لابد أن نشير إلى أن اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكيةبالقدس عاصمة لإسرائيل وكذلك قرار نقل السفارة الامريكية إلى القدس قد تم اتخاذه منذ عدة سنوات، ولكن الجديد اليوم انه تم اتخاذ القرار بالرغم من أن معظم رؤساء أمريكا لم يجرؤوا على اتخاذ أى إجراءات فعلية أو إدارية لتنفيذ هذه القرارات وذلك خوفا من رد الفعل العربى و العالمى لمخالفة هذه القرارات كلا من قواعد القانون الدولى بصفة عامة، وقواعد القانون الدولى لحقوق الإنسان، وقواعد القانون الدولى الإنسانى خاصة فى الاتفاقية الرابعة من اتفاقيات جنيف 1949 الخاصة بحماية المدنيين تحت الاحتلال بصفة خاصة هذا علاوة على مخالفة هذا القرار القرارات التى اصدرتها المنظمات الدولية بشأن القدس وحماية وضعها وهويتها، وعلى سبيل المثال فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت (27) قرارا كان آخرها القرار 71/96 بتاريخ 6/12/2016، وهذا علاوة على قرارات بدأت بالقرار 181 عام 1947 بتقسيم فلسطين تحت الانتداب البريطانى والتى شاركت فيه ووافقت عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية والذى وضع للقدس وضعية خاصة، وهذا علاوة على (26) قرارا لمجلس الأمن وآخرها القرار 2334 فى 23/12/2016، و(6) قرارات لليونسكو وآخرها القرار رقم 25/2000 والصادر فى 13/10/2016 وغير ذلك من قرارات من المنظمات الدولية والاقليمية الأخري، وهذا معناه أن المجتمع الدولى ضد قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارات الأجنبية لها، وذلك من الناحية القانونية والسياسية والإنسانية على الأقل . إن ما قام به الرئيس ترامب هو أنه أعلن بدء إجراءات تنفيذ هذه القرارات ونقل السفارة وهذا ما سيستغرق فى توقعات المتخصصين نحو خمس سنوات، وهذا يثير التساؤل هل الرئيس الأمريكى جاد أم يحاول أن يمتص بعض المشكلات التى يواجهها فى أمريكا وكذلك لدعم رئيس الحكومة الإسرائيلية نيتانياهو الذى يواجه أيضا فى هذه المرحلة مشاكل داخل اسرائيل ومن أهمها اتهامه بالفساد. ولابد أن نشير إلى أن الكونجرس الأمريكى قد أقر قانونا امريكيا معروفا باسم «سفارة القدس» فى 23 أكتوبر 1995 وذلك لتحويل عملية نقل السفارة الأمريكية فى اسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وقد أشار القانون إلى أن الرئيس الأمريكى له الحق فى تأجيل النقل ستة أشهر وأن يبلغ الكونجرس بذلك قبل انتهاء المدة لمصلحة الولاياتالمتحدة، ولابد من أن نتذكر أن معظم الرؤساء الأمريكيين فى خطاباتهم الانتخابية تعهدوا منذ عام 1995 بأنهم سيقومون بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وكان من أسباب عدم التنفيذ أن اعتبر قراراً تنفيذياً ومن ثم لا يجوز للكونجرس أن يتدخل فى أعمال السلطة التنفيذية وإذا تم تنفيذه فإنه يؤدى إلى خلل فى المنظومة الدستورية مما يهدد النظام الأمريكى . ولكن يثور التساؤل ماهو الإجراء القادم لمواجهة قرار الرئيس ترامب بالبدء بانتقال السفارة الأمريكية إلى القدس وهو كالآتى : أولاً- اللجوء للقضاء المحلى الأمريكى لالغاء القانون الامريكى الذى أقره الكونجرس فى 23 أكتوبر 1995 للبدء فورا فى تحويل عملية نقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس فى موعد لا يتجاوز 31 مايو 1999 وهذا القانون الأمريكى المسمى قانون «سفارة القدس» لم يحو عملا شرعياً بل حوى عملا تنفيذيا ومن ثم يمكن الطعن عليه لهذا السبب ثانياً- اللجوء إلى المنظمات الدولية الاقليمية والأممالمتحدة لان الولاياتالمتحدةالأمريكية تخالف قواعد القانون الدولى وقرارات الأممالمتحدة سواء الجمعية العامة أو مجلس الأمن مما ينتهك المحافظة على السلم والأمن الدوليين وكما نعرف فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية هى من الأعضاء الدائمة فى مجلس الأمن ولها حق الاعتراض على أى قرار ولكن لتفادى ذلك يمكن تحويل هذا الموضوع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ونقوم بإحياء مبدأ الاتحاد من أجل السلم الذى يمكن الجمعية العامة من تناول موضوع من موضوعات مجلس الأمن إذا كان هناك ما يجعل صعوبة فى الوصول لقرار لمجلس الأمن . ثالثا- لابد من أن نتمسك بحرفية بيان الرئيس الأمريكى حيث إنه أشار إلى بدء نقل السفارة للقدس ولم يشر من قريب أو بعيد إلى القدس الموحدة ومن ثم لا يجوز المساس بالقدسالشرقية فى هذا النقل الذى لن يتم وفقا للمتخصصين قبل خمس سنوات . رابعاً- إذا كان الرئيس الأمريكى قد تحدث عن حل المشكلة المزمنة وهى المشكلة الفلسطينية سواء كان ذلك من خلال «دولتين» أو غير ذلك فلابد أن يؤجل تقرير مصير القدس ليكون من ضمن الحل النهائى للمشكلة الفلسطينية وجزء منه ولا يتم المساس به مستقبلاً. واخيرا- فإن هذا التصرف يضع الرئيس ترامب تحت طائلة الجرائم ضد الإنسانية فى دعمه انتهاك قواعد أساسية من القانون الدولى الإنسانى وهى نصوص اتفاقية جنيف الرابعة وان يخالف بنودها فى عدم احترام هوية القدس وأبنائها وكذلك عدم احترام قيمتها التاريخية والدينية. لمزيد من مقالات ◀ د. نبيل أحمد حلمى