يصب الرئيس الأمريكى المزيد من الزيت على النار المشتعلة فى منطقة الشرق الأوسط والعالم العربى عندما يقرر الاعتراف بالقدس العربية المحتلة عاصمة لإسرائيل أو نقل السفارة الأمريكية إليها سواء تم ذلك فورا أو بعد عدة أشهر. ويتجاهل أو لايقدر الرئيس الأمريكى ردود الأفعال العربية والإسلامية تجاه مثل هذا القرار إن صدر الذى يتجاهل جميع المواثيق الدولية والاتفاقيات الخاصة بوضع مدينة القدس منذ حرب 1967، وحتى الآن فضلا عن أن انتهاكه وتعارضه مع قرارات الأممالمتحدة فى هذا الصدد. وربما لايعرف الرئيس الأمريكى ومن حوله من مستشارين أن للقدس وضعا خاصا جدا فى قلوب كل المسلمين والعرب ليس لأنها مدينة عربية الهوية منذ أكثر من 5 آلاف عام فقط، ولكن لأن رسول الإسلام الكريم صلى الله عليه وسلم صلى فى البداية وصلى معه المسلمون وقبلتهم تجاه المسجد الأقصى فى القدس، حتى أمره ربه بالتوجه فى الصلاة تجاه المسجد الحرام والكعبة المشرفة، ثم أن المسجد الأقصى صلى به رسول الله وأم كل الأنبياء فى رحلة الإسراء والمعراج. وردود الأفعال تجاه قرار مثل هذا سوف تتجاوز المنطقة العربية وتمتد من إندونيسيا وماليزيا إلى المسلمين فى أوروبا والولايات المتحدة ذاتها ولن تقتصر على الفلسطينيين والدول العربية وقد كان الرئيس عبدالفتاح السيسى محقا فى تحذيره للرئيس ترامب خلال المكالمة الهاتفية، التى جرت بينهما أمس الأول فى هذا الشأن مطالبا الإدارة الأمريكية بضرورة العمل على تجنب المزيد من تعقيد الوضع فى المنطقة وليس من خلال إجراءات من شأنها أن تقوض فرص السلام فى الشرق الأوسط، ولم يكن الرئيس السيسى وحده الذى حذر ترامب من تداعيات قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أو الاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل، ولكن عددا كبيرا من الزعماء العرب أيضا حذروا الرئيس الأمريكي، حيث أبلغ الملك سلمان بن عبدالعزيز عاهل المملكة العربية السعودية ترامب بأن «أى إعلان أمريكى بشأن وضع القدس قبل الوصول إلى تسوية نهائية، سوف يضر مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويزيد من التوتر فى المنطقة، كما أن من شأن مثل هذه الخطوة الخطيرة أن تستفز مشاعر المسلمين حول العالم نظرا لمكانة القدس العظيمة والمسجد الأقصى القبلة الأولى للمسلمين». وكذلك فعل الرئيس الفلسطينى محمود عباس والعاهل الأردنى الملك عبدالله. وإن كان ترامب قد وعد اليهود خلال حملته الانتخابية للرئاسة بمثل هذا القرار للحصول على أصواتهم، فإنه لم يكن الرئيس الأمريكى الأول أو الوحيد الذى يفعل ذلك، ومن قبله «وعد» رؤساء ومرشحون آخرون اليهود بذلك، ولكن عندما دخلوا البيت لأبيض، وأدركوا الحقائق على الأرض واستمعوا للمستشارين والزعماء العرب، فإنهم لم يجرءوا على اتخاذ القرار أو تنفيذ «وعودهم» الانتخابية! لمزيد من مقالات رأى الأهرام