الفترة 2000 2006 دون أن يرتبط هذا بالضرورة بزيادة معدلات التراكم الرأسمالى. لذا فإن الموقف من حرية التجارة يتمثل فى أنه من حيث المبدأ لا يمكن الانعزال عن العالم إلا أنه لا يمكن القفز مباشرة إلى حرية التجارة دون تصحيح الهياكل الإنتاجية ودون سياسة وطنية للبحث والتطوير.
وأوضح المشاركون أن تنافسية الجهاز المصرفى المصرى لا ترتبط بالضرورة بزيادة نصيب البنوك الأجنبية، لاسيما وأن تلك البنوك تستحوذ بالفعل على ما لا يقل عن 35% من جملة النشاط المصرفى، وأن المطلوب هو تدعيم قدرة البنوك على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
أما فيما يتعلق بالإجراءات المقترحة فى شأن سوق العمل فقد أكد المشاركون أن تنظيم تلك السوق يجب أن يحقق التوازن بين جميع الأطراف ذات المصلحة: صاحب العمل، والعامل، والمستهلك. لذا فإن حرية صاحب العمل فى الاستغناء عن العمالة يجب أن يسبقها وجود حد أدنى عادل للأجور ونقابات مستقلة قوية قادرة على إدارة التفاوض الجماعى ونظام للتأمين ضد البطالة، وجميعها شروط لا تتوافر فى سوق العمل المصرية.
مرة أخرى تتأكد أهمية التعامل الحذر مع التقارير الدولية الصادرة عن مؤسسات تتبنى مفاهيم للحرية الاقتصادية أسفرت على أرض الواقع عن أزمة مالية واقتصادية عالمية لا يزال العالم يعانى من تداعياتها. وتمثل تلك التقارير نظرة غير واقعية للمجتمع والوضع الاقتصادى المصرى وتهمل أى مظهر للعدالة فى توزيع الناتج بل تكرس لمزيد من تركز الثروة واختلال موازين القوى لصالح أصحاب الأعمال على حساب القاعدة العريضة من العاملين والمستهلكين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.