يظل استهداف الكنائس فى مصر، هو الورقة الخاسرة التى تسعى قوى الإرهاب دائما الى اللعب بها، باعتبارها المفتاح السحرى لتفجير صراع طائفى فى بلد لم يعرف على مدار تاريخه الطويل أى شكل من اشكال التمييز للون الى دين او عرق. فى مطلع يناير من العام 2011 استهدفت قوى الإرهاب كنيسة القديسين فى الإسكندرية بتفجير كبير اسفر عن سقوط عشرات من الضحايا، فى رسالة بدت مباشرة، اذ كانت تستهدف الإيحاء للعالم الغربى بأن النظام فى مصر أصبح غير قادر على حماية الأقلية الدينية، وهو المعنى ذاته التى سعت قوى الإرهاب الى تأكيده على مدار سنوات بلغت ذروتها اثناء فترة حكم جماعة الاخوان، وهى الفترة التى شهدت اكبر موجة من الاعتداءات على الكنائس فى مصر، قبل ان يكشر الإرهاب عن انيابه مجددا فى ديسمبر من العام الماضي، باستهداف الكنيسة البطرسية المجاورة للكاتدرائية المرقصية بالعباسية، وقبل نحو أسبوعين من الاحتفال باعياد الميلاد، فى رسالة جديدة، مفادها أن الإرهاب يستطيع ان يصل الى أكبر رأس فى الكنيسة المصرية، إذا ما أراد ذلك، وهى الرسالة التى رد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسى ليس فقط بإعادة تأهيل الكنيسة التى استهدفتها العملية الإرهابية، وترميم ما أفسده التفجير فى معمارها الفريد، وانما بالتوجه الى الكاتدرائية ليلة العيد، لتهنئة الاقباط باعياد الميلاد. لم تمر سوى أشهر قليلة على حادث الكنيسة البطرسية حتى أعلنت قوى الإرهاب عن وجودها مجددا فى طنطاوالإسكندرية بعملية مزدوجة، استهدفت كنيستى «مار جرجس» فى طنطا و»المرقسية» بالإسكندرية فى يوم واحد، قبل أن يتوجه الإرهاب شرقا بعد شهور قليلة ليستهدف مسجد الروضة فى احدى القرى التابعة لمدينة بئر العبد فى سيناء، فى عملية جديدة لم تخل من بعد طائفي، اذ كان هذا المسجد يعد ملتقى لإحدى اكبر جماعات التصوف فى سيناء. لا يغيب الهدف الطائفى ابدا عن كل العمليات التى استهدفت بها قوى الإرهاب دور العبادة فى مصر، منذ ثمانينيات القرن الماضي، بدءا من احداث الزاوية الحمراء التى جرت فى مطلع الثمانينات، وأسفرت عن مقتل اكثر من ثمانين مسيحيا، فى واحدة من اكبر حوادث العنف الطائفى فى البلاد، وهى الحادثة التى طالما فشلت قوى الإرهاب فى استنساخها على مدار عقود، قبل ان تلجأ مؤخرا الى تأليب الاقباط على الدولة، بإظهار الأخيرة فى صورة العاجزة عن حمايتهم، وهو ما ردت عليه امس أجهزة الأمن بقوة، عندما اجهضت عملية كبري، كانت تستهدف بالأساس نكأ الجرح القبطى فى ليلة عيد الميلاد.