لا أظن أن أمريكا على طول تاريخ انحيازها المطلق لإسرائيل تجاوزت المدى بمثل ما وقع فى الأيام الأخيرة بعد صدمة الوعد المشئوم بإعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل حيث أبدت واشنطن استهتارا بالغا بالإرادة الدولية والقانون الدولى والضمير العالمى واستهزأت باصطفاف 14 عضوا بمجلس الأمن الدولى وأغلبية كاسحة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل. تجاوزت أمريكا المدى فى حدة العناد والتباهى بالقدرة على نصرة الظالم وقهر المظلوم والخلط بين بطلان حجية الأمر الواقع وقصور آليات تنفيذ الشرعية الدولية لنسج قصص وروايات من خيوط أساطير قديمة لستر عورة انكشاف الفجور الفاضح فى عمق انحيازها للباطل على حساب الحق الفلسطينى الواضح تاريخيا وقانونيا وإنسانيا. وليس أسخف من أن يقيم الرئيس الأمريكى حفلا فى اليوم التالى لإصدار وعده المشئوم لإحياء أحد الأعياد اليهودية «الحانوكا» فى خلط معيب لا يليق بدولة عظمى أن يغيب عنها خطورة الخلط بين العقائد الدينية والسياسات الاستيطانية وما يمكن أن يترتب على ذلك من إزالة الخطوط الفاصلة بين العقائد الدينية والغايات الدنيوية والذهاب إلى صراعات حضارية مدمرة! وأشعر بالفخر كمصرى ينتمى لدولة لم تعبأ بالتهديد والوعيد وقادت فى المحافل الدولية قاطرة الرفض والاحتجاج بالوسائل الدبلوماسية المشروعة.. ومبعث فخرى أننى أعرف بحكم دروس التاريخ أن أصعب المواقف فى الأزمات دائما هى مواقف الالتزام بالمبادى بصرف النظر عن حسابات السياسة والمصالح! لقد جاءت أزمة القدس لتخرس كل ألسنة الإفك حول تراجع دور مصر ولتؤكد مجددا أن مصر تعرف حدود دورها وأنها مازالت وفية لثوابتها ليس بمجرد الحماس اللفظى والإنشائى من أجل حشد الصفوف وإنما بقوة الحجة التى تضمن عدم انفراط الصفوف وتنظيم حركتها وزحفها نحو أهدافها المشروعة بخطى رزينة ومدروسة وواعية! خير الكلام: مهما جاوز الظالمون المدى فالحق أقوى ! [email protected] [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله