رواية «الجراد الأبيض وثلاث مومياوات أعلى النهر»، الصادرة عن دار بورصة الكتب، هى العمل الرابع للأديب «صلاح مطر»؛ بعد مجموعته «أحلام فقيرة» وروايات «نمل وفتات» و«الجسر الأزرق» التى طبعت مرتين، وهى أول جزء من ثلاثية، والثانى هو «الجراد الأبيض» هذه. ويعكف مطر على كتابة الثالث الآن. وتدور الرواية فى «أرض القمر» أو «دات نادو»، وهى جزيرة متخيلة يعبد أهلها القمر، ويسجنون من يخالفهم فى الديانة، أو من يدعو إلى أى دين سماوي، وفى جهة الغرب منها جزيرة أخرى متخيلة أيضاً، يعبد أهلها الشمس اسمها «أرض الشمس» أو «دات مادي»، ولاختلاف العقيدتين ينشأ صراع بين الجزيرتين؛ ما يمثل إسقاطاً على حملات الاستعمار التى يشنها الغرب على دول الشرق، سواء الاستعمار بالجيوش أو استعمار ثقافي. واختار الكاتب لطوفان الجراد الذى يغزو أرض القمر اللون الأبيض دلالةً على زعم سكان أرض الشمس أصحاب البشرة البيضاء، أنهم يريدون نشر السلام والديمقراطية فى أرض القمر، بينما لا يجلبون إلا الخراب، ويفرضون ثقافتهم، وينهبون ثروات الآخر، فلا يكون أمام سكان أرض القمر إلا التوحد لمواجهة خطر الجراد الأبيض، فيتجمعون فى نهاية الرواية عند النهر، رمز الحياة المتجددة، ويكتشفون ثلاث مومياوات فى وضع السجود فى أعلى جبل عاشوا قروناً يخشون الصعود إليه لإيمانهم بأن الشيطان يسكنه، ليكتشفوا أن الماء ينبع من عند رءوس المومياوات، ويتفرع لثلاثة روافد، ليتجمع مرة أخرى فى مجرى واحد. ويرمز الكاتب بالروافد للديانات السماوية الثلاث التى تعود فى أصلها إلى الله الذى أرسل الأنبياء والرسل، وإذا رحل الرسل بأجسادهم فرسالاتهم باقية، وهى خلاصهم وسر تدفق نهرها. وفى مشهدها الختامى تستشرف «الجراد الأبيض» مستقبل المنطقة العربية والشرق الأوسط، حيث يتجمع الناس متطلعين بخوف إلى جحافل الجراد التى غطت سماء الجزيرة، بينما ملأت الأرض والجو سحابات دخان كثيفة نتيجة النيران التى أشعلها المتطرفون من أهل الجزيرة، ويوجز بطل الرواية المشهد بقوله: »زكمت أنوفَنا رائحةُ دخان نيران أشعلها المتناحرون فى القري، دخان متصاعد يظن من يراه أنه لصد الجراد الأبيض، لكنه يثير شهيته أكثر للهجوم واحتلال السماء من فوقنا».